الداروينية هي نظرية تشرح التطور البيولوجي طورها عالم الطبيعة الإنجليزي تشارلز داروين (1882-1809) ومعه علماء آخرون، تنص على أن جميع أنواع الكائنات الحية تنشأ وتتطور من خلال عملية الانتقاء الطبيعي للطفرات الموروثة التي تزيد من قدرة الفرد على المنافسة والبقاء على قيد الحياة والتكاثر.
تسمى أيضًا النظرية الداروينية وقد تضمنت المفاهيم العامة لتغير الأنواع أو التطور واكتسبت قبولًا علميًا عامًا بعد نشر داروين كتابه أصل الأنواع في عام 1859وتضمنت المفاهيم التي سبقت نظريات داروين، أشارت بعد ذلك إلى المفاهيم الخاصة بالانتقاء الطبيعي أو الهدف الرئيسي علم الأحياء الجزيئي، على الرغم من أن المصطلح يشير عادة إلى التطور البيولوجي بشكل كبير، إلا أن مؤيدي نظرية الخلق استعملوه للإشارة إلى أصل الحياة، وحتى أنهم طبقوه على مفاهيم التطور الكوني، وكلى الفكرتين لا علاقة لهما بعمل داروين.
لذلك يعتبر القبول بعمل داروين وأصدقاءه بديلا عن النظريات الأخرى بما في ذلك نظريات التصميم الإلهي والتبذر الشامل.
صاغ عالم الأحياء الإنجليزي توماس هنري هكسلي مصطلح الداروينية في شهر نيسان عالم 1860 واستخدمه لوصف المفاهيم التطورية بشكل عام بما في ذلك المفاهيم السابقة التي نشرها الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر، كان لدى الكثير من مؤيدي الداروينية في ذلك الوقت مثل هكسلي بعض التحفظات على أهمية آثار الانتقاء الطبيعي، وقد أعطى داروين مصداقية لما سمي لاحقا لاماركية، اكتسبت الداروينية الجديدة التي طرحها عالم الأحياء التطوري الألماني أوغوست فايسمان القليل من المؤيدين في أواخر القرن التاسع عشر، اقترح بعض العلماء خلال الفترة التقريبية من ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى عام 1920 والتي تسمى أحيانًا (فترة ظهور الداروينية) آليات تطورية بديلة مختلفة أثبت في النهاية عدم منتقيتها، وجد الاصطناع التطوري الحديث في أوائل القرن العشرين، وتضمن الانتقاء الطبيعي مع علم الوراثة السكانية وعلم الوراثة المندلية حيث قام بإحياء الداروينية في شكل جديد.
بقي مصطلح الداروينية قيد الاستخدام بين الجمهور عند الإشارة إلى النظرية التطورية الحديثة وقال كتاب العلوم مثل أوليفيا جودسون وإيجيني سكوت أنّه مصطلح غير مناسب للنظرية التطورية الحديثة، على سبيل المثال: لم يكن داروين على دراية بعمل العالم المورافي غريغور مندل ونتيجة لذلك لم يفهم الوراثة بشكل دقيق لم يكن لديه بطبيعة الحال أي توقع للتطورات النظرية اللاحقة، ومثل مندل: لم يكن يعرف شيئًا عن الانحراف الوراثي، غالبا ما يستخدم أنصار نظرية الخلق في الولايات المتحدة مصطلح (الداروينية) كتحقير في إشارة إلى معتقدات مثل الفلسفة المادية العلمية، ولا يوجد دلالات سلبية في المملكة المتحدة حيث يتم استخدامه بحرية كاختصار لنظرية التطور، وللدلالة بشكل خاص على التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي.
مفاهيم الداروينية: بينما استخدم مصطلح الداروينية في السابق للإشارة إلى عمل إراسموس داروين في أواخر القرن الثامن عشر، تم تقديم المصطلح كما هو عليه اليوم عندما قام توماس هنري هكسلي في نيسان عام 1860 بمراجعة كتاب تشارلز داروين الذي نُشر في عام 1859 بعد أن أشاد بالكتاب باعتباره (سلاحا مهما أضيف لليبرالية) وأنه يروج لمقترحات النظرية الطبيعية عن الإله، ويثني على فوائد أفكار داروين مع تعبيره عن بعض الشكوك في إمكانية إثبات أن عملية الانتقاء الطبيعي يمكن أن تشكل أنواعا جديدة، هذه هي المبادئ الأساسية للتطور عن طريق الانتقاء الطبيعي كما حددها داروين:
1. يتم إنتاج عدد من الأفراد في كل جيل أكثر من العدد الذي يستطيع البقاء على قيد الحياة.
2. التباين الظاهري موجود بين الأفراد ومن الممكن توريث هذه الاختلافات.
3. ينجو الأفراد الذين يتمتعون بصفات وراثية أكثر ملاءمة للبيئة المحيطة.
4. عندما تحدث العزلة الإنجابية في مجموعة معينة تتشكل أنواع جديدة.
كان الجغرافي الروسي والفيلسوف الأناركي البارز بيتر كروبوتكين هو المنظر التطوري المهم الآخر في نفس الفترة والذي دافع في كتابه (المساعدة المتبادلة: عامل تطوري) الذي صدر في عام1902 عن مفهوم معارض للداروينية، تمحورت آرائه ونقاشاته حول ما رأى أنه استخدام واسع الانتشار للتعاون كآلية للبقاء في المجتمعات البشرية والحيوانية، استخدم الحجج البيولوجية والاجتماعية في محاولته إظهار أنَّ العامل الرئيسي في تسهيل التطور هو التعاون بين الأفراد في المجتمعات والمجموعات المترابطة بشكل حر.
كان ذلك بهدف مواجهة مفهوم المنافسة الشرسة باعتباره جوهر التطور، والذي قدم تبريرا للنظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتفسيرات المنتشرة للداروينية في ذلك الوقت.
الاستخدام في القرن التاسع عشر: سرعان ما أصبحت (الداروينية) تمثل مجموعة كاملة من الفلسفات التطورية (وغالبا ما تكون ثورية) حول علوم الأحياء والمجتمع، أصبحت أحد الأساليب الأكثر بروزًا والتي وصفها هيربرت سبنسر في عام 1864 (البقاء للأصلح) رمزا للداروينية على الرغم من أن فهم سبنسر للتطور (كما تم التعبير عنه في عام 1857) كان يشبه فهم جان باتيست لامارك أكثر مما يشبه فهم داروين، وذلك قبل نشر نظرية داروين في عام 1859كانت (الداروينية الاجتماعية) كما تسمى الآن مرادفا للداروينية، وهو تطبيق مبادئ الصراع في الداروينية على المجتمع لدعم الأجندة السياسية المناهضة للأعمال الخيرية، هناك تفسير آخر بارز قدمه فرانسيس غالتون (أحد أقرباء داروين) وهو أن الداروينية تنص على فكرة أنّه: بسبب عدم تطبيق الانتقاء الطبيعي ظاهريًا على الأشخاص المتحضرين كان من الممكن للسلالات الأدنى من الناس (الذين عادة ما يُستبعدون خارج تجميعة الجينات) التغلب على السلالات (المتفوقة) وتكون الإجراءات التصحيحية الطوعية مرغوبة وذلك هو أساس تحسين النسل، لم يوجد تعريف محدد لمصطلح الداروينية في فترة داروين، وقد استخدمه أعداء وأنصار النظرية البيولوجية لداروين على حد سواء للدلالة على أي شيء يريدونه في سياق أوسع، كان لهذه لأفكار آثار على المستوى الدولي وطور إرنست هيجل ما كان يعرف باسم الداروينية في ألمانيا، حدث ذلك بالرغم من أن مفهوم الداروينية لدى هيجل كان مثل مفهوم التطور لدى سبنسر حيث اشترك مع نظرية تشارلز داروين في الأساس فقط ولم يركز على الانتقاء الطبيعي، قام ألفرد راسل والاس في عام 1886 بجولة محاضرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية بدءا من نيويورك مرورًا عبر بوسطن وواشنطن وكانساس وأيوا ونبراسكا وحتى كاليفورنيا، تحدث حول ما سماه الداروينية دون أخطاء، استخدم والاس في كتابه (الداروينية) الذي صدر في عام 1889 مصطلح (الداروينية النقية) وطرح من خلاله فكرة وجود فعالية أكبر للانتقاء الطبيعي، وصف جورج رومانس هذا الرأي على أنه (والاسي) مشيرا إلى أنه كان (وعلى عكس داروين) يدافع عن (نظرية نقية للانتقاء الطبيعي لاستبعاد أي نظرية تكميلية) كان رومانس مؤيدًا لكل من الانتقاء الطبيعي ووراثة الخصائص المكتسبة، وقد نفى والاس وراثة الخصائص المكتسبة حيث كان يدعم المفاهيم الانتقائية بشكل صارم، كان تعريف رومانس لمصطلح الداروينية متوافقا تمامًا مع آراء داروين ومتناقض مع تعريف والاس.