كثيرون من بسطاء مصر يسعون للمعرفة ودورنا أن نساعد على ذلك ونساهم فيه.. وربما النخبة حظها أوفر فى استيعاب الدور الذى تقوم به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ولكن من العدل أن يكون الاستيعاب للجميع.
والسؤال فى رمضان ونظراً للجدل الكبير حول إنتاج «المتحدة» يفرض نفسه أكثر وأكثر ولذلك نرى أن نبدأ الموضوع من البداية.. فما هى «الشركة المتحدة «؟! وماذا تفعل بالضبط؟! وما ضرورتها وأهمية دورها؟!
البداية منذ عودة مصر للمصريين وقرارها بيد أبنائها بعد قيام أبناء الجيش العظيم بتحريرها من المحتل الأجنبى وأصبح مصيرها فى يد أبنائها فعلياً.. فعقب ثورة يوليو واستبعاد العمل بنظام التعدد الحزبى نظراً لقرب العهد بالمحتل الأجنبى.. تم اعتماد نظام التنظيم الواحد. وليس الحزب الواحد. . والتنظيم الواحد للدولة يسمح تحت مظلته بوجود تيارات واتجاهات سياسية مختلفة وليس أصحاب مصالح واحدة ولا فكر واحد. . ومن هنا كانت فكرة الإعلام القومى والذى تشرف عليه الدولة بالكامل وتضع خطته وتحدد ميزانيته وتختار قياداته.
بعد التحول لنظام التعدد الحزبى بعيد منتصف السبعينات حدث تناقض كبير بين انتماء رئيس الجمهورية لحزب من الأحزاب بينما الإعلام يتبع سياسات هذا الحزب ولم يعد قومياً ملكاً للجميع ولكل الشعب.. هذا ما دفع فيما بعد خاصة بعد 2011 إلى الحديث عن إلغاء وزارة الإعلام بفلسفة أن الإعلام يجب ألا يحتكره حزب أو حاكم أو حكومة.. إنما يكون مستقلاً تديره هيئة مستقلة لمصلحة الشعب كله.. خطتها للشعب كله.. جهدها للشعب كله.. هذه فكرة مثالية ونبيلة خاصة فى ظل وطن مستهدف يتعرض لعواصف إعلامية خارجية وداخلية وخاصة أكثر تعرضه لهجوم شرس من جماعات إرهابية لم تفرق بين المسجد ولا الكنيسة ولا المصالح العامة ولا الأفراد.
مع الضغوط الجماهيرية فى الشارع.. ومع ترك الدستور الجديد فى 2014 للقوى السياسية بشكل حقيقى تم الاستقرار على تأسيس ثلاث مؤسسات رئيسية، أولاها الأعلى لتنظيم الإعلام، الذى حدد الدستور دوره ووظيفته ووصفها بأنها «هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وموازنتها مستقلة. ويختص المجلس بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها. ويكون المجلس مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها ومنع الممارسات الاحتكارية ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها ومقتضيات الأمن القومى وذلك على الوجه المبين فى القانون».
مع جهود كبيرة لضبط حركة الإعلام فى مصر لتحقيق السطر الأخير من الفقرة السابقة، والتى تشكل خلاصة الأمر كله وهو «أصول المهنة وأخلاقياتها ومقتضيات الأمن القومى» لم يكن ممكناً ترك الأمر للصدف.. ولا لقوانين السوق التى تفرض فى سوق الإعلام والإنتاج الإعلامى قواعد قد تكون متصادمة مع الأمن القومى ومصالح شعبنا.. ومع وجود أيد مؤتمنة على مصر وشعبها كان التفكير بمعادلة تحقق الالتزام بالدستور وتحمى مصالح شعبنا وأخلاقياته ومقتضيات أمنه القومى.. ومن هنا كان حتمياً وجود مؤسسة وطنية تتصدى لذلك ولا تترك الساحة الإعلامية لعبث العابثين ولا لمضاربات المضاربين ولا رؤوس أموال موجودة تنتج وتتحرك ولا نعرف ولا يعرف أحد مصدرها فى فوضى شاملة ممتدة حتى من قبل 2011 وحتى 2014.. وللقصة بقية يستمر الحديث عنها فى الحلقة القادمة.