جددت مصر، لأكثر من مرة، رفض الوجود الإسرائيلى بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح بشكلٍ قاطع حسب ما أعلنته حكومتنا الرشيدة. رغم أن الموقف يُنذر بعواقب وخيمة، والحكومة الإسرائيلية هى المسئولة عن عدم الوصول إلى اتفاق هُدنة، وتسعى لفرض الأمر الواقع الجديد على الأرض. وإسرائيل تفعل كل هذا لتُغطى على أزمتها الداخلية المتفاقمة التى لا تعرف كيف تخرج منها.
من باب التذكير فقط أقول إن العدوان الإسرائيلى على غزة بدأ فى 7 أكتوبر الماضى، وأسفر عن استشهاد 40738 فلسطينياً، الغالبية العُظمى منهم من النساء والأطفال والمسنين والمقاتلين، وإصابة 94154 آخرين فى حصيلة ليست نهائية، فى حين ما زال الآلاف من الضحايا تحت الأنقاض.
كل هذا يجرى تحت سمع وبصر ومتابعة العالم كله، ابتداء من أوروبا الغربية التى ما أكثر ما تكلمت عن حقوق الإنسان، وحاسبت الدنيا كلها على عدم مراعاتها. ووصل الأمر للتلميح لأمريكا بذلك، والكلام الواضح والصريح بنفس الأمر.
الهجوم الإسرائيلى المستمر يعانى منه الجميع، فالمسنون فى غزة يتعرضون لاستهدافٍ مباشر من قِبَل جيش الاحتلال الصهيونى الذى حوَّل الفلسطينيين العُزَّل الأبرياء إلى أهدافٍ مُستباحة يفعل بها ما يشاء.
صحيح أن مصر كانت أولى الدول عربياً وعالمياً وشرق أوسطياً التى أسرعت بتقديم المساعدات لأهالى غزة، وشاهدنا جميعاً طوابير السيارات تقف عند مدخل القطاع الذى يخضع لسيطرة إسرائيلية. ومع هذا، ورغم صمت الغرب التام، ولولا حركة مصر وبعض الدول العربية الشقيقة لمات الفلسطينيون جوعاً واحتياجاً لكل مقومات الحياة.
إسرائيل تحاول تدمير الممتلكات الفلسطينية، وتواصل عمليات الاقتحام من منطقة لأخرى غير مراعية لأى أوضاعٍ يعيش تحت ظروفها الفلسطينيون الأبرياء. وأكثرهم من الأطفال والنساء.
ليس الذى يشكو الفلسطينيون وحدهم، ولكن المسئولين عن توصيل العلاجات والطعام إلى الفلسطينيين يشتكون من كل محاولات عرقلة وصول ما معهم إلى المحتاجين، الذين تزداد حالتهم سوءاً كل لحظة منذ السابع من أكتوبر.
إن العمليات العسكرية الإسرائيلية متواصلة على آلاف الفلسطينيين فى أربعة مخيمات للاجئين شمال الضفة. وأمام الشهود تواصل إسرائيل عدوانها براً وجواً وبحراً غير مبالية بموقف الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التى تحتج على ما يقوم به العدو الإسرائيلى.
وفى الوقت الذى تفعل فيه إسرائيل كل ما تريد أن تفعله ليس لديها مانع من أن تستمع إلى ما يقال عن اتفاقيات للهُدنة، ومفاوضاتها تتم عند أشقائنا فى الخليج وفى القاهرة. ومع ذلك فإن العدو الإسرائيلى يتكلم فقط وليس لديه أى نية لفعل أى شىء رغم مظاهرات يقوم بها شباب من إسرائيل ضد سياسات نيتانياهو أكملت فترة طويلة، ولا أحد يهتم بما تقوم به.
مصر قالت وتقول إن استمرار هذه الحرب الحالية واحتمالية توسيعها إقليمياً أمرٌ خطير ويُنذر بعواقب رهيبة على الجميع. والحكومة الإسرائيلية هى المسئولة عن عدم الوصول إلى اتفاق هُدنة، وتسعى لفرض واقع جديد يحاول نيتانياهو أن يقوم به على الأرض للتغطية على أزمتها الداخلية لأن الأزمة تتصاعد وينضم إليها كثيرٌ من الإسرائيليين.
وهذا لا يدفعه لمجرد التفكير فيما يقوم به، حتى وإن اختلف المسئولون الإسرائيليون، وأنا أعتقد أنها اختلافات موجهة للرأى العام الخارجى أكثر من كونها اختلافات حقيقية، لأن العدو الإسرائيلى ماضٍ فيما يريد القيام به والقضاء على الفلسطينيين فى غزة والاستيلاء عليها، وترحيل أصحاب المكان بالتخويف وغيره من الوسائل.
الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، أكد أن وجود إسرائيل فى مخيم صلاح الدين غير مقبول على الإطلاق، وأن مصر ليس لديها سوى وضعٍ واحد مقبول، وهو السيطرة الفلسطينية على الجانب الآخر من معبر رفح، والعودة لما قبل السابع من أكتوبر الماضى.
ومصر أعلنت منذ البداية أنه لا بديل عن التفاوض، وحصول الفلسطينيين على حقوقهم لا يقبل حتى النقاش، وأن تصلهم المعونات الطبية والغذائية بسهولة ويُسر باعتبارهم يعيشون فى ظروفٍ بالغة القسوة لم يحدث أن مرت من قبل رغم كثرة الحروب التى شهدتها البشرية.
ودولٌ بعيدة جداً عنا، مثل الصين والهند واليابان، انطلقت فيها مظاهرات تحتج على المذابح الإسرائيلية التى تتم ضد شعبٍ أعزل لا يملك سلاحاً ولا قوتاً ولا حتى وسائل الحياة اليومية المشروعة.