يوسف القعيدسعدتُ عندما عُيِّنت الدكتورة جاكلين عازر محافظاً للبحيرة فى حركة المحافظين الأخيرة. ومنذ أن وضعت قدمها فى البحيرة وأنا أسمع من أهل قريتى وكل من يتواصلون معى من أبناء البحيرة ما يُمكن أن يكون قصائد مديح فيما تقوم به. خصوصاً أن المحافظة ظلت فترة بدون محافظ.
ومع هذا سارت الأمور بشكل أو بآخر إلى أن جاءتنا المحافِظة الجديدة لتبدأ من أول وجديد فى عملية بناء وتنمية بكل المجالات من الصعب وصفها. وإن كنتُ أعِد القارئ خاصة إن كان من أبناء البحيرة بأن أُعيد الكتابة عن الجهد العملاق الذى تقوم به المحافَظة كلها بقيادة المحافِظة التى تم تدريبها بالبرنامج الرئاسى. وهو برنامج شديد الأهمية يُعد لمصر قادة المستقبل وصُنَّاع مصر الجديدة والقادرين على تحويل أحلامنا للبحيرة إلى واقعٍ حيٍ نراه رأى العين، ويهتم به الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً.
وأنا أعتذر للدكتورة جاكلين عازر علناً وعلى رؤوس الأشهاد عندما دعتنى لحضور العيد القومى يوم 19 من سبتمبر الماضى بدمنهور، لأننى كنتُ فى ظروفٍ لا تسمح لى بالسفر. فأنا أعتبر أى احتفال بالبحيرة فيه جزء كبير يخصنى ويفرض علىَّ أن أكون هناك. أول من يحضر وآخر من ينصرف. لأن البحيرة قدَّمت لمصر ما لم تُقدمه أى محافظة أخرى. وأنا لا أقول هذا الكلام من باب الفخر ببلدٍ وُلِدتُ فيه وعِشتُ فيه سنوات عُمرى الأولى، ولكنى فقط أصف الوضع الذى يتم هناك.
والبحيرة قدَّمت لمصر من المواهب الفردية أسماء نادرة. فهى بلد أحمد زويل وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ. لا يقُل لى أحد إن نجيب محفوظ ولد فى القاهرة وتوفى فى القاهرة ودُفن بها، لأنى سأحكى له أنه فى السنة الأخيرة من عُمر نجيب محفوظ جاء له شباب من عائلة الباشا، وهى عائلة من رشيد. وقالوا له إن آخر اسم نجيب محفوظ هو الباشا وإنه من رشيد وليس من القاهرة. ووجهوا له الدعوة لزيارة المدينة.
ولكن أجَلَهُ جاء قبل أن يتمكن من الذهاب إلى رشيد. علماً بأننى أشهد للتاريخ أنه كان مُندهِشاً وسعيداً بهذه المعلومة التى جاءته فى آخر العُمر. ومن المعروف أن نجيب محفوظ توفى فى 30/8/2006 -يرحمه الله رحمة واسعة- وكان قاهرىَّ المولد والحياة والممات.
والبحيرة يُمكن أن يُقال عنها إنها محافظة الأُدباء والكُتَّاب والفنانين والعُلماء. خرج منها الدكتور أحمد زويل، وتوفيق الحكيم مؤسس المسرح العربى، وأيضاً جرت فى أرضها حكاية أدهم الشرقاوى بكل تفاصيلها. أما الأدباء والكُتَّاب والمُفكرون الذين ينتمون للبحيرة فهم كُثرُ.
أذكر منهم: الدكتور مصطفى الفقى الذى نحتفل هذا الشهر ببلوغه سن السبعين من عمره فى المجلس الأعلى للثقافة. ومن أبناء البحيرة الأدباء والفنانون: الروائى محمد عبدالحليم عبدالله ابن كفر بولين، ووزير الثقافة الأسبق عبدالمنعم الصاوى، ومن أهل الفن: عبلة كامل، وعبدالعزيز مخيون، وكارم محمود، والشاعر عُمر بطيشة.
ومن أهل الفن: محمد عبدالمطلب، محمود الجندى الذى أقامت له المحافظة قصر ثقافة يحمل اسمه، تُباهى مصر كلها به، ومنها أيضاً الشاعر الجميل فاروق جويدة، صاحب الإنتاج الشعرى الغزير والكتابة الشعرية المعنية بهموم الوطن ومشاكله وأفراحه.
ومن أبناء العسكرية المصرية: الفريق حسن أبوسعدة الذى أسر عسّاف ياجورى، وكانت له حكاية ليت مصر تحولها إلى فيلمٍ سينمائى. ومن أبناء البحيرة أيضاً: المثقف المبدع كامل مصطفى رحومة، وهو الوحيد منا الذى قرر أن يبقى فيها ولا يتركها أبداً. ويعيش هناك ويكتُب هناك ويُشيع جواً ثقافياً رفيع المستوى.
ولدمنهور عبقٌ خاص، وقد أقمتُ فيها فترةً من حياتى عندما كان محافظها المرحوم وجيه أباظة الذى حاول وضع الأساس لنهضة كُبرى. وها هى الدكتورة جاكلين عازر تُحوِّل أحلامه إلى واقع بدأبٍ شديد وعملٍ ضخم وأبوابٍ مفتوحة لكل أبناء البحيرة.
فى البحيرة 504 قرى تتمثل فيها ملامح القُرى جميعاً فى بر مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وأقصى الشرق إلى أقصى الغرب. أى إنها محافظة نموذجية أنتجت كل ما يمكن إنتاجه مما يحتاجه الإنسان فى حياته اليومية.
دامت البحيرة، ودامت محافِظتها الجديدة الدكتورة جاكلين عازر التى سنرى تطويراً لكل شبرٍ فى المحافظة.