قادة «الأحزاب والفصائل» السودانية: جئنا إلى «القاهرة» لرأب الصدع الداخلى.. والاتفاق قوة يرتكز عليها الشعب السودانى للم الشمل
«الميرغنى»: شعارنا القوة فى الوحدة ومصر شهدت الاتفاق الأول منذ 69 عاما
وصف قيادات الأحزاب والفصائل الاتحادية السودانية التوقيع على اتفاق «إعلان الوحدة الاتحادية التنسيقية»، تحت رعاية محمد عثمان الميرغنى، أحد أقطاب الحركة السياسية السودانية فى القاهرة أمس الأول، على أنه «بداية لحل الأزمات السودانية»، مؤكدين أن «لم الشمل» سيمثل قوة أساسية يرتكز عليها الشعب السودانى لرأب الصدع الداخلى.
ويعتبر الحزب الاتحادى الديمقراطى السودانى أحد قطبى الحياة السياسية السودانية مع حزب «الأمة»، وأحد أقدم الأحزاب السودانية التى لها وجود فى الشارع السودانى، لكنه عانى انقسامات فى الفترة الماضية، أدت لانفصال عدد من قياداته ليشكلوا فصائل وأحزاباً أخرى بعيداً عن «الحزب الأم»، ليشكل الاتفاق الذى احتضنته القاهرة نواة للتنسيق بينهما، تمهيداً لـ«الوحدة الاندماجية».
وقال جعفر الصادق الميرغنى، نائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى الأصل، إن تجمع قيادات الأحزاب والفصائل الاتحادية فى «القاهرة» لتحقيق الوحدة التنسيقية تمهيداً لـ«الوحدة الاندماجية» تحت لواء الحزب الاتحادى الديمقراطى، كحزب موحد، هو أمل كبير لأمن واستقرار السودان، مشيراً إلى أن أول وحدة لـ«الحزب الاتحادى» جرى الاتفاق عليها أيضاً على أرض مصر منذ قرابة 69 عاماً، وتحديداً فى عام 1953، وهو ما مهد لاستقلال السودان عن الاحتلال البريطانى، وتحقيق أمن واستقرار السودان لفترة طويلة من الزمان.
وأضاف «الميرغنى»، فى تصريح خاص لـ«الوطن»، أن «القوة فى الوحدة»، هو الشعار الذى استقر قيادات الأحزاب والفصائل الاتحادية، على اتخاذه لتنسيق تحركاتهم فى المرحلة المقبلة، مضيفاً: «هى خطوة قوية جداً ومهمة ومؤثرة لانطلاق الأحزاب لتفضى إلى وحدة نهائية وكلية بإذن الله».
وأكد نائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى الأصل أن «قوة الحزب من قوة السودان، وقوة السودان من قوة الحزب، وتدعيماً لقوة المنطقة كلها»، وأن الدور المهم والفعال للحزب بعد تأسيسه، هو الذى أدى إلى الاستقلال عن الاحتلال البريطانى. وأردف أن خروج المبادرة وتبنيها من محمد عثمان الميرغنى، أحد أقطاب الحركة السياسية السودانية، ستمثل صمام أمان لـ«الخرطوم»، وستخرجه من الأزمة الكبيرة التى تمر بها البلاد حالياً، تمهيداً للوفاق بين أبناء الوطن لحوار «سودانى - سودانى» يفضى إلى إعادة النظر فى المناخ السياسى الحالى، ويأتى بالخير للوطن والمواطنين.
وأوضح أن «الوحدة» ستدعم تحقيق الانتخابات المقبلة، ومرحلة ما بعد الانتخابات وما قبلها، مؤكداً أن «التحرك الاتحادى» لا ينظر إلى مصالح أحزاب منفردة، ولكن للمصلحة الوطنية بصورة عامة.
ونص إعلان «الوحدة التنسيقية للأحزاب والفصائل الاتحادية السودانية»، على أن يأتى «تلبية لتطلعات وأشواق جماهير حزب الحركة الوطنية السودانية، وامتثالاً لإرادة ورغبات الشعب السودانى عامة، ووفاء لأرواح ودماء شهداء الثورات السودانية، وشهداء ثورة ديسمبر المجيدة والحركة الاتحادية خاصة». كما يتضمن الاتفاق على تجاوز مرارات الخلافات، واستكمالاً لجولات الحوار المستمرة بين الأحزاب والفصائل الاتحادية، ما يسفر عن تشكيل لجنة تنسيقية عليا لإدارة العمل الحزبى المشترك، تتكوّن من ممثلى الأحزاب والفصائل الاتحادية، لتطوف ولايات السودان للتواصل مع الجماهير والقيادات لـ«التبشير بالوحدة»، والاحتشاد حول القضايا الوطنية، مع إنشاء لجان بالولايات المختلفة.
من جانبه، أكد السفير دكتور أيمن زكريا، القيادى فى الحزب الاتحادى الديمقراطى المسجل، وقنصل عام السودان الأسبق بالإسكندرية، أن اتفاق الوحدة الاتحادية التنسيقية بمثابة بداية لحل أزمة السودان، مؤكداً قوة وتأثير الحزب الاتحادى الديمقراطى فى السودان، باعتباره صانع الاستقلال منذ خمسينات القرن الماضى.
وأضاف «زكريا»، فى تصريح لـ«الوطن»، أنه حدثت أشياء كثيرة جداً خلال العهود السابقة، أدت إلى تصدَّع الحزب، و«آن أوان الوحدة حالياً»، وأوضح القيادى فى الحزب الاتحادى الديمقراطى المُسجل، أن اللجنة التنسيقية للحزب الاتحادى الديمقراطى، ستواصل العمل لقرابة عام، حتى التوصل لـ«الوحدة الاندماجية» المكتملة، وتعود كل الفصائل والأحزاب الاتحادية تحت مسمى الحزب الاتحادى الديمقراطى.
ووصف «زكريا» تحرك الأحزاب السياسية والفصائل الاتحادية نحو «الوحدة»، بأنه خطوة للجاهزية للانتخابات، موضحاً أنه بنهاية الفترة الانتقالية الحالية، ومع إجراء انتخابات، ودخول «الحزب الاتحادى الديمقراطى» لها بشكل موحد، ستكون جاهزة ومؤهلة لدخول الانتخابات المختلفة. وشدد على أن الوحدة بين أطياف القوة السياسية الاتحادية السودانية المختلفة، ستلعب دوراً مهماً جداً فى «حل الأزمة السودانية»، وأن الحزب الاتحادى الديمقراطى هو تاريخياً حزب الشارع والميدان، وأضاف: «هو باختصار شديد جداً السودان المُصغر».
ومن المقرر، بحسب اتفاق الفصائل الاتحادية السودانية، أن تعمل «اللجنة التنسيقية العليا» على التواصل مع القوة السياسية والمجتمعية الفاعلة، وحركات الكفاح المسلح، فيما يحقق المصالح الوطنية العليا للبلاد، والعمل على حشد وتفجير طاقات الشباب والمرأة السودانية، ليؤديا دورهما المنشود فى العمل الوطنى والحزبى.
«الحسين»: نخشى على الوطن من تحلّل مؤسساته بفعل أطراف خارجية.. وخلافات الماضى لم تكن جوهرية
وقال يحيى الحسين، رئيس حزب «البعث» السودانى، أحد الأحزاب المُشاركة فى مؤتمر «الوحدة»، إن هذا المؤتمر هو «محاولة للم الشمل»، مؤكداً أن خلافات الماضى لم تكن جوهرية، وأنها حدثت بين أفراد الحزب الاتحادى الديمقراطى خلال أنظمة سابقة، لم تكن تنظر لمصلحة الحزب أو حتى السودان ولكن لمصالح حزبية أخرى أو مصالح شخصية، ولكن الآن تحدث الوحدة التى هى فى مصلحة السودان، و«نحن سعداء جداً بما تحقق فى القاهرة».
وعن خطوات التحرك المقبلة، قال رئيس حزب «البعث» السودانى، فى تصريح لـ«الوطن»، إنهم يتمنون أن تكون الخطوة المقبلة هى الوحدة للحركة السياسية السودانية بالكامل، عبر برامج للتعاون المشترك، والتنسيق لمواجهة مختلف التحديات التى تواجه الوطن، بما يضمن تأسيس «مرحلة ما بعد الانتقال» التى يعيشها السودان حالياً بشكل جيد، مشدداً على أنهم مع مؤسسات الدولة السودانية والحفاظ عليها، ويخشون على السودان من تحلل مؤسساته بفعل أطراف خارجية، وأنهم يدعون لسودان موحد، دون مزيد من الانقسامات، مضيفاً: «قد لا ندعم الحكومات لاختلاف البرامج، لكن يجب الحفاظ على مؤسسات الدولة موحدة وقوية.. والخلافات كلها لا تكون، إلا حول الرؤى، حول ما يقدم الخير للشعب السودانى، ويدفع السودان للأمام». وأعرب عن أمنياته بأن يجرى العمل فى الفترة المقبلة عبر آليات وبرامج هدفها مصلحة الوطن، من أجل نهضة وتماسك السودان.
ووجّهت نجاة الحاج على، القيادية بالحزب الاتحادى الديمقراطى الأصل، التحية لكل القوى والفصائل والأحزاب السياسية الاتحادية السودانية التى تقبلت الميثاق التنسيقى ووقعت عليه، موضحة أن الباب مفتوح أمام باقى الأحزاب والفصائل للانضمام له. وأكدت، فى تصريح لـ«الوطن»، أن اجتماع الفصائل السودانية يأتى لتحقيق وحدة تنسيقية تقود لـ«الوحدة الاندماجية» والتى ستمثل صمام أمان للشعب السودانى.
وأضافت «نجاة» أن الحزب الاتحادى الديمقراطى وحزب الأمة السودانى، هما الحزبان الكبيران فى السودان «مع كامل الاحترام لباقى القوة الحزبية»، مضيفة: «طالما توحّد الحزب الاتحادى من الداخل، سنستطيع أن ننطلق لحل القضايا الوطنية المختلفة العالقة»، مشيرة إلى أن دولة السودان كانت تعيش فى الفترة الماضية فى «قبلية وتشرذم»، ولكن الوحدة والتنسيق والعمل من أجل تحقيق المصلحة الوطنية برعاية محمد عثمان الميرغنى، القطب السياسى السودانى الكبير، والدولة المصرية، سيكون بمثابة أمان لدولة السودان.
وشددت «نجاة» على أن توحيد الحزب الاتحادى الديمقراطى هو بمثابة تفكير حقيقى للم الشمل للقوة السياسية الأخرى حتى للجلوس والتعاون المشترك لمواجهة وحل الأزمة السودانية العالقة. موضحة أن «الأزمة السودانية» تتمثل حالياً فى 4 نقاط، أولاها ضرورة وجود مساعٍ وإجراءات أمنية تبشر الجميع بالأمن والاستقرار، وحل الأزمات والمشاكل الحقيقية التى يواجهها الشعب السودانى فى «معاشه» عبر توفير احتياجاته من الطعام والشراب والأدوية وغيرها، والاستعداد للانتخابات عبر توفير وتهيئة مناخ مناسب لإجراء الانتخابات، فضلاً عن أهمية تعديل الوثيقة الدستورية السودانية وإدخال كل القوى السياسية لتلك الوثيقة.
وتابعت: «الحزب الاتحادى الديمقراطى، هو حزب الجمع والحل، ولا يُفسد شيئاً، ووجود حزب اتحادى موحد فى السودان، وحزب الأمة، باعتبارهما الحزبين الكبيرين سيلتف حولهما الشعب السودانى، وصولاً للاستقرار»، داعية المرأة السودانية وكل الشباب السودانى للالتفاف حول مبادرة محمد عثمان الميرغنى من أجل «الوحدة الاتحادية».
كما شددت على أن الحزب الاتحادى الديمقراطى يحترم باقى الأحزاب الأخرى وبرامجها ورؤيتها ويسعى للتنسيق والتعاون المشترك معها، لما فيه صالح الشعب السودانى، واستقرار الوطن.
ويشتمل إعلان الوحدة التنسيقية للأحزاب والفصائل الاتحادية السودانية على العمل الجاد على وحدة الحزب ليلعب دوره المعهود والمفقود فى القضايا الوطنية، والحفاظ على أمن الوطن ورفاهية شعبه وتحقيق قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والسلام وتأكيد تعزيز التنسيق وتطوير التعاون وصولاً لـ«الوحدة الاندماجية».
واستعرض قادة الفصائل والأحزاب الاتحادية السودانية، خلال اجتماعهم مساء أمس الأول، ما يُعرف بـ«المبادرة الوطنية لحل الأزمة السودانية»، التى تضمّنت تأكيد قادة تلك الفصائل إيمانهم الكامل بـ«وحدة الأراضى السودانية»، وحرصهم على سلامة الوطن، وأمنه، والتزامهم بمبادئ ثورة ديسمبر 2018 العظيمة، ووفاءً لأرواح الشهداء، واستجابة لتطلعات الشعب السودانى، فى إقامة نظام حكم ديمقراطى تعدّدى، وتأسيس دولة القانون التى تقوم على المواطنة، وإعطاء الحقوق، وأداء المواطن لواجباته، وتُعلى قيم العدالة، والمساواة، وحقوق الإنسان.
وأكدوا أن دولة السودان تعانى اليوم من تدهور سياسى، وأمنى، واقتصادى، يحتم عليهم جميعاً أن يضعوا كل هذه المخاطر أمامهم، وأن يعملوا معاً، وصولاً إلى «خارطة طريق» يتوافق عليها كل المكونات السياسية، والمدنية، والقوات المسلحة السودانية، لأجل سلامة البلاد والعباد.
واشتملت المبادرة على التمسّك بمكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة نحو التغيير، والتحول المدنى الديمقراطى، وتحقيق قيم الحرية والسلام والعدالة، بترسيخ مبدأ الديمقراطية، والتداول السلمى للسلطة، وفق معايير الشفافية، والنزاهة، والرشد السياسى.
كما تضمنت المبادرة العمل على الحفاظ على وحدة السودان أرضاً وشعباً، تأسيساً على دولة المواطنة التى تقوم على أساس الحقوق، والواجبات، وإلغاء جميع الاتفاقيات التى قامت أو تأسست على كيانات قبلية، أو غيرها خارج مناطق النزاعات المسلحة، والحروب، بما فيها المسارات التى تمخّضت عن «اتفاقية جوبا للسلام».