خالد فرج يكتب: أحمد عز بابا الشغلانة
خالد فرج
الأرقام دوماً لا تكذب، والنجاح لا يأتى إلا لمن يستحقه، والتفرد يكون من نصيب أصحاب النوايا الطيبة والمخلصة لمهنتها، فكل هذه الحقائق تصب فى جعبة أحمد عز، هذا النجم الاستثنائى الذى أصبح يستحق لقب «بابا الشغلانة»، انطلاقاً من إيرادات أفلامه التى تجاوزت الـ600 مليون جنيه منذ أولى بطولاته السينمائية وحتى فيلمه الأخير «ولاد رزق - القاضية» الذى حقق أعلى إيراد لفيلم فى تاريخ السينما المصرية بـ133 مليون جنيه فى 9 أيام فقط، وذلك حسبما أعلن الموزع السينمائى محمود الدفراوى فى البيانات اليومية الصادرة منه بالإيرادات.
«عز» لا يعترف بلغة الأرقام وحدها، ولكنها لا بد أن تقترن بعنصر الجودة الفنية، فلا بد من وجود رسائل فنية فى طيات أحداث أفلامه، وأذكر حديثى الأخير معه الذى نُشر على صفحات جريدة «الوطن» قبل أيام حين قال: «لو خيرونى بين الإيرادات وتقديم أفلام تعيش لسنوات فهختار الاختيار الثانى دون تردد»، وهو ما يعكس عقلية لا تنظر تحت أقدامها، ولكنها تسعى لصناعة تاريخ سينمائى باسمها، متخذاً من قامات فنية كبيرة كالزعيم عادل إمام والإمبراطور أحمد زكى والساحر محمود عبدالعزيز قدوة ومثلاً أعلى.
وبالحديث عن فيلم «ولاد رزق - القاضية» الذى شاهدته بالسينما مرتين، الأولى فى القاهرة والثانية كان فى العرض الخاص للفيلم الرياض، سنجد أن مؤلفه صلاح الجهينى يحافظ على السلسلة أو الأجزاء الثلاثة بطريقة سرد ثابتة مع اختلاف الرواة، فنجد أن أحمد الفيشاوى كان راوى الجزء الأول، وأحمد داود تصدر للجزء الثانى إلى أن وصلت مهمة الحكى لأحمد عز فى الجزء الثالث.
وهنا لا بد أن أشيد بتميز صلاح الجهينى فى الكتابة، لأنه يصنع «تويست» مع نهاية كل جزء بشكل غير متوقع، فتجد نفسك مشدوهاً أمام كل مشهد لعله يكون مفتاح حل اللغز، وفجأة يقودك بالأحداث نحو أصل الحكاية بشكل أخاذ ومشدود ومنطقى فى الوقت ذاته، ولكنى اندهشت من عدم وجود مبرر درامى لغياب شخصية «عاطف» عن هذا الجزء، وهى الشخصية التى جسدها أحمد داود فى الجزأين الأول والثانى، حيث كان المبرر لغياب رجب «أحمد الفيشاوى» بأنه أصبح محبوساً فى السجن، وذلك جاء على لسان «رضا رزق» أثناء سرده لقصته مع أشقائه، ولكنه لم يشر إلى مصير «عاطف» وكأنه شخصية «اتشقت الأرض وبلعتها».
والمختلف فى الجزء الثالث بعيداً عن القصة وتطور الشخصيات الدرامية كان ضخامة الإنتاج، فالتكلفة الإنتاجية لهذا الفيلم لم يتم رصدها لأى فيلم مصرى من قبل، وذلك انطلاقاً من تخصيص المستشار تركى آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه، ميزانية كبيرة للفيلم وصلت إلى 600 مليون جنيه مصرى، واتضحت هذه الميزانية جلية فى مشاهد الأكشن التى تم تصويرها فى الرياض تحت إدارة المخرج طارق العريان، فحين تشاهدها ستتأكد أن هذه الأموال لم تضع هباء، ولكنها وظّفت فى مكانها الصحيح من أجل تقديم مشاهد حركة تحاكى الأفلام العالمية، وكذلك الاستعانة بالملاكم العالمى تايسون فيورى كضيف شرف بالفيلم، والذى كان وجوده مهماً تماشياً مع طبيعة الأحداث التى لن أحرقها كى لا أفسد متعة المشاهدة لمن لم يشاهد الفيلم بعد.
ولا يمكن إغفال مجهود عمرو يوسف وعلى صبحى بالفيلم، فكلاهما جسد دوره بأداء موزون دون افتعال أو مبالغة، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت فى ظهور أحمد الرافعى، هذا الممثل الرائع الذى جسد شخصية مركّبة كـ«سلطان الغول» بسلاسة شديدة، وأعتقد أن مَن اختاره لهذا الدور يستحق الشكر والثناء، لأنه انتقى موهبة شابة وجازف بها فى دور رئيسى بالفيلم، ولكنها كانت مجازفة محسوبة بكل تأكيد.
مبروك لصُناع «ولاد رزق - القاضية» وها نحن بانتظار الجزء الرابع من الآن، والذى سيكون للنجم كريم عبدالعزيز دور بارز فيه، ولكن يظل السؤال: «هل سيدخل فى مواجهة مع «ولاد رزق» أم سينضم عضواً جديداً لهم؟»