لجأ كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى المنطقة العربية إلى منصة «تويتر» للتعبير عن ضيقهم من ارتفاع درجات الحرارة الذى يؤثر على أنشطتهم اليومية، وسجلت نسبة الإقبال على «تويتر» للتعبير عن الإحساس بالحر الشديد أعلاها فى مصر، لكن المصريين حولوها -كالعادة- إلى حالة من التندر والسخرية، خاصة من فريق محبى الشتاء، الذين يُنكرون دوماً على الفريق المحب للصيف هذا الحب، وأطلق كثير من المصريين تغريدات وهم يخاطبون الشتاء، من قبيل: «إحنا آسفين.. ولا يوم من أيامك»، و«الباب اللى يجيلك منه الريح سيبه مفتوح عشان الطراوة»، و«تحس إن الشمس طالعة النهارده هى وعيالها».
موجة السخرية -على السوشيال ميديا- التى اتخذت من انقطاع الكهرباء هدفاً رئيسياً لها، لم تنبه إلى أننا نمر بـ«كارثة» حقيقية!وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، قد حذّرت وفق بيانات أوّلية لها، من أن درجات الحرارة ستصل إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، فى أنحاء العالم، مع بداية شهر يوليو الجارى، وأشارت المنظمة -ضمن تحذيرها- إلى أن سبع دول عربية ستشهد درجات حرارة مرتفعة، بفعل ما يُعرف بظاهرة القُبّة الحرارية.
ووفقاً لمنصة «طقس العرب»، فإنّ الخرائط الجوية تشير إلى أن الكتلة الحارة ستؤثر على سبع دول عربية، وهى: مصر والعراق والسعودية وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، على مدى الأيام القادمة.ومنذ فترة طويلة تحذّر عدة منظمات أُممية ودولية، مُختصة بالمناخ والبيئة، من ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض، ومن أنَّ انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، تسجِّل يوماً بعد يوم مستويات مرتفعة جديدة، الأمر الذى يزيد من ظاهرة الاحتباس الحرارى.وكان تقييم للأمم المتحدة، نُشر قبيل انعقاد قمة المناخ الماضية (كوب 27) فى شرم الشيخ بمصر، فى نوفمبر الماضى، قد أشار إلى أن منطقة حوض البحر المتوسط «تُعد مركز التغير المناخى». وأشار خبراءُ إلى أنه وبناء على ذلك التقييم، فإن الدول العربية ستشهد موجات حر غير مسبوقة وجفافاً، وحرائق ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، ستؤثر جميعها على مواردها الطبيعية.
وتتعدَّد الأضرار التى يسببها ارتفاع درجات حرارة الأرض وتكرار ظاهرة القبة الحرارية، فبجانب ما يشير إليه الخبراء من أضرار، تتعلَّق بالجفاف الذى يؤدى بدوره إلى تصحُّر الأراضى، ويقلص من المساحات المزروعة، ومن ثم يؤدى إلى نقص كبير فى الغذاء، يزداد الخطر الصحى المباشر من ارتفاع درجات الحرارة على سكان الأرض.
وتشير الدراسات إلى أنه إذا لم يتم تنفيذ التوصيات الخاصة بالحد من التغير المناخى، فإن خطر الوفيات المرتبط بالإجهاد الحرارى للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُمكن أن يزيد بمعدل يتراوح بين 8 و20 مرة عن الفترات السابقة.
وتجسدت المأساة فى إيطاليا، فمع اشتداد موجة الحر فى أوروبا، أصدرت معظم المدن الرئيسية فى إيطاليا تنبيهات حمراء إلى خطورة الحرارة الشديدة، مع وضع 23 مدينة فى حالة تأهب قصوى - بدءاً من ترييست فى الشمال الشرقى إلى ميسينا فى الجنوب الغربى.وتعنى تلك التحذيرات أن الحرارة المرتفعة تشكل تهديداً للجميع، وليس للفئات الضعيفة فقط.وتستعر حرائق الغابات فى جميع أنحاء القارة، من بينها اليونان وجبال الألب السويسرية.
وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) إن موجات الحرارة ستصبح أكثر حدة فى السنوات المقبلة، وإن أنماط الطقس المتطرفة تسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الإجراءات المناخية.منذ يوم الاثنين، تشهد اليونان اندلاع حرائق غابات متعددة فى جميع أنحاء البلاد، بما فى ذلك حريق أدى إلى إجلاء 1200 طفل من مخيم صيفى.
ويقع أشد حريق فى اليونان حالياً فى منطقة Dervenochoria شمال أثينا، حيث يمكن رؤية الدخان المتصاعد من خلال صور الأقمار الصناعية.. ويقول يانيس أرتوبيوس، المتحدث باسم خدمة الإطفاء: «همُّنا الرئيسى هو حماية الأرواح».
وفى أماكن أخرى فى أوروبا، تكافح أطقم العمل فى سويسرا حريق غابات بالقرب من قرية بيتش فى كانتون فاليه، وتقول السلطات إن الحرائق بدأت بعد ظهر يوم الاثنين وانتشرت «بشكل متفجر» بين عشية وضحاها.ودمر حريق آخر غابات فى جزيرة لا بالما الإسبانية، بدأ يوم السبت، 20 منزلاً.
لكن درجات الحرارة المنخفضة خلال الليل ومستويات الرطوبة المرتفعة فى الهواء ساعدت رجال الإطفاء فى مكافحة الحريق والسيطرة عليه.نحن أمام كارثة بيئية دولية جعلت من تنفيذ توصيات قمة المناخ الماضية (كوب 27) فى شرم الشيخ بمصر، مسألة حياة أو موت.. وتفرض على الدول الصناعية الكبرى التكفير عن شرور الصناعة ودعم الدول المتضررة، خصوصاً فى الشرق الأوسط.
أما حالة السخرية من المصريين على السوشيال ميديا فهى تحتاج إلى نشر «الوعى» بحقيقة الوضع الكارثى.. حتى وإن تعاملوا معه بسخرية لاحقاً.