وشرعت مصر فى دعم الأشقاء فى فلسطين خلال العدوان قبل الأخير، وأكدت أنها ستعيد إعمار غزة، ورصدت نصف مليار دولار لذلك رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، ومع ذلك أرسلت مصر شركاتها وبدأت على الفور فى زمن قياسى رفع ركام المنازل والمؤسسات المهدمة لترفع 85 ألف متر مكعب من الركام فى 65 يوماً وتبنى ثلاث مدن كاملة هى «دار مصر 1»، و«دار مصر 2»، و«دار مصر 3» فى جباليا والشجاعية وبيت لاهيا، فضلاً عن إنشاء كورنيش غزة الذى سُمى «كورنيش مصر» عرفاناً من أهل غزة بما قدمته مصر فى تلك العملية، والذى انتهى بتنظيم شوارع غزة وبناء كبارى للقضاء على الزحام بمدينة غزة وحل مشكلة المرور بها!
ومع الأحداث الحالية وبدء العدوان على غزة تماهى الموقفان الرسمى والشعبى على أروع ما يكون.. فقد أرجعت مصر العدوان لأسبابه الأساسية التى نشأت من وجود أرض محتلة واحتلال لا يريد إعادة الأرض لأصحابها ويرفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الصادرة من الأمم المتحدة بقرارات من مجلس الأمن الدولى 242 و338 ولم يتم تنفيذها حتى اليوم. ولا يتوقف الأمر عند ذلك ولا عند أن هذا ما تبقى من أرض فلسطين الأصلية، ولكن يتم الاعتداء كل يوم على الشعب الفلسطينى داخل بيوته فى أرضه المحتلة بالقتل والجرح والتخريب ومصادرة الممتلكات وحرق الزرع واقتلاعه وتفجير البيوت ومصادرة الأموال، حتى بلغت الأرقام فى 2022 رقماً قياسياً، وبالطبع تم تجاوز كل الأرقام فى العدوان الأخير الذى فاق كل شىء!!
مصر على خط الأزمة منذ اللحظة الأولى.. لم تغلق منفذها على الأشقاء.. أعلنت بكل قوة رفض تهجير الأشقاء إلى غزة لتُنهى مخططاً قديماً يقضى بتفريغ الأرض من العرب تمهيداً لترحيل عرب 48 أنفسهم رغم حملهم الجنسية الإسرائيلية بالإكراه لإعلان الدولة اليهودية النقية، ثم بعد سنوات يتم عدوان جديد على أرض جديدة والاستيلاء عليها، وهكذا خطوة خطوة فى مخططهم الموهوم لبناء دولة «إسرائيل الكبرى» لكن مصر تُجهض المخطط فى مهده وتحمى الأرض الفلسطينية وتدعو فوراً لمؤتمر إقليمى دولى لمناقشة العدوان، ويستجيب العالم لمصر، وخلال أيام ينعقد المؤتمر ويُجمع على حل الدولتين ليعيد الاعتراف بوجود أرض محتلة ويعيد اتجاه العالم للتعاطف مع الفلسطينيين وتبدأ حملات التبرع للشعب البطل المعتدَى عليه وتبدأ دورة عكسية ضد العدو المجرم!
وفى أثناء ذلك حشدت مصر إمكانياتها لتوفير المساعدات لتكون أول قافلة مساعدات تحمل ألف طن من الأغذية و300 ألف علبة أدوية و50 ألف قطعة ملابس و40 ألف بطانية ثم توالت المساعدات من مصر حتى القرار الأخير للرئيس عبدالفتاح السيسى بـ650 طناً سبقتها الـ150 طناً للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ليكون لمصر نصيب الأسد من المساعدات بما يتجاوز الـ85٪ من مجمل مساعدات العالم!
والأهم من كل ذلك -رغم ضرورته- هو الحالة التى يعيشها شعبنا من طوابير طويلة للتبرع بالدم إلى الاحتشاد للتبرع العينى والنقدى، فضلاً عن قرى كاملة مغلقة على أهلها تجمع تبرعاتها وترسلها إلى الجهات المختصة، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدنى من التحالف الأهلى للعمل الخيرى، إلى «حياة كريمة»، إلى الهلال الأحمر المصرى قبل هؤلاء جميعاً، إلى شباب مصر على معبر رفح، إلى قنوات مصر التليفزيونية والإعلام المصرى كله الذى شرّفته الشركة المتحدة وشرّفت الشعب المصرى بزيارة وفدها إلى المصابين الفلسطينيين بمستشفيات العريش فرفعت رأس شعبنا كله بهذه اللفتة الرائعة، فضلاً عن قنوات المتحدة الذى يفضح العدوان كل يوم وغير هؤلاء جميعاً فى الشارع المصرى، فضلاً عن حملات مقاطعة السلع التى تنتجها شركات تساعد العدو، ويقودها أطفال ونساء وشيوخ الشعب المصرى، فضلاً عن الدعم المعنوى الذى لا يتوقف أبداً!
وهكذا مصر دائماً.. لمن لا يعرف.. ولمن لا يتابع.. ولمن لا يفهم.. ولمن يتربص!
قبل الكل.. وأول الجميع!