إن نقطة البدء فى الجيش الإلكترونى الإخوانى هى حصار الأطراف الفاعلة داخل الدولة، وخلق مشهد للتدافع (السياسى، الاقتصادى، العسكرى) تصبح الجماعة فيه حاضرة طوال الوقت، لعله يأتى اليوم الذى يجرى فيه حراك شعبى قوى، يكون التنظيم فيه هو الوحيد القادر على قيادته.
ويمكن إجمال الأهداف العامة لمواقع التواصل لدى جماعة الإخوان فى: الترويج، الاستقطاب، التصدى للمخالفين، القرصنة، إثبات الوجود، النكاية والإنهاك للنظام.
وبمراجعة ما يقوم به الجيش الإلكترونى سنجد أن هناك أشياء مكررة بشكل دائم، وهى الدعوات للتظاهر والثورة، تخوين المخالفين وإسقاط شرعيتهم، تفنيد الاتهامات الموجهة للتنظيم وادعاء المظلومية، رسائل الخطاب الداخلى للأتباع والمخالفين، الاحتفاء بالتقارير الصحفية والاستخباراتية التى تعارض الدولة، تقديم سردية التنظيم ورؤيته السياسية، التحريض على خطاب الكراهية، مجاراة الأحداث والتعليق عليها، إثبات الوجود والقوة.
ووفق بعض المصادر يُشرف محمود الإبيارى على جيش الجماعة، على اعتبار أنه الأمين العام للتنظيم الدولى، والمضطلع بدور كبير فى فرع الجماعة بمصر، كما يشرف صهيب عبدالمقصود على المجموعة التى تدير عدداً من الوحدات الرئيسية فى هذا الجيش.
بالنظر إلى هيكلة هذا الجيش وفق مصادر خاصة فإنه سيكون كالتالى: المشرف العام، ويليه القائد، الذى يتعامل مباشرة مع المجموعة الرئيسية المشكّلة من عدد من الأفراد، الذين يشرف كل واحد منهم على وحدة، مثل وحدة الهاشتاجات، القرصنة، الترويج، الحسابات المزيفة، وحدة التصدى للمخالفين، وكل تلك الوحدات تضم عدداً من الأفراد، وهم العناصر الأبرز لتنفيذ أهداف الجيش الإلكترونى للجماعة.
ويجتمع قادة المجموعات الهاربون للخارج مع المشرف العام كل عام مرة أو مرتين تقريباً فى دولة خارجية، وأفادت بعض المصادر أنهم اجتمعوا مرة فى أذربيجان، وأخرى فى البوسنة خلال العام الماضى.
ويتقاضى العاملون فى اللجان الإلكترونية للجماعة آلاف الدولارات نظير ذلك، بالمقارنة مع العمل السهل الذى يقومون به، وهو عمل تسلسل للعملية الإعلامية والإلكترونية للجماعة بمواقع التواصل، عن طريق هاتف، أو جهاز لابتوب، وتنفيذ خطة الجماعة القائمة على الإغراق والترويج.
ويمكن ملاحظة أن شبكات الجيش الإلكترونى للإخوان تعمل بصورة منسّقة فيما بينها ووفقاً لأجندة إعلامية متشابهة، وهذا يوحى بأنها فى النهاية تنبع من نفس المصدر، وتخدم نفس الأهداف التى رسمها المسئولون عنها، لكن من الملاحظ أيضاً أن هناك لجاناً تابعة لجبهة محمود حسين يقودها العنصر الهارب (إبراهيم فودة)، الذى تم إجباره مؤخراً من قبَل الدولة التى يقيم بها على الاختفاء والتوقف عن النشر، إلا أنه لا يزال يدير أعمال المجموعات الإلكترونية التابعة له.
ووفقاً للمعلومات التى بحوزتنا فإنه من الأساليب الشائعة التى يستخدمها الإخوان إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التى تضخم رسائل معينة عن طريق الإعجاب والتعليق ومشاركة منشورات بعضها البعض.
وبالنظر إلى الأقسام المختلفة للجيش الإلكترونى فإن القسم الأول الذى يحمل عنوان (الترويج) يضم مناصرين ومتعاطفين ومشايخ مستقلين وعناصر معارضة لا تتبع الجماعة بشكل مباشر، وبيانات المتحدثين الإعلاميين.
أما قسم الاستقطاب فهو يضم عناصر من الجماعة بشكل مباشر، وهم يقومون باستقطاب وتجنيد العناصر التى تُبدى تعاطفاً داخل صفحات التواصل، ويتم هذا عن طريق التعرف، والتعريف بأفكار التنظيم، ثم الدعوة للعمل مع الجماعة، الذى قد يشمل فيما بعد تصوير فيديوهات وإرسالها لتلك اللجان الإلكترونية.
وتقوم لجنة التصدى للمخالفين بأعمال تتعلق بترويج الإشاعات والتصدى لنجاحات الدولة ومحاولة إفشالها، وهذا عن طريق التهوين من شأن النجاحات والتقليل من الدولة وأعمالها، والإفراط فى ذم كل مشروع.
ويُعتبر قسم القرصنة من أهم أقسام الجيش الإلكترونى، إذ يقوم بأعمال تتعلق بمهاجمة صفحات الموالين للدولة، واختراق أجهزتهم، وهذا من باب العداء المباشر، والتصنيفات التى تقدمها عناصر من الجماعة للمخالفين لها. ويضمّ الجيش الإلكترونى للجماعة ثلاثة أقسام مختلفة، الأول هو «سيرفر» أو برنامج خاص يضمّ أكثر من خمسة آلاف حساب وهمى يستخدمها من أجل الترويج لأخبار معيّنة وصور محددة، ويشمل هذا أيضاً مجموعات عبر تطبيق «واتساب»، ويتفاعل هذا البرنامج أوتوماتيكياً مع الخبر الذى يروّجه، ويضع إشارة الإعجاب Like والتعليق Comment بشكل تلقائى.
أما القسم الثانى فيتولّى تقديم (حملات التبليغ) لإدارة فيس بوك وX ضد روّاد مواقع التواصل الاجتماعى الذين لا يؤيّدون سياسة الجماعة، ويوجّهون إليها الانتقادات، بهدف إغلاق حساباتهم لمدة محددة ومنعهم من التفاعل مع القضايا التى تخص الدولة.
وبكل تأكيد فإن هذا الجيش يضم عناصر متخصصة فى المجال الإلكترونى مهمتهم تحليل بيانات خاصة بهاتف محدد أو حاسوب خاص، ورصد الحسابات التى تُعتبر معادية لهم، من أجل عمل حملات التبليغ عنهم.
من المهم هنا أن نكون قد عرفنا كيف يعمل هذا الجيش، والعملاء العاملون به، الذين يتقاضون آلاف الدولارات، ومتابعة الصفحات التحريضية ومواقع الجماعات الإرهابية على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لتحديد القائمين على إدارتها.
وتتطلب مجابهة جيش الجماعة الذى ينشر الإشاعات ويقوم بدور تحريضى كبير الإشراف على مجموعات متخصصة تعمل على المحتوى الإرهابى وإزالته باستخدام مجموعة من التقنيات التى تهدف لحظر ومنع المحتوى الإرهابى لحماية الآخرين منه، واستخدام خوارزميات البرمجة، وتقنيات الذكاء الاصطناعى لتحليل سلوك المستخدمين وتوجيههم إلى محتوى معين يساعد على مكافحة الروايات الإخوانية عبر تقنية «إعادة التوجيه» المبتكرة التى تم تجريبها فى عام 2016. ويُمكن لهذه التقنية تحديد الجماهير القابلة للاستقطاب بناءً على سلوك البحث عبر الإنترنت، وبعدها يتم إعادة توجيههم إلى الإعلانات ومقاطع الفيديو المصممة لدحض التطرف، كما لا بد من تحليل البيانات والدعايات التحريضية من أجل تعزيز قدرات السلطات المصرية على التنبؤ بأفعال الجماعة التى تسعى لعمل انقسام كبير داخل الوطن.
وترتبط مواجهة جيش الإخوان الإلكترونى بجهود مكافحة الإرهاب والحد من انتشار الأفكار المتطرفة، وذلك وفق خطة ترتكز على محورين: الأول وقائى: يستهدف العناصر الشبابية والفئات العمرية الدنيا (أقل من عشرين عاماً) وذلك للحيلولة دون تأثرهم بالأفكار المتشددة والوقوع فى براثن التنظيمات الإرهابية.
وأما الثانى فهو علاجى معنى بعمليات التأهيل الفكرى، ووضع آليات للتعامل مع العناصر التى وقعت فى براثن بعض الخلايا الإلكترونية.
ومن الممكن الآن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى للكشف عن الخطاب الإخوانى عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، انطلاقاً من عدة إجراءات عملية، وتوظيف تقنيات متعددة، ويمكن القيام بذلك عبر الخطوات التالية: مراقبة النصوص والمحتوى: يمكن لتقنيات «معالجة اللغة الطبيعية» فى مجال الذكاء الاصطناعى، مراقبة وتحليل النصوص والمحتوى عبر الإنترنت لاكتشاف العبارات والمواد المشبوهة والمحتملة للتطرف. والكشف عن الأنماط: يمكن للذكاء الاصطناعى تحليل أنماط النشاط عبر الإنترنت والتواصل الاجتماعى للكشف عن أنشطة مشتبه بها والتحقق منها. واستخدام تقنيات التعلم الآلى: يمكن تطبيق تقنيات التعلم الآلى مثل تصنيف النصوص وتحليل العواطف لتحديد المحتوى المتطرف والتحريضى. ومراقبة الصور والفيديوهات: يمكن أيضاً استخدام التقنيات الخاصة بالتعرف على الصور والفيديوهات للكشف عن المحتوى المتطرف من خلال التحقق من الصور والمقاطع المشبوهة.