أصدرت النيابة المصرية قراراً برفع اسم ٧١٦ شخصا من قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وذلك بعد توقف أنشطتهم غير المشروعة ضد الدولة ومؤسساتها، وذلك فى إطار توجّه الدولة بمراجعة موقف المدرجين على هذه القوائم، وطلبت من جهات الأمن متابعة نشاط الآخرين، تمهيداً لرفع كل من يثبت توقفه عن هذه النشاطات، هكذا نشرت الصحف المصرية.
وهذا القرار يُعد من أفضل القرارات التي اتخذتها الدولة المصرية هذا العام فى الملف الحقوقي، ويعكس إدارة سياسة لتحرك أوسع وأفضل فى مثل هذه الملفات، وتحتاج إلى تشجيع كل طرف للآخر على التقدم نحو السلم الأهلي والمجتمعي، وكلما تقدّمت الدولة خطوة للأمام، يكون على الآخرين التقدم كذلك نحوها خطوات، تاركين فلسفة الشكوك أو الجحود، لتصل سفينة المجتمع المصري نحو بر الأمان.
دمرت إسرائيل غزة ولم يتبّق فيها حجر على حجر، وقتلت قرابة خمسين ألفاً من أهل غزة، أكثرهم من النساء والأطفال، وفعلت مثل ذلك فى جنوب لبنان ولم نسمع صوتاً من الجماعات المسلحة المعارضة لنظام بشار الأسد، ولا القاعدة أو النصرة أو غيرهما، ولم يتحركوا للدفاع عن غزة أو لبنان لا بالكلمة ولا بالسلاح ولا حتى بالتهديد والوعيد.
فجأة إذا هم يكبّرون ويهللون وهم يدخلون حلب وكأنهم حرّروا القدس أو غزة أو فلسطين، يا قوم: حرّروا الجولان وهى أمامكم بدلاً من حلب، هم دوماً فى الوجهة الخاطئة، العرب بأسهم بينهم شديد، ميليشيات مسلحة سودانية تريد تحرير الخرطوم من سودانيين آخرين، بدلاً من سعيهم لتحرير القدس، ميليشيات سورية تريد تحرير حلب ودمشق من سوريين آخرين، هؤلاء لم يفكروا يوماً فى العدو الحقيقى للأمة العربية والإسلامية، أى نصر أو تكبير وأنت تدخل حلب وتهزم الجيش السورى؟، وأى نصر وظفر وأنت تدخل المدن السودانية وتهزم الجيش السودانى؟
تمزيق الأمة إثم عظيم، والثورة على نظام الأسد عام 2011 لم ترفع الظلم، وقسمت البلاد وجعلتها محتلة من أربع دول مزقتها تمزيقاً وجعلتها فى المؤخرة بعد أن كانت متطورة ومتقدّمة وجميلة وليس عليها دولار واحد كدين للدول الأخرى. السودان ستتمزق، وسوريا كذلك، العرب لا يحسنون إلا قتال بعضهم بعضاً، وإسرائيل وأمريكا ومخابراتهما وراء كل ما يحدث من سوء فى المنطقة.
يا قوم بدلاً من تحرير حلب حرّروا القدس، وبدلاً من تحرير دمشق حرروا غزة، وبدلاً من تحرير الخرطوم حرروا عقولكم وقلوبكم وحاربوا عدوكم الأصلى.
ربط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين الكفر والفقر فى دعائه «اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر»، والمتأمل للحياة يجد أن الفقر يولد آفات مجتمعية كثيرة، منها الزنا والحسد والحقد وآخرها الكفر، والفقر يحتاج لأولى العزائم والهمم والصبر لكى يتغلبوا على مساوئه وآفاته وهذا نادر.
وقد كان عملاق الأدب الروسى دوستويفسكى فقيراً بحيث لم يترك له الفقر ولا الديون فسحة يعيش فيها سعيداً مستريحاً.
أجمل كلماته فى رواية «الفقراء» التى كانت تعبّر عن حياته: «الفقر يجعل الأحداث البسيطة معقدة مؤلمة، الفقر يُفقد الإنسان هيبته واحترامه، الفقر يجعل الحياة لا تُطاق»، والغريب أنه قال عن نفسه: «لقد عِشت أسوأ اللحظات بمفردى».
تبرّع الطبيب النفسى اليهودى غابور ماتى، الذى يعيش فى كندا بقيمة جائزة ستيرلينج للطب النفسى التى حصل عليها من جامعة سيمون فريزر الكندية لجهود الإغاثة فى غزة، وقال عند تسلم الجائزة: «ملايين البشر قتلوا فى فيتنام، وأناس حرقوا أحياء، ودمرت بلادهم والصحافة والإعلام فى أمريكا كذبوا وأخفوا هذه الحقيقة، وهناك حرب حقيقية تحدث الآن تشبه حرب فيتنام، ولكنها فى غزة، 50 ألف شخص قتلوا، ٧٠% منهم نساء وأطفال، والصحافة فى كندا لا تخبركم الحقيقة، لذا سأتبرع بقيمة الجائزة لجهود الإغاثة فى غزة.
نموذج مشرّف للعالم والإنسان وأهل الكتاب المحب للإنسانية جمعاء.
ولذا لا بد أن نُفرق بين اليهودى الذى لا يعادينا ولا يغتصب أرضنا، وبين الصهيونى الذى يقتل أولادنا ويدمر ويحتل بلادنا وينتهك أعراضنا ويدنس مقدساتنا.