الكاتبة ريم بسيوني: «أولاد الناس» نقلة في مشواري.. وزوجي وابنتي أول القراء
الكاتب الصحفي مصطفي عمار يهدي الكاتبة ريم بسيوني درع «الوطن»
الكاتبة الروائية الدكتورة ريم بسيونى، أستاذة اللغويات بالجامعة الأمريكية، صاحبة مشروع إبداعى جاد، بدأ بالروايات الاجتماعية، حيث نشرت أول أعمالها الإبداعية «رائحة البحر» فى 2005، وتوالت أعمالها، ثم حدثت نقلة فى مسيرتها مع نشر رواية «أولاد الناس» فى عام 2018، أولى رواياتها التاريخية.
حصلت ريم بسيونى، خلال مسيرتها على العديد من الجوائز داخل مصر وخارجها، بينها «جائزة نجيب محفوظ» من المجلس الأعلى للثقافة عام 2020 عن رواية «أولاد الناس»، وجائزة الدولة للتفوق فى الآداب لعام 2022 عن مجمل أعمالها، كما حصلت روايتها «الحلوانى» على «جائزة الشيخ زايد» من دولة الإمارات العربية المتحدة فى عام 2024.
وتقديراً لهذه المسيرة احتفت جريدة «الوطن» بالمشروع الإبداعى للكاتبة ريم بسيونى، وقدّم الكاتب الصحفى مصطفى عمار، رئيس التحرير، درع المؤسسة تكريماً للروائية المرموقة خلال استضافتها فى صالون «الوطن» الثقافى.
«عمار» يرحب بالروائية: كتاباتها تسهم فى تشكيل وعى أجيال وتُثرى الحركة الثقافية فى مصر
عُقد الصالون الثقافى لصحيفة «الوطن» بحضور عدد من الصحفيين العاملين بالصحيفة، واستهل الكاتب الصحفى مصطفى عمار، رئيس التحرير، اللقاء بالترحيب بالكاتبة المرموقة، قائلاً إن «الدكتورة ريم بسيونى كاتبة عزيزة علينا، ومن أهم كاتبات مصر، وكتاباتها تُسهم فى تشكيل وعى أجيال، وأعمالها تحفز على الإقبال على القراءة».
وأضاف أن «ظهور كاتبة مثل ريم بسيونى يُثرى الحركة الثقافية المصرية، ونحن فخورون بوجودها بيننا ومعنا»، واستطرد عمار بقوله: «أنا متأثر على المستوى الشخصى برواية أولاد الناس، وأتمنى أن تلتفت الشركة المتحدة إليها للعمل على تحويلها إلى عمل درامى كبير جداً، ويتضح فى هذا العمل، وما تلاه من أعمال ريم بسيونى، أن الكاتبة بذلت مجهوداً كبيراً جداً فى البحث والتنقيب»، وبعد ذلك أجابت الروائية المعروفة عن تساؤلات الحضور فى الصالون الثقافى لـ«الوطن»، والتى جاءت كما يلى:
ما الرواية التى تعتقدين أن القراء اكتشفوا فيها قدراتك الإبداعية؟
- رواية «أولاد الناس» ورواية «الحب على الطريقة العربية»، أما «دكتورة هناء»، فكانت نقلة نوعية، لأنها صدرت عن مكتبة الأسرة، وفرقت جداً فى مبيعات الرواية، كان وقتها سعر الرواية 3 جنيهات.
كيف ترين نفسك على طريق الإبداع بعد ما يقرب من 20 عاماً على نشر أول رواية لك فى 2005؟
- أعتبر أننى مررت بمرحلتين فى حياتى، الأولى بدأت بالكتابة الواقعية، وأصدرت خلالها 6 روايات، حصلت اثنتان منها على جوائز، وهما «بائع الفستق»، حصلت على جائزة أحسن عمل مترجم فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى عام 2009، وحصلت على جائزة كأحسن رواية نشرت فى هذا العام، وبعدها بعام واحد حصلت رواية «دكتورة هناء» على جائزة «ساويرس»، وبعد كتابة «أشياء رائعة» فى 2010، توقفت عن الكتابة لمدة 7 سنوات، حتى 2017، واعتقدت أن موهبتى انتهت، بعد أن قدمت 6 روايات وحصلت على جائزتين.
وماذا عن المرحلة الثانية؟
- بدأت المرحلة الثانية فى عام 2018 بالكتابة التاريخية، وإصدار رواية «أولاد الناس» جاء بعد التوقف عن الكتابة الروائية، وقتها اكتشفت زاوية مختلفة فى تاريخ مصر، وكانت «أولاد الناس» نقلة كبيرة فى مسيرتى الروائية، لأنها سلطت الضوء على فترة حكم المماليك فى مصر، حيث تركوا آثاراً تشكل هوية القاهرة، فلا يمكن أن نمشى فى أى شارع من شوارع القاهرة القديمة دون أن نجد أثراً مملوكياً، ومن هنا جاءت الحاجة لكتابة ثلاثية طويلة عنهم بعض الشىء، لكنها تقدم لنا حقيقة حكم المماليك، وحقيقتهم كبشر، وترينا أيضاً أحوال المصريين فى ذلك العصر.
كيف مرت عليكِ فترة التوقف عن الكتابة؟
- خلال 7 سنوات من التوقف عن الكتابة الروائية عكفت على تأليف كتاب علمى مهم جداً باللغة الإنجليزية، حول علم اللغة والهوية فى مصر الحديثة، وهذا الكتاب ألهمنى كتابة رواية «الحب على الطريقة العربية»، لأننى اكتشفت، خلال العمل على الكتاب الأكاديمى، أننا كمصريين لا نمتلك معلومات كافية عن العالم العربى، ولا عن تاريخ الصراعات والهوية.
وما سبب حدوث نقطة التحول؟
- أمران مهمان دفعانى للاهتمام بالكتابة عن فترة المماليك، أولهما زيارة مسجد «السلطان حسن» فى عام 2013، وكانت أول زيارة لى للمسجد، وقد تأثرت بزيارتى للمكان، وشدنى المسجد للبحث فى التاريخ الإسلامى، وما زلت إلى الآن، وفى نفس الوقت، سافرت فى رحلة إلى النرويج، وهناك قابلت أستاذة جامعية تخصصها تاريخ عربى، اصطحبتنى بفخر إلى متحف تاريخ «الفايكنج»، وعندما زرت هذا المتحف وجدته شديد البساطة والتواضع، ولا يقارن بما لدينا مثل المتحف الإسلامى، أو أى من الآثار الإسلامية الموجودة لدينا، وهنا بدأت المقارنة والبحث.
ما أبرز ما يميز عصر المماليك؟
- قرأت عن المماليك بنفس منهجية البحث العلمى، ومنها مصادر أجنبية، والمصادر الأصلية التى كتبها المؤرخون فى ذلك العصر، وهو ما قدّم لى نظرة مغايرة عن عالم المماليك، وفى خارج مصر توجد أقسام كاملة متخصصة فى دراسة العصر المملوكى، سواء فى إيطاليا وإنجلترا وفرنسا، فيما نحن نتعامل مع نحو 300 سنة، هى فترة حكم المماليك، على اعتبارهم مجرد مجموعة من العبيد حكموا مصر، فى حين أن الموضوع كبير جداً، ثم عدت إلى المصادر الأصلية المكتوبة فى هذا العصر، مثل «المقريزى وابن إياس، وابن تغر بردى، وجلال الدين السيوطى»، وجدت كتابات غزيرة ورائعة، مثلاً «السيوطى» كتب أكثر من 500 كتاب، بالإضافة إلى الآثار التى تركها العديد من حكام ذلك العصر، فالسلطان قايتباى، مثلاً، حكم مصر نحو 30 سنة، وترك 200 أثر، منها قلعتان فى الإسكندرية ورشيد، كما جدّد المسجد النبوى.
«المماليك» كان يتم اختطافهم فى سن صغيرة لتربيتهم كمحاربين
أما هوية المماليك فهم لم يكونوا من العبيد، ولكن كان يتم اختطافهم من عائلات كبيرة لتربيتهم كمحاربين، ورواية «وا إسلاماه» أحداثها حقيقية وليست «فانتازيا».
رواية «وا إسلاماه» أحداثها حقيقية وليست «فانتازيا»
لماذا إذاً وصلتنا هذه الصورة عن المماليك؟
- بعد مذبحة المماليك على يد محمد على، وفى عصر الأسرة العلوية، اتخذت الكتابة عن المماليك أبعاداً سياسية، وعندها أسأل عن إمكانية كتابة التاريخ عن الأحداث القريبة، القرب من العصر لا يُنتج بالضرورة كتابة موضوعية.
الكتابة بصدق عن ثورة يوليو تتطلب مرور 200 سنة على الأحداث
وكلما ابتعدنا رأينا الصورة أوضح، ولكى نكتب رواية تاريخية بصدق عن «ثورة يوليو»، على سبيل المثال، نحتاج إلى مرور 200 سنة على الأحداث.
«صلاح الدين» جاء إلى مصر فى العشرينات من عمره
لماذا أدرجت شخصية صلاح الدين ضمن رواية «الحلوانى» التى تتناول سيرة الفاطميين؟
- صلاح الدين أنهى حكم الدولة الفاطمية، وأنهيت الرواية ببداية صلاح الدين الشاب، وبالنسبة لى كنت مهتمة بدوره كشاب، وهى فترة لم يتم تسليط الضوء عليها، وكثير منا لا يعرف أن صلاح الدين جاء إلى مصر فى بداية العشرينات من عمره، وزار الإسكندرية لكى يحارب الصليبيين هناك، ورأى من أهوال الحرب ما دفعه لأن يُقسم على عدم دخول مصر مرة أخرى، وللمفارقة يشاء القدر أن يُعين كوزير للخليفة الفاطمى، ثم يعود ليحكم مصر.
وما رؤيتك أنت لشخصية صلاح الدين؟
- فى البحث العلمى، لا بد من وضع الشخصية فى إطار زمانها، وعند النظر إليه فى العصر الذى عاش فيه نجد أنه شخصية استثنائية، واجه صعوبات وضغوطاً غير طبيعية داخلية وخارجية، فى نهاية دولة وبداية دولة أخرى، مثلاً وجدنا الدولة العباسية هدمت الدولة الطولونية، فى حين أن صلاح الدين مثلاً لم يهدم الأزهر ولا القصور الفاطمية، وكل ما فعله كان فصل الرجال عن النساء، نحن نقارنه بالعصور الإسلامية القريبة منه، فقد حارب الصليبيين بدولة متفتتة، وبذل مجهوداً كبيراً فى توحيد الأمة، ممثلة فى مصر والشام، ولا يجوز دراسة صلاح الدين دون النظر لمختلف المصادر التاريخية التى كتبت عنه، وتاريخ صلاح الدين مكتوب من ثلاثة مؤرخين، أحدهم كان يعمل معه ويحبه جداً، وآخر كان يكرهه جداً، وثالث فى المنتصف، وأنا ككاتبة أقرأ للثلاثة، وأقارن هذه الأحداث، لأن المؤرخ فى النهاية باحث إنسان.
ما أبرز صعوبات الكتابة التاريخية والكتابة عن العمارة؟
- رواية «القطائع» أول عمل روائى عن تاريخ مدينة القطائع، ولم تواجهنى صعوبات كثيرة فى كتابتها بسبب توفر المصادر، فالعصر الطولونى بالنسبة للماليك عصر مُحبب لهم، و«ابن طولون» بالنسبة للمماليك نموذج مفضل، وكان أصعب تحدٍّ بالنسبة لى الكتابة عن العمارة، لأنها تحتاج لمتخصص فى فنون العمارة، واستعنت بمصادر أجنبية وعربية ومتخصصين لأفهم العمارة، واستغرقت منى وقتاً طويلاً، وعند كتابة «الحلوانى» كانت هناك ندرة فى المصادر عن العصر الفاطمى، لأن «المقريزى» عند حديثه عن الفترة الفاطمية يحيلنا إلى مصادر معينة عندما بحثت عنها لم أجدها، وهذا أصعب ما فى الكتابة.
وأرى ضرورة الالتزام بالأمانة العلمية فى الكتابة التاريخية، خصوصاً عند الكتابة عن شخصيات حقيقية، مع مراعاة ألا يكون ذلك على حساب الرواية نفسها، والتى تتميز بوجود حبكة درامية، خيال الكاتب يعمل فيما يخص العلاقات الإنسانية وبناء الشخصيات، مستلهماً من قراءاته عن العصر نفسه والعلاقات وأزواج السلاطين، وأشعار هذا العصر، لأن ذلك يرينا شكل العلاقات.
هل شخصية «كريستينا» فى مقدمة «ماريو وأبوالعباس» حقيقية؟
- شخصية «كريستينا» مستوحاة من شخصية حقيقية، لكن شخصية «أبوالعباس» كانت تسيطر على تفكيرى منذ كتبت «البحث عن السعادة»، كنت وقتها أبحث فى تاريخ تطور الفكر الصوفى، وهو كفكر إنسانى مهم جداً، أثَّر فى العالم كله، وكان من المهم أن أبحث فى هذا الفكر، وكيف أثَّر فى العالم كله، وليس فى بلادنا فقط، وأنا أكتب هذا الكتاب كانت شخصية «أبوالعباس المرسى» تلح على ذهنى، لأنه شخص لا يرغب فى أن يكتب عنه أحد، وكان شديد الزهد فى المال والسلطة، ونحن بحاجة إلى الاقتراب من هذه الشخصية.
ما سبب تأليف كتاب «البحث عن السعادة» بعيداً عن المسار الروائى؟
- هو كتاب علمى، كتبته بسبب اهتمامى باللغة، لأن «اللغة الصوفية» لغة مختلفة، وكنت أرغب فى فهم كيفية استعمال الصوفيين لها، كما شغلنى سبب عدم فهم الناس لهذه اللغة، والسبب الثانى تصحيح المفاهيم فيما يخص الصوفية، وأذكر أننى بعدما انتهيت من كتابى وجدت كتباً كلها «أباطيل»، منسوبة لـ«الشاذلى»، لا توجد فى أى مصدر، منها «كرامات ومعجزات»، فى حين أن «الشاذلى» لم يتحدث طوال حياته عن المعجزات، وعلى الناس التفريق بين الفكر الإنسانى الصوفى الراقى، وبين ما فعله الناس بهذا الفكر.
هل تعتبرين نفسك صوفية؟
- أنا لا أنتمى لأى طريقة صوفية، ولا أدّعى ذلك، ولا أعتقد أننى وصلت لتصفية القلب، لأننى أرى استحالة أن أصل لما وصل إليه «أبوالعباس المرسى»، ولا يمكننا القول إننا نستطيع مقاومة كل المشاعر، مثل الغيرة أو الحسد وغيرهما، لكن الفكر الصوفى جعلنى أنظر للدنيا نظرة مختلفة، وغيَّر مفهومى لـ«الحياة الطيبة»، وبالنسبة لهم هى «اليقين بربنا»، لأن هذا الإحساس يمنح الإنسان راحة نفسية وبُشرى مهما كانت الظروف المحيطة، وعن نفسى، ومنذ كنت صغيرة، عندى حب لربنا، وأكتب شعراً لربنا.
عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق أفضل من كتب عن «الصوفية»
هل تتبرئين من الطرق الصوفية؟
- إطلاقاً، أنا لا أتبرأ من الطرق الصوفية، أكيد فيها ناس محترمة جداً، وكتاب «البحث عن السعادة» لا يدعو للطرق الصوفية، وأتمنى ممن يقرأ الكتاب أن يرجع إلى المصادر، مثلاً سنجد الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، له أعظم الكتب عن الصوفية.
كيف ترين علاقة المصرى بتاريخه؟
- التاريخ حلقات مرتبطة ببعضها، المشكلة فى علاقتنا مع التاريخ فى مصر، أننا نسلط الضوء على مرحلة من التاريخ، ونهمل مرحلة أخرى، وتبدأ «الخناقة»، مع أن كل تاريخ مصر بأكمله يخصنا، وكل مرحلة نجد المصرى أعطى فيها وأبدع، ووضع بصمته فى الآثار والفنون والعمارة الباقية إلى الآن، نحتاج فهم ما قدمه المصرى على مدار تاريخه، لتصحيح مفهوم مغلوط عن وضع المواطن المصرى، والمواطن لم يكن سلبياً طوال فترات الحكام الذين تتابعوا على مصر، بل كان له دور فى كل المراحل التاريخية، وبالفعل ألقيت الضوء على دور المواطن المصرى فى روايات «الحلوانى، والقطائع، وأولاد الناس»، وأتمنى الكتابة عن دور الإنسان المصرى فى مختلف المراحل التاريخية.
كيف تأثرت كتاباتك الأدبية بالعمل الأكاديمى؟
- أحاول دائماً الخروج من نفسى، والنظر فى الآخر، فى محاولة لفهم البشر، ودوافعهم وسلوكياتهم، دون إطلاق حكم عليهم، فالإنسان مهم جداً فى أى كتابة أدبية وأى عمل فنى، وأنا أتعلم الكثير من طلابى، خصوصاً الجيل الجديد، رواية «دكتورة هناء»، من أكثر الروايات التى يظهر فيها أثر هذا التفاعل والمعاملات الأكاديمية بوضوح، وهذا العمل من أكثر الأعمال التى تمت ترجمتها إلى لغات مختلفة، منها اليونانية والإسبانية والإيطالية والإنجليزية.
بمن تأثرت الروائية ريم بسيونى من الأدباء؟
- تأثرت بكُتاب عالميين ومصريين، منهم «تشيكوف، وجين أوستين، وتشارلز ديكنز»، وفى مصر أحب جداً الأدباء «نجيب محفوظ، ويحيى حقى، ويوسف إدريس».
ما الذى يدفعك إلى الاستمرار فى الكتابة؟
- الكتابة بالنسبة لى ضرورة حياة، أو أهم جزء من حياتى، ومعظم اليوم مشغولة إما بالقراءة أو بالكتابة، والقراءة أكثر من الكتابة بكثير بالطبع، لكن طريق الكتابة يحتاج إلى صبر طويل جداً، وإلى وقت طويل، لكى يهتم الجمهور، ويترك الكاتب علامة أو بصمة عند القارئ، وقد يصاب الكاتب بإحباط، لكنه لا بد أن يتذكر أن يكتب لأجل نفسه أولاً وأخيراً، أن يكتب ما يشعر به بصدق.
ما الكتب التى حققت انتشاراً أعلى من توقعاتك؟
- الرواية الأولى «أولاد الناس»، لأنها كانت 800 صفحة، وهى رواية تاريخية عن فترة لم يكن هناك فيها اهتمام بالكتابة التاريخية، وأنا كتبتها لنفسى، وحتى الناشر عمل حسابه على هذا الأساس، ونشر منها 500 نسخة فقط طبعة أولى، لكن الرواية لاقت إقبالاً واسعاً، وما زالت من الأعمال الأكثر مبيعاً على مدار 7 سنوات، والرواية الثانية هى «ماريو وأبوالعباس»، عن رحلة أبوالعباس المرسى فى علاقته مع ربه، وكيف تغيرت هذه الرحلة بمرور الوقت، ولم أكن أتوقع أن يُقبل على قراءتها قراء من مختلف الفئات العمرية.
هل ستواصلين فى كتابة الأعمال التاريخية مستقبلاً؟
- ما زال لدىّ رغبة فى الكتابة التاريخية، وهناك العديد من الشخصيات التاريخية التى أتمنى الكتابة عنها، كما أرغب فى الكتابة عن المصريين فى العصور المختلفة لأفهم، ولكن قبل الشروع فى الكتابة لا بد من القراءة الجيدة، لكى أقدم كتابة تستحق، التاريخ كله يحتاج إلى أن ننظر إليه بنظرة مختلفة، بعيداً عن النظرة النمطية.
أنت عضو فى اللجنة العليا لمعرض الكتاب، كيف ترين هذا الحدث؟
- معرض الكتاب هو أول معرض فى الشرق الأوسط، ولا بد أن نكون فخورين بكونه معرضاً مهماً للعالم كله وليس لمصر أو المنطقة العربية فقط، وسيبقى فى المكانة نفسها، ووجودى فى اللجنة العليا للمعرض شرف كبير جداً، وسعيدة بأن من بدأ فكرة معرض القاهرة الدولى للكتاب امرأة، هى الدكتورة سهير القلماوى، أنه حُلم امرأة مصرية، ودائماً أقول إن المرأة المصرية من أقوى سيدات العالم، فهى تعمل بإتقان وإخلاص، ومصر توفر الكتاب للجمهور رغم كل التحديات، وبكل الرقى من خلال المعرض.
كيف تتلقين ردود الفعل الإيجابية؟
- أكثر ما يسعدنى أن يقول لى قارئ إن كتاباً بعينه صلّح لى المفاهيم عن قضية معينة.
ما أبرز الجوائز فى تجربة ريم بسيونى؟
- بالنسبة للكاتب أهم هدف عنده هو الوصول للقارئ، وأن يُحدث فرقاً فى حياة القراء، قبل المبيعات أو الجوائز، لكن حصولى على جائزة التفوق على مجمل الأعمال شرف كبير، وأن أحصل على جائزة باسم نجيب محفوظ شرف كبير أيضاً، وكذلك جائزة الشيخ زايد جائزة عالمية تفتح باب الترجمة للفائز، وتتيح الوجود للكاتب فى معارض دولية، وأنا مدعوة للمشاركة فى معرض فرانكفورت هذا العام، كما أنها تتيح للكاتب مساحة للوصول لجمهور أوسع فى العالم كله، وهو ما يُحمِّل الكاتب مسئولية، وأنا أرى أن أى جائزة هى مسئولية كبيرة على الكاتب، وأنا أخاف أكثر كلما حصلت على جائزة، لأننى أشعر أن على الكاتب مسئولية أكبر، وفى كل رواية أكتبها حالياً أقلق أكثر من ذى قبل.
وهل وصل الأدب العربى من خلال الترجمة إلى الآخر فى هذا العالم؟
- لا، فأدب أمريكا اللاتينية وصل للعالم كله بقوة أكثر من الأدب العربى، لكنها مسئولية الآخر، والترجمة العكسية تخضع لاعتبارات سياسية وأيديولوجية.
من أول قارئ لمؤلفاتك؟
- كان والدى ووالدتى، وحالياً زوجى أو ابنتى.
كيف ترين الإقبال على القراءة؟
- المصريون يُقبلون على القراءة، وعندنا طرق مختلفة للقراءة، منها الكتاب الإلكترونى، والكتاب الصوتى، وهى طفرات فى التكنولوجيا ستؤدى إلى انتشار القراءة، وتخدم المبدعين، وعندى أمل كبير فى تطور الثقافة فى مصر، وأتمنى إعادة مشروع مكتبة الأسرة.
لا أخاف من تطبيقات الذكاء الاصطناعى
هل ترين أن التطور فى الذكاء الاصطناعى يهدد الإبداع؟
- لا أخاف من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، ولدينا مثال على الصعيد العالمى، عند محاولة تقديم جزء ثان من رواية «كبرياء وتحدٍّ» للكاتبة جاين أوستين، باستخدام الذكاء الاصطناعى، ولكن العمل المنتج لم يعجب القراء، لقد كانت تنقصه الروح، ولأن تخصصى علم اللغة الاجتماعى، فأى تطور فى المجتمع يكون للأفضل، ومن الطبيعى أن يحدث، وعلينا أن نتقبل هذا التطور ونصير جزءاً منه، وعلينا ألا نخاف منه، وأنا لغتى تطورت بفضل كثرة القراءة، ودائماً أحاول الكتابة بلغة الشخصية.
وما أهمية زيارتك للمناطق الأثرية التى تحرصين عليها؟
- أعتبرها بيوت أجدادنا التى لن نفرط فيها، والجولات فى الأماكن التاريخية تُكمل الروايات، لأنه من الصعب أن أضع جميع المعلومات التاريخية داخل العمل الروائى.