العاملون في «شبشير الحصة» أكبر قرية منتجة للعسل: سنواجه آثار تغير المناخ
أحد مناحل قرية «شبشير الحصة»
منذ عشرات السنين، اشتهرت قرية «شبشير الحصة»، التابعة لطنطا بمحافظة الغربية، بتربية النحل وصناعة عسل النحل ومشتقاته ليس فقط على مستوى الجمهورية، ولكن أيضاً فى العديد من دول العالم، باعتبارها أكبر قرية مصدرة للعسل والنحل أيضاً فى الشرق الأوسط، وباتت صناعة أصيلة تتوارثها الأجيال كمصدر دخل ثابت لهم. وفى السنوات القليلة الماضية، تأثرت صناعة العسل فى القرية بالتغيرات المناخية الحاصلة والمتمثلة فى الارتفاع أو الانخفاض الشديد فى درجات الحرارة، حيث تؤثر التغيرات المناخية على الحالة الفسيولوجية للنباتات وبالتالى تتأثر عملية الإزهار التى تعد مصدر غذاء للنحل، كما يؤدى الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة إلى حدوث الإجهاد الحرارى لنحل العسل.
على بعد 12 كيلومتراً تقريباً من مدينة طنطا، باتجاه المحلة الكبرى، زارت «الوطن» قرية شبشير الحصة، مركز صناعة عسل النحل فى مصر والشرق الأوسط، للاستماع إلى شكاوى النحّالين وأصحاب مصانع العسل وتأثير التغير المناخى على النحل وإنتاج العسل ومشتقاته، والحلول الجارى اتباعها من جانبهم للتغلب على تلك الأزمة.
«زهران» ورث المهنة عن والده.. يرصد تأثير «الحرارة والبرودة» غير المنتظمة على نشاط النحل
ورغم تخرجه فى كلية العلوم قسم الكيمياء، فضّل «محمد زهران» العمل فى صناعة العسل وتربية النحل، مهنة والده التى شبّ عليها واحترفها، حتى احترف تربية النحل وأبدع فى تصنيع التغذية والعلاجات الخاصة به، إلا أنه لاحظ، كغيره من النحالين، تأثر النحل بالتغيرات المناخية التى زادت حدتها فى العامين الماضيين على وجه التحديد، «الصيف بقى شديد الحرارة وبتعدى الأربعين درجة والشتا أصبح شديد البرودة بدرجات ماكانتش موجودة قبل كده»، يقول فى بداية حديثه لـ«الوطن».
درجة الحرارة الطبيعية داخل خلية النحل تتراوح ما بين 35 و37 درجة مئوية، ولكن الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة خلال فصل الصيف يؤدى إلى ما يعرف بـ«إجهاد حرارى» للنحل، خاصة إن كانت الخلية مباشرة لأشعة الشمس، أما الانخفاض الشديد فى درجات الحرارة فيؤثر على نشاط النحل، وبحسب وصف «زهران» النحل يتولى عملية تنظيم درجة الحرارة داخل الخلية ولكن لا يقوى على مواجهة التغير المناخى الشديد وبالتالى يؤثر على نشاطه وإنتاجية العسل.
يشرح «زهران» آلية عمل خلية النحل، ومن أمامه طرود خلايا النحل الخشبية، «النحل عبارة عن خلية فيها ملكة بتنتج نحو 1500 حتى 2000 بيضة فى اليوم الواحد، وحواليها عدد من الشغالات والذكور فى درجة حرارة بتتراوح ما بين 35 فى الشتا لـ37 والنحل بيحافظ على درجة حرارة الخلية لكن مع الارتفاع الشديد أو الانخفاض الشديد فى الحرارة مايقدرش النحل على مواجهة ده وبيأثر على صحته وإنتاجية العسل»، بحسب تعبيره.
فى فصل الربيع يبدأ نشاط النحل داخل الخلايا، والصيف بداية جنى المحصول من العسل ومنتجات النحل، ولكن بحسب رواية محمود عبدالعزيز، أحد العاملين فى مجال صناعة عسل النحل فى قرية شبشير الحصة بالغربية، تأخر إزهار النبات بسبب البرد الشديد أثر على صحة النحل الذى يتغذى على النبات وبالتالى يؤثر على كفاءة وإنتاجية النحل من العسل والشمع وغيرهما من المنتجات التى تقوم عليها صادرات العسل إلى الخارج.
تتنوع منتجات النحل، وبحسب رواية النحّال محمود عبدالعزيز فى حديثه لـ«الوطن»، تتمثل منتجات النحل فى عسل النحل، وشمع النحل، وغذاء ملكات النحل، وسم النحل كعلاج للروماتيزم، وحبوب اللقاح كمصدر فيتامينات قوى، وسم النحل، وأخيراً البروبوليس الخام «العكبر وصمغ النحل»، وبالتالى أى خلل فى دورة حياة النحل تؤثر على تلك الصناعة المتكاملة. وأكد «محمود» أن النحال يجب ألا يلجأ إلى مكافحة الأمراض التى قد تصيب النحل بالمركبات الكيميائية إلا فى أضيق الحالات وللضرورة القصوى وفى توقيت ملائم. بحسب البيانات الصادرة عن مركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، تمتلك مصر 2 مليون خلية نحل وتعد مصر الأولى عالمياً فى تصدير النحل، وخلال عام 2021 تم تصدير 3200 طن عسل إلى الخارج وتبلغ قيمة صادرات مصر من منتجات العسل 300 مليون دولار سنوياً.