حللتُ -وبكل فخر- ضيفاً في الموسم الثقافي الجديد (الحالي) الذى تُشرف عليه وتُنظمه كل عام -إلى جانب أنشطة الموسم الصيفى- جامعة القاهرة العريقة، جامعة طه حسين ومصطفى مشرفة وغيرهما من رموز العلم والأدب.
لم تكن المرة الأولى، وهذه المرة كان ذلك بدعوة من رئيسها الجديد الدكتور محمد سامى المحترم.
ولكن مع مرور السنوات، كان من المنطقى أن تكون التنمية التى تجرى على أرض مصر موضوعاً ومحوراً للحوار والمحاضرة التى سيحضرها عدد من أساتذة الجامعة من مختلف الكليات مع طلبة الجامعة، المستهدف الأول من أفكار ومحاور الموسم.
وذلك نظراً لأنهم دوماً تحت استهداف الإعلام الشرير المنظم، وانشغالهم بالدراسة يستحوذ على جزء من وقتهم، ما يمنعهم من البحث عن إجابات لأسئلة عديدة، خاصة مع حملة التشويه الكبيرة والدائمة التى لا تتوقف ضد كل ما يجرى فى مصر، طولاً وعرضاً، حجماً وتفاصيل.
فى الموعد المحدد، كان النظام عنواناً لكل شىء. بعض الأساتذة فى الاستقبال يتقدمهم مستشار الجامعة الثقافى الدكتور عبدالله التطاوى، المفكر والأديب والمثقف البارز. وفى القاعة، وقد امتلأت بالكامل بثروة مصر الحقيقية وحماة حاضرها وصانعى مستقبلها من طلاب الجامعة.
كان العنوان الأصلى للمحاضرة «المشروعات الوطنية الكبرى وإعلاء الهوية وحرب الشائعات»، وفى الحقيقة، يحتاج الحديث عنها مجتمعة إلى يوم كامل.
وحتى فى هذا اليوم الكامل، سيكون الحديث بعناوين عريضة وتفصيلات سريعة.
لكن الوقت كان محدداً، وللناس وقتهم. وانتهت المحاضرة وأكدتُ ما قلناه فى بدايتها من أنه من المستحيل أن نستعرض كل ما أُنجز فى البلاد خلال السنوات العشر الماضية، حتى لو كان استعراضاً سريعاً.
وبالفعل، شرحنا بالأرقام والمعلومات ما جرى بطول مصر وعرضها: من المدن الجديدة بالمساحات والمواقع، وما جرى من إزالة العار الذى كان متمثلاً فى العشوائيات التى أُزيلت فعلياً، ومن تحقيق أحلام المصريين فى ملفات أساسية ظلت قبل 2014 ضجيجاً بلا طحن، فتحدثنا عن تنمية سيناء، المحطة النووية، والجيش المصنف عالمياً، كما تحدثنا عن بعض صور التطور فى الخدمات الطبية، ليس فقط فى المبادرات الرئاسية، بل أيضاً فى البنية التحتية التى سمحت لمستشفيات جامعة القاهرة ذاتها بإجراء أكثر من خمسة ملايين وربع المليون تحليل طبى لمرضاها، مع ثلاثة أرباع المليون أشعة، منها ما يقارب ربع مليون أشعة موجات، وأقل قليلاً أشعة رنين مغناطيسى، بالإضافة إلى ثمانين ألف عملية جراحية فى ستة عشر مستشفى ومركزاً طبياً تتبع جامعة القاهرة وحدها، منها قصر العينى، والمنيل التخصصى، وأبوالريش، والأطفال اليابانى وغيرها.
ثم تحدثنا على عجل عن ملف الصناعة وما جرى من تطوير هائل للجيش العظيم، بما يمكنه من حماية مصالح مصر، وليس حدودها فقط.
وانتهى الوقت دون أن نتحدث عن الدلتا الجديدة، أو مشروع المليون ونصف المليون فدان، أو الآثار والعناية بها، أو السياحة وما جرى فيها، أو المنطقة الاقتصادية لإقليم القناة، أو المشروعات الصغيرة، أو «حياة كريمة»، أو ما جرى لاسترداد أفريقيا، وغيرها الكثير، ثم انتقلنا للمناقشة مع الطلبة، التى أكدت على الوعى الجيد بتحديات وطنهم.
كل ذلك فى جانب، وخلاصة ما جرى بعد المحاضرة، وهو هدف حديثنا، فى جانب آخر، حيث وصلت رسائل من العديد من الطلبة تؤكد أن طلاب مصر بخير، يذوبون عشقاً فى وطنهم، ويرغبون فى فعل أى شىء من أجله، ويحتاجون فقط لمن يرشدهم ويدلهم، بالطريقة الصحيحة التى يحتاجون إليها ويفهمونها.
إلى الأمام يا وطنى.