اليوم أول يونيو.. شهر المجد الذى استرد فيه شعبنا بلده.. واسترد قطاع منه وعيه.. بعد رؤية خبيثة روجت تقتضى بتجربة الجماعة ربما يكون عندها الحل لتقدم البلاد!! ورغم أن مستقبل الشعوب لا يقبل التجريب، حيث الخسارة فادحة وكبيرة وباهظة ومؤسفة ودامية لكن أصحاب هذا «المنطق» يقرون ويعترفون بعدم معرفتهم بتاريخ هذه الجماعة وما فعلته فى الحياة السياسية المصرية، بل والحياة الاجتماعية التى عبثت فيها أيما عبث!
وصاحب هذه السطور من المؤمنين أن تاريخ الجماعة الإرهابية ينبغى فهمه.. أكثر من معرفته وحفظه.. أو حتى حفظه وفهمه.. لكن الأخيرة إن تحققت تضمن لصاحبها عدم الوقوع فى أكاذيبها أبداً.. فالجماعة التى أسّست بداخلها أجهزتها الإدارية والاقتصادية والمهنية وجهازها الخاص المسلح، يبقى أخطرها على الإطلاق جهازها الإعلامى! الذى استطاع تقديمها للناس والترويج لكل أكاذيبها وقلب الحقائق التاريخية والقيام بالتشويش على جميع الأحداث الوطنية وتشويهها، وكذلك إظهارها على أنها محل عدوان من الآخرين فيما اشتهر بـ«المظلومية التاريخية»!!
فهم الجماعة يؤمن الحاضر والمستقبل ويمنع تكرار وقوع آخرين فى الفخاخ ذاتها، ويقضى على إمكانية عودة الطرح المذكور «نجربهم ربما نجحوا»!!
فى ٢٤ فبراير من عام ١٩٤٥ اغتيل أحمد ماهر باشا، رئيس وزراء مصر لفترتين، وكان عضواً فى حزب الدستوريين السعديين، وضبط الفاعل وتبين أنه يعمل محامياً فى مكتب عبدالرحمن الرافعى، المحامى والمؤرخ وسكرتير عام الحزب الوطنى القديم.. الجانى شاب اسمه محمود العيسوى، وأقر بعضويته بالحزب، واعترف تفصيلياً بأسباب جريمته.مرت الأيام وجاء يوم ٢٢ مارس ١٩٤٨، واغتيل القاضى أحمد الخازندار أثناء توجّهه إلى عمله فى السابعة صباحاً أمام منزله بشارع رياض بحلوان.. تمت مطاردة الجناة، وقد حاول الجانيان الهرب بكل الطرق بما فيها إلقاء قنبلة على الأهالى، ثم تبين أنهما شابان اسمهما محمود زينهم ومحمد حسن عبدالحافظ..
كان الانطباع السائد فى المجتمع المصرى أن هذه الأعمال لجماعة الإخوان، فتم افتراض ذلك واستدعاء حسن البنا، لأخذ أقواله فأنكر معرفته بهما!وتمر الأيام وصولاً إلى ١٥ نوفمبر من العام نفسه ١٩٤٨، حيث تتسبب الصدفة فى ضبط السيارة الجيب التى حمل الحادث اسمها، باعتباره إحدى أخطر القضايا الإخوانية.. فالسيارة ضبطت بالصدفة أمام المنزل رقم ٣٢ شارع جنينة القودار بالعباسية اشتباهاً فى رخص السيارة لا أكثر.. وعند الاقتراب لتفتيشها فرّ من فيها وكان عضو الجهاز الخاص أحمد عادل كمال، ثم تبين أنها تعج بالمتفجّرات والأسلحة والأخطر كشوف بأسماء أعضاء الجهاز الخاص المسلح، وكان يتم نقلها مع الأسلحة إلى مكان آخر، لتأمينها، فسقطت بالكامل فى يد الأجهزة الأمنية!
وبعدها وقبل أن ينقضى عام ١٩٤٨ يتم فى ٢٨ ديسمبر اغتيال محمود فهمى النقراشى باشا، رئيس وزراء مصر، أمام المصعد المؤدى إلى مكتبه بقلب القاهرة على يد عبدالمجيد أحمد حسن، الذى كان متخفياً فى زى أحد ضباط الشرطة، وقام بتحية النقراشى حينما هم بركوب المصعد، ثم أفرغ فيه ثلاث رصاصات فى ظهره!لنصل إلى ١٣ يناير فى العام التالى ١٩٤٩ والحادث الخطير ومحاولة نسف محكمة استئناف القاهرة بباب الخلق على يد إبراهيم أنس، الذى لعب القدر دوراً مهماً فى إفشال المحاولة فى تفاصيل نرويها فى مناسبة أخرى!لتمر الأيام والسنوات، لتحدث جريمة محاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر فى المنشية فى ٢٩ أكتوبر ١٩٥٤، ويتم القبض على الجانى، ومنه إلى شركائه، وهم هنداوى دوير وعلى نويتو ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب ومحمد فرغلى وعبدالقادر عودة وحسن الهضيبى!
ثم نصل إلى تنظيم سيد قطب عام ١٩٦٥ الذى خطط لتفجير مصر كلها وبعدها نصل إلى ١٨ أبريل عام ١٩٧٤ وحادث الفنية العسكرية وقائده صالح سرية، الذى قيل إنه من تأسيس إحدى الجماعات الجهادية المتطرفة!الآن.. عزيزى القارئ الطيب نعود معاً إلى الأحدث..فى عام ١٩٨٥، يصدر الشيخ الجليل أحمد حسن الباقورى مذكراته بعنوان «بقايا ذكريات»، وفيها يقر أن محمود عيسوى قاتل أحمد ماهر باشا كان عضواً بالتنظيم الخاص للجماعة! وأنهم اخترقوا الأحزاب المصرية فى تكتيك اتبعوه وقتها!!
وهكذا ظل شعبنا لأربعين عاماً يظن أن الإخوان أبرياء من دم ماهر!!بينما تجرى التحريات على المتهمين فى حادث اغتيال النقراشى ليتضح أنهما على خلاف ما قال البنا وأنهما أعضاء بالجماعة بل أحدهما كان سكرتيراً خاصاً للبنا!! الذى أصدر أيضاً بياناً بعنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» ليتبرأ من قتلة النقراشى، ثم يتضح أنه من أشار بقتله!
ثم تمر الأيام وبعد نصف قرن يعترف الإخوان بتدبير حادث المنشية بعدما وصلوا إلى السلطة. ظنوا أن الأمر قد دان لهم وبعد نصف قرن من الكذب!
وتمر الأيام ويعترف الإخوانى السابق أحمد رائف والإخوانى التائب على عشماوى بحقيقة تنظيم ١٩٦٥ وأن الزعم بتلفيقه كذب وغير صحيح!وتمر الأيام وبعد أربعين عاماً أخرى على حادث الفنية العسكرية يعترف قائده أبوطلال الأنصارى بأن التنظيم كان بقيادة الإخوان!! وأنه التقى زينب الغزالى التى قالت إنها همزة الوصل مع قيادة الجماعة، وإنها لا تريد ظهور الإخوان فى الواجهة!!!لتنتهى كذبة أخرى على شعبنا استمرت عشرات السنين!!إنها جماعة الشيطان!إن لم تكن الشيطان ذاته!