تحولت مصر فى منتصف السبعينات إلى نظام السوق الحرة.. بدأت إجراءات الانفتاح الاقتصادى دون تأهيل المجتمع للتحول الكبير بعد أكثر من عشر سنوات من النظام الاشتراكى.. كان من أوائل هذا التأهيل المجتمعى تأسيس بنية مؤسسية تحمى المواطن من تغول السوق وأصحابه عليه، وتردع أى جشع يحاول توظيف قوانين السوق لصالحه.. ولذلك عاش شعبنا فترة طويلة بلا جهة لمنع الاحتكار ولا جهة لحماية المستهلك، حتى تأسس الجهاز عام ٢٠٠٦ أى بعد ربع قرن تقريباً من التحولات الاقتصادية التى جرت، فضلاً عن عدم وجود جمعيات أهلية تُنظم حركة المستهلكين فى المجتمع أمام وحدة التجار المنظمة من خلال الغرف التجارية! وبالتالى غابت ثقافة الاستهلاك عند الملايين، ومن هنا حدث خلل كبير فى الأسواق المصرية، وفى العلاقة بين المنتجين والمستهلكين باعتبار أن مستوردى السلع هم منتجوها فى الأسواق المصرية!
لماذا نقول ذلك؟ لنؤكد حجم الأعباء التى ألقيت على الجهاز الذى ظل بلا صلاحيات كافية حتى تدخّل الرئيس عبدالفتاح السيسى بتفعيل حق المواطن فى الصحة والسلامة عند استعماله العادى للمنتجات.. الحق فى الحصول على المعلومات والبيانات الصحيحة عن المنتجات التى يشتريها أو يستخدمها أو تقدّم إليه.. الحق فى الاختيار الحر لمنتجات تتوافر فيها الجودة المطابقة للمواصفات.. الحق فى الكرامة الشخصية، واحترام القيم الدينية والعادات والتقاليد.
الحق فى الحصول على المعرفة المتعلقة بحماية حقوقه ومصالحه المشروعة.. الحق بالمشاركة فى المؤسسات والمجالس واللجان المتصل عملها بحماية المستهلك.. الحق فى رفع الدعاوى القضائية عن كل ما من شأنه الإخلال بحقوقه والإضرار بها أو تقييدها، وذلك بإجراءات سريعة وميسرة وبدون تكلفة.
الحق فى اقتضاء تعويض عادل عن الأضرار التى تلحق به أو بأمواله من جراء شراء أو استخدام المنتجات أو تلقى الخدمات.
وعلى ذلك يكون على الجهاز ضمان سلع قابلة للاستهلاك الآدمى وأخرى صالحة للعمل وفق الشروط المعلن عنها معروفة المصدر والمنشأ.. ولا ذنب للجهاز فى عدم القدرة على تحديد أسعار السلع المحظورة فى السوق الحرة.. فلا توجد مؤسسات تضع تشريعات لنفسها ولعمل رجالها.. ولذلك تكون ملاحظات الصحفيين والإعلاميين -ونحن منهم- على أداء بعض رؤساء الجهاز طبقاً لما هو متاح لهم وليس على اختصاصات الجهاز وصلاحياته، وكما انتقدنا بعضهم مدحنا بعضهم، كما دعمنا بكل قوة اللواء راضى عبدالمعطى، رئيس الجهاز الأسبق، الذى جرى فى عهده توسيع صلاحيات الجهاز.. واليوم يعيد رئيسه الحالى إبراهيم السجينى، الجهاز إلى مكانته، ويرد له دوره الذى تمناه المواطن.. خاصة فى وزن رغيف الخبز السياحى، وغيرها من الجهود التى يقوم بها..
ولكن الجهاز بالعدد المحدود الذى يعمل به مع الإمكانيات المتاحة يحتاج إلى الدعم والمساندة ليقوم بجميع مهامه وطموحات رئيسه للوصول إلى أداء مثالى أو شبه مثالى، بما يسهم فى خدمة الشعب المصرى.
«السجينى» -مع حفظ الألقاب- لديه -وقد حاورته لوقت طويل فى إحدى المناسبات- رؤيتين لعمل الجهاز، إحداهما قصيرة الأجل لسرعة التأثير فى الشارع المصرى.. وأخرى طويلة الأجل فيها أمنياته عن دور الجهاز نفسه.. وفى الرؤيتين يستحق الرجل الدعم.. وسوف ندعم كل من يتقى الله وضميره ويبذل كل جهده لرفع الظلم عن مصريين تتعرّض صحتهم لمخاطر كثيرة بسبب بعض سلوكيات السوق، أو استرجاع حق مواطن ضعيف لجأ إلى الجهاز فأنصفوه.. ذلك وحتى إشعار آخر.