قلناها ونرددها منذ سنوات.. لا مكان لأي أمة بين أمم العالم إلا بالصناعة.. لا مكان لدولة لتكون ذات قيمة بين بلاد الدنيا إلا بالصناعة.. صحيح ما أنجز كبير ومدهش من مدن جديدة بطول البلاد وعرضها وطرق جديدة وموانئ جديدة ومطارات جديدة وتحديث للقديم منها وبرامج للحماية الاجتماعية وتنمية هائلة في سيناء وغزو حقيقي وفعال للصحراء أثمر نتائج طيبة جداً، سواء في محافظات المليون ونصف المليون فدان، بما فيها الوادي الجديد وشرق العوينات والمغرة ومساحات كبيرة بمحافظة المنيا إلى سيناء وقرية الأمل وعودة ملحوظة ولافتة إلى أفريقيا وغيرها وغيرها.
لكن يبقى ملف الصناعة وحده الذي سيضع لنا المكانة التي نتمناها بين دول العالم! يبقى للصناعة معادلتان عند الحديث عنها.. الأولى أننا حقّقنا الفترة الماضية إنجازات جيدة.. وتبقى المعادلة الثانية أننا لم نصل إلى ما نتمناه حتى الآن.. ففي الفترة الماضية مثلاً أعدنا مصانع تاريخية للإنتاج والعمل، وأضفنا جديداً لها.. أعدنا شركة قها للمنتجات الغذائية، وترسانة الإسكندرية لإنتاج وصيانة السفن، وتحديث مجمع صناعات ألومنيوم نجع حمادي، وكيما أسوان، التي بلغ عدد عمالها المباشرين وغير المباشرين 3700 عامل، وكذلك عدد من مصانع الغزل مثل شركة الوجه القبلي للغزل والنسيج وسيماف طبعاً بعد ضمها للهيئة العربية للتصنيع، والبحث عن شريك عالمي للنصر للسيارات وبنها للإلكترونيات، وأضفنا إثيدكو الإسكندرية وأكملنا مسطرد للصناعات البتروكيماوية ومدينة الدواء بالخانكة بـ180 ألف متر و150 مليون عبوة سنوياً، إلى مجمع صناعات النسيج بالروبيكس، وغيرها وغيرها.
ولذلك كان منطقياً أن تكون الصادرات السلعية إلى الخارج العام الماضي 35 ملياراً و631 مليون دولار بصدارة صناعات مواد البناء برصيد 8 مليارات و834 مليون دولار، تليها الأسمدة والكيماويات بما يزيد على 6 مليارات دولار، تليها الصناعات الغذائية، بما يزيد على 5 مليارات دولار، إلى الصناعات الهندسية، بما يزيد على الـ4 مليارات دولار، إلى الملابس الجاهزة بما يزيد على الـ3 مليارات دولار إلخ إلخ.
طبعاً مع انتظار نتائج خطة صناعة النسيج التي بدأت قبل سنوات، ورُصد لها ما يزيد على 21 ملياراً، فأثمرت حتى الآن عن تحديث معدات وآلات وتدريب عمال ودمج شركات وبناء أكبر محلج قطن في الفيوم، وكذلك أكبر مصنع غزل في المحلة، وفي انتظار نتائج هذا كله قبل منتصف العام المقبل.. الآن نريد انطلاقة أكبر تعيد لموقع مصر الصناعي مكانته وسمعته.
ورغم أن الصناعات والمشروعات الكبرى هي قاطرة الاقتصاد -أي اقتصاد في العالم- فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر هي الأكثر قدرة على توفير فرص عمل كثيرة وسريعة، لذلك نأمل من الوزير كامل الوزير، ليس فقط استكمال الحرب على الروتين والبيروقراطية القاتلة وسلوكيات بعض رجال الإدارة الدنيا والمتوسطة في «إيقاف المراكب السايرة» كما يقولون، وتجاوز ذلك كله إلى ما فيه مصالح البلاد والعباد فحسب، وإنما نأمل أيضاً في حلول عاجلة لمستثمري المناطق الصناعية في المحافظات، خصوصاً صعيد مصر.. بل على خصوص الخصوص في أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر.. نأمل من الوزير كامل الوزير، ولديه الآن من الصلاحيات ما يكفي ليتابع ملف الصناعة، حتى لو يتابع وزارات أخرى، بما يعيد فتح ملف إغلاق عدد من المصانع، مع منح الفرصة للطريقة الجديدة في إدارة هذا الملف، ربما تثمر نجاحاً غائباً يرونه بعيداً ونراه قريباً بإذن الله.