عالم أزهري: حب المصريين للعذراء أسهم في احتفائهم بـ«آل البيت» عندما أتوا لمصر
د. إبراهيم رضا
أكد د. إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر، أن السيدة العذراء لديها مكانة مقدسة عند المصريين وتحمل رمزية خاصة لدى المسلمين والمسيحيين. والمحبة للسيدة العذراء مريم خلقت حالة روحانية إيمانية، يرى أنها كانت سبباً فى خلق حالة من الحفاوة لدى المصريين بآل البيت. وقال «رضا»، فى حواره مع «الوطن»، إن السيدة مريم هى رمز العفة والطهارة لدى المسلمين ورمز الكمال الأخلاقى لدى المسيحيين.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى مكانة السيدة مريم العذراء فى الوجدان المصرى؟
- السيدة مريم العذراء تمثل لنا سيدة نساء العالمين، هى المرأة التى ورد تكريمها فى المسيحية، وجاء الإسلام لكى يؤكد على كل القيم النبيلة التى ارتبطت بالسيدة مريم العذراء، فمريم قد بين القرآن الكريم أنها الطاهرة المطهرة، والقرآن أكد رقيها وطهارتها ونقاءها، فمريم فى مصر هى مريم ما بين المسيحية والإسلام، كلتا الديانتين تؤكدان أنها أحد الرموز الدينية التى يجب أن ندرك أن الله تبارك وتعالى شاءت إرادته وقضت حكمته أن تكون مثالاً يحتذى به لكل نساء العالمين، فقال الله تعالى «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ».
الدكتور إبراهيم رضا: رمز للعفة والبركة والكمال الأخلاقي للمرأة لدى المسلمين والمسيحيين
ما المظاهر التى تراها تعبر عن مكانة السيدة مريم العذراء لدى المصريين؟
- التيار العام من المصريين بصفة عامة والمسلمون يرون السيدة العذراء مريم رمز العفة ورمز البركة، والسيدة مريم أيضاً الرمز الذى يضرب به المثل للكمال الأخلاقى عند المسيحيين، كذلك هى مريم البتول، هى مريم العذراء، هى مريم التى ترمز للنموذج الكامل المكمل بالنسبة للمرأة، فالشعب المصرى ما بين المسيحية والإسلام دائماً وأبداً مرتبط ارتباطاً وجدانياً بالسيدة مريم.
ما تأثير الارتباط الوجدانى بالسيدة مريم على المصريين؟
- نؤكد دائماً وأبداً أن هذا الارتباط الوجدانى يعبر عن تدين الشعب المصرى، والمسيحية والإسلام يتفقان فى فقرة الذوبان أو الانغماس فى المشاعر الدينية، وفى بعض الدول مثلاً خارج مصر يتحدثون عن الدين ولكن قد يتحدثون عنه بشكل أكاديمى به نوع من أنواع الجفاء، لكن المصريين تشعر أنهم يستطعمون الدين، الدين دائماً فى مصر مكون من عقيدة وشريعة وحضارة إنسانية، واستطاع المصريون أن يعيشوا معاً ويقدموا أنفسهم كنموذج للتعايش فى الدنيا، فنحن نملك ارتباطاً وجدانياً شديداً وملتصقاً بالعذراء، كما أن المصريين لديهم تدين شعبى مرتبط بالمشاعر والوجدان والارتباط الروحى بالرموز الدينية والطقوس.
مكانة العذراء دعمت التعايش بين المصريين وخلقت حالة وجدانية وروحية راقية
كيف كانت المحبة سبباً فى وحدتهم؟
- يجب أن نلفت الانتباه إلى أمر مهم جداً، وهو أن بعض الدول من حولنا انفجرت ليس بفعل احتلال ولكن بفعل تخلف وتشدد وتنطع فى الفكر الدينى، فقد أراد الله لمصر من خلال الأزهر الشريف والكنيسة المصرية أن يكون لدينا حالة مختلفة، فالنبى قال أمتى لا تجتمع على باطل، وفى رواية أخرى لا تجتمع على ضلالة، فتجد أن الجسد المصرى حتى لو أصابه بعض الأمراض وبعض الأعراض السلبية، إلا أنه ما زال بخير، وذلك نتيجة لوجود مؤسسة قوية هى الأزهر الشريف وهى كالرأس فى الجسد، وكذلك الكنيسة المصرية، نحن حتى نقول الكنيسة المصرية أو كنيستنا المصرية، لأن هناك حالة من التعايش فى مصر بين المسلمين والمسيحيين قلما يجود الزمان بها.
لماذا يحب المصريون الرموز الدينية؟
- بصفتى أحد علماء الأزهر الشريف أستطيع القول إن حب المصريين للسيدة العذراء هو الذى خلق لديهم حفاوة بآل البيت، فحب السيدة مريم خلق حالة وجدانية من الحب لدى المصريين، كما يزورون كنيسة السيدة العذراء يزورون مثلاً مسجد السيدة زينب، حتى إن بعض منتقدى التصوف قالوا إن هذه الحالة تميل إلى الحالة الروحانية والإيمانية فى المسيحية، وهو أمر يعتقدون أنه تهمة، لكنها تهمة شريفة، لأن المسيحية خلقت حالة روحانية جعلت أصحابها لا يميلون إلا إلى الحكمة والحوار، لذا لا تجد التطرف المؤذى، حتى لو اختلفنا مذهبياً.
تدين حي
فى مصر لدينا تدين حى مقارنة بدول كثيرة سافرت إليها، بمعنى أن النصوص هى المسيطرة على وجداننا، بمعنى أنها هى التى تعلمنا أن نتسامح، وأن نحترم إرادة التنوع، وأجمل ما فى مصر أن الكل مسلم بأن يكون هذا مسلماً أو هذا مسيحياً فهذه إرادة من الله، قناعة بأن التنوع إرادة من الله.