قناة «العربية» تٌعيد نشر مقال «خالد منتصر» في «الوطن».. «صلاح والوطن والكريسماس»
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي الدكتور خالد منتصر
أعاد موقع «العربية. نت»، نشر مقال الكاتب الصحفي والمفكر السياسي الدكتور خالد منتصر بعنوان «صلاح والوطن والكريسماس» الذي نُشر بجريدة «الوطن» في عدد اليوم.
وجاء في نص المقال:
تزامن نشر صورة محمد صلاح مع أسرته في احتفالات الكريسماس مع صورة العدرا على الصفحة الأولى للوطن، وكان رد الفعل المبهج المشحون فرحاً وسعادة في قطاع كبير من الشعب المصري أفضل رد على أبواق التخلف والرجعية، استدعيت ما كتبته من قبل تفسيرا لحالة محمد صلاح الحضارية:
يوماً بعد يوم يثبت محمد صلاح أنَّه حالة حضارية مصرية لا بد أن تُدرس جيداً، حالة حضارية قبل أن تكون موهبة كروية أو مهارة رياضية، هناك لاعبو كرة قدم كثيرون قد سافروا إلى أوروبا قبل صلاح، وتوفرت لهم فرص وبدايات أفضل من صلاح، ومن الممكن أن تكون لديهم مهارات فنية مثل صلاح وأكثر وقت سفرهم، لكن السؤال: لماذا تميز محمد صلاح واستمر وحافظ على مستواه وتألق حتى أصبح ثالث أفضل لاعب في العالم وأغلى لاعب في الدوري الإنجليزي؟
أقول إن محمد صلاح حالة حضارية لأنه امتلك هذا التفرد والاختلاف عن سابقيه، سافر واندمج حضارياً دون كراهية أو نقمة أو غضب من تلك الحضارة، لم يضمر شراً لها، بل نهل من معين النور فيها، ومن قيم الحداثة التي نشرتها تلك الحضارة ومازالت تنشرها، اندمج ولكنه لم يذب، احتفظ بمصريته الضاربة في أعماق التاريخ، عاشق للبهجة، متدين يمارس طقوس دينه دون صراخ، هادئ، تعلم الجدية، فهو لا يكتفى بالتدريب التقليدي في مران فريقه.
ولكنه يستمر في التدريب خارج الملعب، أدرك أن رأس ماله الحقيقي ليس راتبه من ليفربول، لكنه قبل ذلك صلاح نفسه، لياقته البدنية، تركيزه، مهارته، كل هذه الأشياء هي رأس ماله الحقيقي، اشتغل على نفسه، طور أدواته النفسية قبل الجسدية.
صلاح ليس خريج الجامعة الأمريكية أو السوربون أو الإنترناشيونال سكول، حصيلته التعليمية هنا في مصر كانت متوسطة، لكنه كان كورقة النشاف، استوعب الثقافة الغربية والحضارة التي سافر إليها في زمن قياسي، صار «كوزموبوليتان»، تعلم اللغة الإيطالية ثم الإنجليزية، لا كمفردات من القاموس ولكن كروح تسري كالعصارة في الزيتونة، فصار محبوباً من الإيطاليين والإنجليز وكل الأوروبيين بل وكل العالم.