«البابا شنودة راهبا».. ترهبن في دير السريان 1954 وتخلى عن اسم «نظير» لـ«أنطونيوس»
«البابا شنودة» أحب حياة العزلة
كان يوم السبت الموافق 18 يوليو 1954 تاريخاً فاصلاً فى حياة الأستاذ نظير الذى مات عن الدنيا فى ذلك اليوم - وفق العقيدة المسيحية- ليولد الراهب أنطونيوس السريانى، الذى عُرف بعد ذلك باسم البابا شنودة الثالث.
ترهبن «نظير جيد» فى دير السيدة العذراء (السريان) فى عهد البابا يوساب، البطرك رقم 115 فى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية، ورُسم راهباً فى يوليو 1954، وحصل على درجة قس بعد عام، ووصف تلك الحياة بأنها النقاوة والحرية، وبسبب حبه للثقافة والكتب والقراءة، قام الأنبا ثاؤفيلس رئيس الدير وقتها بإسناد مسئولية المكتبة الاستعارية والمخطوطات فى دير السريان للراهب الجديد.
ويتحدث عن تلك الفترة من حياته خلال إحدى عظاته قائلاً: «أحببت طريق الرهبنة كى أحيا تلك الحياة الطليقة، فعشت فى دير السريان، بدأت أولاً بحياة المجمع، واخترت لى اسم (أنطونيوس) لسببين، الأول: أنه كان يحب حياة الأنبا أنطونيوس أول راهب عاش حياة الرهبنة، والثانى: لأنه خدم بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا».
عاش في مغارتين بصحراء وادي النطرون ووصف تلك الحياة بأنها «النقاوة والحرية»
واشتاقت روح الراهب أنطونيوس السريانى إلى الوحدة فانطلق إلى مغارة قريبة من الدير على بُعد 3٫5 كيلومتر، وعاش فيها وحيداً، ثم انتقل إلى مغارة أخرى على بعد حوالى 12 كيلومتراً من الدير، وعاش فى عزلة تامة، فكان يقضى أسابيع دون أن يرى وجه إنسان ويحكى عن تلك الفترة أنها كانت أسعد أيام حياته.
بقى الراهب السريانى فى مغارته يتعبد لله، حتى أرسل له الأنبا ثاؤفيلس من أجل العودة لحياة الدير حتى يتولى خدمة استقبال البعثات الرسمية والرحلات الكنسية واستقبال الزوار، وعاد لتولى الخدمة.
وفى أحد أيام 1959 كان دير السريان مغلقاً لتوفير جو روحى للرهبان وفق تعليمات رئيس الدير، لكن بعثة ألمانية طالبت بزيارة الدير برفقة 50 طالباً، ولأنهم كانوا يحملون خطاب توصية رسمياً من البابا كيرلس، اضطر رئيس الدير لفتح الباب أمام البعثة فقط، ولم يتم استقبال الطلاب، الأمر الذى نُشر فى العديد من الصحف، وجعل البابا كيرلس غاضباً، وطلب لقاء المسئول عن هذا الأمر.
وتوجه الأنبا ثاؤفيلس والراهب أنطونيوس وكان الأخير «لا يرتدى عمة وفى قدمه شبشب ويلبس جلابية لا تليق» فتعجب البابا كيرلس قائلاً «دا منظر تيجى بيه» فرد الراهب «حللنى يا سيدنا مكنتش أعرف أننا هناخد بركتك النهاردة»، وسأل عما حدث مع البعثة الألمانية، فأجاب أنطونيوس السريانى أنه استقبلهم وشرح لهم معالم الدير، فرد عليه البابا كيرلس «مش تيجى تنضم للعمل بالكاتدرائية» فاعتذر الراهب وأراد العودة إلى الدير.
وعقب جلوسه على الكرسى البابوى فى 1971، ظل البابا شنودة الثالث يمارس حياة الرهبنة القبطية بالرغم من مشاغله كبابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فكان يحرص على الاعتكاف فى الدير والاختلاء بنفسه بعيداً عن المقر البابوى لعدة أيام كل أسبوع، بل واهتم بتعمير الأديرة وتحولت أديرة أثرية كثيرة غير عاملة إلى أديرة نشطة مثل: دير القديس باخوميوس بحاجر إدفو بإيبارشية أسوان، ودير الشايب بالأقصر، ودير السيدة العذراء بمنطقة الحواويش بجبل أخميم، ودير مار جرجس بالزريقات فى أسوان، ودير القديسة دميانه بالبرارى، ودير القديس الأنبا شنودة بسوهاج وغيرها.
بل وأخذ ينشر الأديرة القبطية فى المهجر، ليكون أول بطريرك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية يؤسس أديرة خارج مصر، حيث أسس ديراً فى ملبورن وآخر فى سيدنى، وثالثاً فى وكر يفلباخ بألمانيا، وديراً آخر فى صحراء كاليفورنيا بأمريكا، وآخر فى ميلانو بإيطاليا وغيرها.