رئيسنا القادم يحتاج إلى ظهير شعبى كبير جداً يمنحه وإلى أقصى حد ممكن صلاحية التعامل مع العالم الخارجى بما فيه أزمات المنطقة والعالم بكل قوة ويتفاوض لما فيه مصالح البلاد والعباد وهو محصَّن بأغلبية كبيرة!
الأغلبيات الكبيرة شرعيات كبيرة وما جرى فى العدوان على غزة ليس -حتى الآن- إلا عينة لما يمكن من أحداث لا نعرف مداها ولا حجم اتساعها المحتمل ولا مساحة النيران التى يمكن أن تصل إليها ويبقى كله رهن الغيب والقادم من الأيام.. لكن مصالح الأمم والشعوب لا تخضع للمصادفات إنما يتم بحثها ومناقشتها ووضع سيناريوهات لها وطرق ووسائل وخطوات وإجراءات التعامل مع كل سيناريو وحشد الموارد له.. ولا يعنى ذلك الموارد العسكرية فقط، إنما موارد الدولة الشاملة.. والشاملة تعنى الشاملة!
ووفقًا لهذا المنطق.. فليس من مصلحتنا -كمصريين- خروج أعداد قليلة أو نسبة ضعيفة من المسجلين بكشوف الانتخابات لاختيار الرئيس القادم، إنما من المفيد ومن المصلحة خروج نسبة كبيرة منهم يمنحون ثقتهم لرئيسهم الجديد وبالتالى يمنحونه منذ اليوم الأول له فى مهامه الجديدة تفويضاً «فوق رئاسى».. يحق له بمقتضاه تقرير ما يراه مفيداً أو غير ذلك وبالسرعة التى تقتضيها الظروف التى اتفقنا أننا لا نعرف مداها الأسابيع والأشهر المقبلة!
وعلى استقامة هذا الخط.. ينبغى تنشيط ذاكرة الناس بأهمية ما جرى من تفويضات سابقة تابعها العالم وتابع معانيها من دعم شعبى هائل لقرارات ومواقف اتخذت سابقاً واحتاجت إلى توحد فى الموقفين الرسمى والشعبى.
نحتاج إلى إنعاش الوعى بما يجرى فى محيطنا دون تناوله كأنه حدث معلق فى الهواء إنما بربطه بمخططات قديمة تستهدف المنطقة.. وتستهدف هذا البلد تحديداً!
وعلى الأحزاب المصرية تقسيم المشهد السياسى الداخلى فى هذه اللحظة.. والانتقال فى تفسير جزء منه باعتباره عملاً وطنياً قومياً ننتقل به من حالة التنافس السياسى إلى حالة الوحدة الوطنية.. وبالتالى التفرقة بين الحشد للتصويت بشكل عام لإنجاح المشهد الانتخابى وبين التصويت لمرشح بعينه. إذ إن الأول يعتبر عملاً وطنياً خالصاً.. بينما يظل الثانى عملاً سياسياً خالصاً أيضاً!
وهذا يتطلب ورغم ضيق الوقت تنسيقاً على أعلى مستوى بين قادة الأحزاب يوظف وسائل الاتصال الحديثة لتوفير الوقت والجهد ينتهى ببذل الجهد الفورى المنظم الذى يكون هدفه نقطة واحدة وحيدة، وهى الوصول إلى مشاركة فعالة وكبيرة فى الأيام الثلاثة للانتخابات تمنح شعبنا حقه -ويحصل شعبنا على حقه- فى ممارسة حقه الدستورى واختيار حاكمه وبالتالى تحديد الطريق الذى يريد أن تسير عليه البلاد الفترة القادمة بعد رؤية كل المرشحين وطرحهم فى كل القضايا بمن فيهم المرشح عبدالفتاح السيسى الذى تعتبر خطواته على الأرض طوال السنوات الماضية مع طريقة تعامله فى القضايا الخارجية برنامجاً متكاملاً شرحته حملته الانتخابية وبالتالى نكون أمام أربعة برامج شاملة لأربعة مرشحين!
الأمر نفسه -إن كنا بصدد الحديث عن عمل شعبى واع شامل- ينطبق على النقابات المهنية والعمالية بصيغة وطنية خالصة وليست سياسية وأعضاء هذه النقابات بالملايين ووسائل اتصالها بجمعياتها العمومية أكثر تطوراً وأسرع بمراحل عن الوسائل السابقة وبالتالى -أيضاً رغم ضيق الوقت- يمكنها من خلال تحمل مجالس إداراتها المسئولية لعب دور مهم خلال الأيام المقبلة فى حشد الناس لتقديم صورة طيبة -وحقيقية- عن شعبنا!
الأمر نفسه يجب أن تتحمله وفوراً الجمعيات والروابط والأندية ومراكز الشباب بطول مصر وعرضها، وهى لها نفوذها وحضورها وتأثيرها على البقية الباقية من شعبنا، خاصة فى أماكن بعيدة، يكون اتصالها بالعمل العام أقل من غيرها.
الخلاصة.. صورة مصر وشعبها مع دعم الرئيس القادم بأكبر حصانة وحاضنة شعبية هى مسئولية الجميع.. ولذلك نصنفها عملاً وطنياً لا سياسة فيه.. إذ تبقى حرية الاختيار بعد ذلك متروكة.. مصونة.. محمية.. لكل مواطن وفق إرادته المباشرة.. والحرة!