«لم ينجح أحد» عبارة كانت تنطلق عبر الأثير على مدار سنوات مقرونة بأسماء مدارس خلال الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة، لتأتي بعدها مراحل أخرى مرت بها نتيجة الثانوية العامة عبر العصور، فبعد إذاعة النتيجة بالراديو، على محطات البرنامج العالم وإذاعة الشعب والشرق الأوسط، لإعلانها بالإذاعة بالمدرسة، باصطفاف الطلاب في طوابير، وحتى إعلانها بالمدارس في قوائم وصولًا إلى إعلانها على شبكة الإنترنت، لكن هل اشترك طلاب الثانوية العامة بمشاعر الرهبة والخوف والترقب مع اختلاف طرق إعلان نتيجة الثانوية العامة على مر العصور؟
نتيجة الثانوية العامة مذاعة على الراديو
لسنوات عديدة كان الراديو هو وسيلة طلاب الثانوية العامة للحصول على نتيجتهم، ويروي المهندس محمود محمد عمر، وكيل أول وزارة أمين عام جامعة أسيوط الأسبق، أن نتيجة الثانوية العامة خلال أوائل سبعينيات القرن الماضي كانت تذاع عبر الراديو، وكانت الأسرة تلتف حول الراديو لسماع النتيجة، كما كان يلجأ الطلاب الذين لا يمتلكون أجهزة راديو بمنازلهم إلى القهاوي حيث كان يجتمع عدد كبير من الطلاب وذويهم لسماع النتيجة، كما كان يحتضن البعض منازل الجيران والأقارب التي تحتوي جهاز الراديو.
وعن طريقة إذاعة نتيجة الثانوية العامة عبر الراديو، يذكر «عمر» أنه كانت يتم الإعلان عنها وفقًا للمحافظات بالتتابع، إذ يتم الإعلان عن المحافظة ثم الإدارة ثم المدرسة ليتم إعلان النتيجة بها ثم مدرية أخرى لحين إنتهاء كافة مدارس هذه الإدارة ثم إدارة أخرى بنفس المحافظة وهكذا، كما كانت النتيجة تذاع بأرقام الجلوس التي كانت طويلة جدا حينذٍ، فكان يقال أول رقم كامل ثم يتم ذكر الأرقام التالية مختصرة، بأن يقال رقم 10001، ثم يقال بعده 2 و3 و5 و7، إذ كان يتم ذكر أرقام جلوس الناجحين فقط، دون الراسبين.
ويحكي «عمر» أن مشاعر القلق والتوتر كان تلازم الطلاب خاصة وأنهم يستمعون إلى نتيجتهم وسط جمع كبير سواء من الأسرة أو من أشخاص غرباء بالمقاهي العامة، مشيرًا إلى أن الراديو كان يذيع عدد من الأغاني المرتبطة بالنتيجة طوال اليوم وأبرزها أغنية عبد الحليم حافظ الناجح يرفع أيده وأغنية ليلى نظمي من الكلية للثانوية وأغنية عبد اللطيف التلباني وافرحوا ياحبايب لنجاحنا، وعن لحظة سماعه لنتيجته بالراديو يروي «عمر» أنها لحظات سعادة لا تنسى شاركه فيها عائلته.
نتيجة الثانوية العامة بالإذاعة بالمدرسة
مرحلة بحقبة تالية للإعلان عن نتيجة الثانوية العامة وهي الإعلان النتيجة بالإذاعة بالمدرسة، يمسك فيها ناظر المدرسة الميكروفون ويبدأ في الإعلان عن النتيجة، ويروي عنها رمضان ماهر فتحي معلم أول حاسب آلي في حديثه لـ «الوطن»، أنه وقف بطابور المدرسة مع والده بمدرسة جمال عبد الناصر الثانوية بمنيا القمح بمحافظة الشرقية، وتغلب عليه شعور الخوف والرهبة خاصة مع وجود والده إلى جانبه أمام جميع زملائه، وأنه كان عام صعب مع قليل من الدروس للظروف الاجتماعية، «كانت أيام رائعة مليئة بالرعب».
وتابع «فتحي» أنه تفاجئ بحضن من والده لأول مرة بحياته بعد الإعلان عن نتيجته بميكرفون الإذاعة بالمدرسة، ولم يتكرر هذا الحضن مرة أخرى غير يوم زفافه، وهو ما غمره بالسعادة التي تلاشت بسببها شعوره الشديد بالخوف بسبب زيادة عدد الراسبين، وتمكن من الإلتحاق بكلية التجارة بعد حصوله على 80%.
وشارك «فتحي» زميله بالدراسة أحمد قاسم الذي وقف بطوابير مدرسة جمال عبد الناصر بمنيا القمح بالشرقية بصيف 1994، ينتظر سماع نتيجة الثانوية العامة الخاصه به بالإذاعة المدرسية، بخوف ورهبة خاصة وأن نظام الثانوية العامة حينها كان لا يسمح للطلاب الراسبين بالإمتحان بدور ثاني، بل أن الطالب الذي يرسب بماجة واحدة يقوم بإعادة السنة بأكملها، وبدد مخاوفه وقلقه سماع رقم جلوسه ليغمره شعور السعادة بنجاحه، الذي أهله للإلتحاق بكلية الآثار، غير أنه فضل دراسة الفلسفة التي وجد بها شغفه وحقق حلمه بتدريسها للطلاب.
نتيجة الثانوية العامة من مواقع الأنترنت
وقفزة إلى جيل الأنترنت والحصول على النتيجة من المواقع الإلكترونية يروي أحمد فرج أنه قضر يوم ظهور النتيجة بصيف 2021 قرر التخلص من توتره بمسك هاتفه ليقوم باللعب على لعبة «بابجي»، وغلبه النعاس حتى الـ2 ظهرًأ، وكان من المفترض أن تظهر النتيجة على الموقع الساعة الـ 3 عصرًا، غير أنه أصابه التوتر والقلق الشديد كون الموقع اصابه خلل نتيجة الضغط عليه من طلاب الثانوية العامة، فقام أحد أصدقائه ويدعى عمرو صالح بإحضار النتيجة له، وأخبره بالنتيجة التي كانت حصوله على 92%، «كلمت واحد صاحبي جابهالي وش الخير، وقالي مش عارف هتفرح ولا هتزعل».
وتابع «فرج» في حديثه لـ «الوطن»، أنه تمكن من تحقيق حلمه والالتحاق بكلية الهندسة، وأن يوم ظهور النتيجة كان من اسعد لحظات حياته، «روحت البيت قولتلهم وبدات الزغاريط واللي ف الشارع باركولي وكدا وعدت علي خير الحمدلله».
تعليقات الفيسبوك