مولانا سلامة الراضي مؤسس الطريقة.. وريث «الشاذلي» وحفيد «الحسن والحسين»
الشيخ سلامة الراضى منشئ الطريقة الحامدية الشاذلية
يعتبر سادة الصوفية القطب الحسينى سلامة الراضى، مؤسس الطريقة الحامدية الشاذلية، والمكنَّى بأبى حامد الحسينى، من الأولياء الصالحين، والوريث الحقيقى للقطب الصوفى سيدى أبوالحسن الشاذلى، يردد المحبون والمريدون الحديث عن كراماته ويشيدون بعلمه الربانى، وله أشعار بديعة فى المديح النبوى منها قصيدته «قسماً بنور المصطفى وجماله.. لم يخلق الرحمن مثل صفاته المسك والكافور من عرق النبى.. والورد والياسمين من وجناته».
وُلد الإمام سلامة حسن الراضى ليلة 16 رجب من عام 1284 هجرياً، الموافق 4 ديسمبر عام 1867 ميلادياً. يتصل نسبه الشريف بالإمامين الحسن والحسين سبطَى النبى الكريم، فهو منسوب إلى جده سيدى الإمام الحسين من ناحية الأب، ومنسوب إلى الإمام الحسن من ناحية الأم، حيث يتصل نسبه بالإمام محمد الناظر، من ذرية الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين، ابن الإمام على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء ريحانة البيت النبوى.
أسس «الحامدية الشاذلية» لإحياء نهج الصوفية.. ومجالسه مدرسة للتثقيف والتهذيب والإرشاد.. وقال عن مجاهداته: «أصوم 300 يوم فى السنة»
نشأ فى بولاق، حيث تعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم فى سن التاسعة، وعُيّن فى الخاصة الخديوية، ورئيساً لإدارة الزراعة بمصلحة الأملاك الأميرية، وأُحيل إلى المعاش عام 1932 ميلادياً واشتغل بالعلم والتصوف، فاجتمع بالكثير من أهل الولاية، خاصة الشيخ مرزوق المالكى.
عاش الشيخ سلامة طوال حياته صائماً قائماً ناسكاً، وكانت مجالسه مدرسة للتثقيف والتهذيب والإرشاد يسودها الحب والتآلف والتآخى، وكانت تزدحم بالمريدين والمحبين، لحرصهم على الاستماع لهديه، والنهل من علمه بقلوب واعية، وآذان وأفئدة مصغية. وعن مجاهداته، يقول فى كتاب له: «أعلم أنى ذكرت الله كثيراً وكنت أصوم من السنة نحو 300 يوم، ولا أدع الوضوء، فكل أحيانى أكون على طهارة وكنت أصلى على النبى فى كل ليلة نحو ساعتين، ذلك فوق أننى كنت مريضاً، حتى صرت نحيفاً مصفر الوجه، وما كان يصادفنى من توبيخ وزجر عنيف ممن حولى كل هذا لم يثنِ من عزمِى على التوجه إلى الله».
ويقول: «ومع هذا كله لم أفز بالوصول، فلما ضاقت نفسى، وكدت أن أقع فى يأس فلم أشعر إلا والهاتف قد نادانى: «يا هذا إنما الحيلة فى ترك الحيل»، فعلمت أن مجاهداتى التى سرت فيها بهذه الشدة كنت فيها محتالاً، وأن الوصول لا يكون إلا بمحض فضله ومنته، وداومت على ذكر الله، لا لعلة وصول ولا غيره، فوافانى من ربى الرضا، ونور قلبى، وهدانى طريقه».
سلك الشيخ الراضى طريق التصوف، فتنوعت معارفه وأصبح ملماً بجميع علومه فكان إماماً للمحبين، واستقر على الطريقة الشاذلية. بدأ تلقين المريدين فى سن الـ 16، ودشن الطريقة الحامدية الشاذلية، فى عام 1885، فأحيا للناس سُنة الصوفية الماضية، وأذاق الناس والقاصدين والوافدين من عذب مبانى العرفان.
وفى عام 1926 قرر المجلس الصوفى الأعلى ضم الطريقة ضمن الطرق المعترف بها.
أخذ الشيخ الراضى الطريقة الشاذلية عن سيدى على مرزوق المالكى فى سند متصل إلى الشيخ شمس الدين محمد الحنفى البكرى المعروف بالسلطان الحنفى، وإلى قاضى القضاة الشافعية ناصر الدين بن الميلق، إلى جده الشهاب أحمد بن الميلق، إلى سيدى ياقوت العرش عن سيدى أبى العباس المرسى عن سيدى أبى الحسن الشاذلى.
رفعت روح الشيخ سلامة الراضى إلى الرفيق الأعلى ثالث يوم الأضحى يوم 31 يناير لعام 1939 ميلادياً فى منتصف الساعة الخامسة من بعد الظهر، عن عمر ناهز 72 عاماً، ودفن فى أول فبراير بمسجده بشارع خط الرملة أمام بيته، فيكون مسجده أمام منزله ومقر مشيخة وسجادة الطريقة الحامدية الشاذلية.
تتحدث الطريقة الحامدية الشاذلية عن أخلاقه فتقول: كانت أخلاقه محمدية، حياء فى أدب، وصراحة فى حق، وعزَّةً فى تواضع، وكرماً شاملاً، ومواساة للفقير، وإعانة للعانى، وعطاء ولا خشيةَ لفاقةٍ، ونجدة هاشمية للقاصد، وحلماً مع غفران، ومسامحة مع ستر، وذكاء نادراً مكيناً، كذلك كان مجلسه، مع المريدين بعد الخلو من أعمال وظيفته، روحانياً، وكانت تربيته للمريدين كالغيث يهمى فتهتز الأرض بالنبات، وفى مجلسه تجد روحاً تحررت عن المادة تنطق فى كل فن وتفيدك من كل باب».
سيرة الإمام المؤسس ظهرت بالعديد من الكتب، منها كتاب د. عبدالحليم محمود، والكاتب المغربى الحاج محمد الكوهن فى كتاب «طبقات الشاذلية الكبرى»، كما نال الدكتور مايكل جلسنان رسالة الدكتوراه من جامعة أكسفورد فى سيكولوجية الأديان بعنوان الولاية والصوفية فى مصر الحديثة تناول الجزء الأكبر منها حياة الشيخ وطريقته، وكذلك من الكتب التى تناولت سيرة الإمام، كذلك كتاب «السيرة الحامدية» للكاتب سيف النصر محمد عشرى، وكان للكاتب الشيخ عبدالرحيم خطاب كتابان عن الإمام.