محمد المهدي العباسي.. أول شيخ حنفي للأزهر وأصغر مفتٍ في تاريخ مصر
الشيخ محمد المهدي العباسي
يعد الشيخ العلامة محمد المهدي العباسي أول من تولى مشيخة الأزهر من علماء الحنفية، وكذلك أول من جمع بين منصبي شيخ الأزهر والإفتاء، حيث عُين مفتيا للديار المصرية وهو في الحادية والعشرين من عمره، وكان ولا يزال أصغر مفتٍ في تاريخ مصر.
وتمثّل مشروع التجديد عند المهدي العباسي في الإصلاح والتجديد إداريا وعلميا وماليا، وذلك في مجالات المشيخة والعلم والإفتاء وحول الدراسة في الأزهر من المشيخية إلى الأكاديمية.
وتناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، سيرة «العباسي»، أن الإمام كان علامة فارقة في القرن التاسع عشر، وجمع الله فيه من العجائب والغرائب ما يجعله قدريا، وكان نابليون بونابرت يحب جده لأنه كان يتقن اللغة الفرنسية، ودخل الإسلام وسُمي بـ«المهدي» وكان يتفاهم مع نابليون، فرأى فيه سعة الإطلاع وأنه مفوه وأحبه وقربه إليه، وكان يجلس معه بالساعات يستشيره، وكان المهدي العباسي يأمره بأن يغادر مصر وقال له إن الحملة الفرنسية لن تبقى في المحروسة.
وأشار «جمعة»، خلال حواره مع الإعلامي عمرو خليل ببرنامج مصر أرض المجددين على قناة «الحياة»، إلى أن المهدي العباسي جد محمد المهدي العباسي كان علامة في الفقه الإسلامي، اما ابن المهدي العباسي، ووالد محمد المهدي العباسي، فكان يدعى أمين واشتغل بالعلم لكنه مال إلى التجارة، ومن ثقة عائلة محمد علي باشا وابنه إبراهيم فقد جعلوه أمينا على ثرواتهم، لكنه انتقل إلى رحمة الله بعد أن أنجب ولدين.
كيف عُين الشيخ محمد المهدي مفتيا لمصر؟
وأردف: «لما توفى، وضعت الخاصة الخديوية لإبراهيم باشا يدها على ثروة أمين حتى تستوفي الأموال التي أعطاها إبراهيم باشا إليه لكي يستثمرها، فعاش الولدان عيشة صعبة بعض الشيء، وأُنجب محمد الذي أصبح شيخ الأزهر في الإسكندرية، وفي أواخر عهد محمد علي، رأى أن يتولى إبراهيم الحكم وطلب من السلطان العثماني أن يصدر له تولية، فذهب إبراهيم باشا إلى إسطنبول من أجل استلام تعيينه واليا حتى في حياة أبيه، فقابل هناك شيخ الإسلام عارف أفندي الذي كان صديقا صدوقا لأمين، وسأله عن ولدي أمين، وقال له إذا بلغا سن الرشد فعين أحدهما مفتيا أو إماما للمسجد، لأن أمين كان صديقا له وعالما تقيا، ولما عاد إلى مصر سأل عنهما، وعرف أن محمدا كان يدرس في الأزهر على يد الشيخ السقا، فطلب أن يأتي إليه، فقبضت السلطات على محمد أثناء الدرس، ومثل بين يدي إبراهيم».
وأشار، إلى أن محمد أخبر إبراهيم باشا، بأن خاصته سيطرت على اموال أبيه الراحل لتسديد المبالغ التي كان يستثمر بها لإبراهيم باشا، ولما راجع إبراهيم باشا وجد أن كل الأموال سُددت، وأمر بإعادة ثروة عائلة أمين إلى ابنيه وزوجته، مضافا إليه نفس الرصيد من الثروة هبة من إبراهيم باشا، وكان ثالث قرار هو تعيين محمد مفتيا.