أتابع فى كل لحظة من أطراف النهار وآناء الليل ما يجرى فى سوريا الشقيقة من أحداث تبدو متسارعة ونتائجها تفاجئنا فى كل لحظة تمر.
ولعل المفاجأة الكبرى، ولا أدرى إن كانت متوقعة أو غير متوقعة، كانت السقوط المدوى للرئيس السورى السابق بشّار حافظ الأسد، بل وهروبه الصاخب والمخزى خارج البلاد، لأن إرادة الشعب رأت هذا.
ومنذ أن قال الشاعر التونسى أبوالقاسم الشابى:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى .. ولابد للقيد أن ينكسر
هذا ما جرى وما حدث هناك، والدنيا كلها من أقصى شمالها لأقصى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها تُتابع ما يجرى، خاصة فى وطننا العربى الذى يحيط بسوريا من كل جانب.
ما تم العثور عليه يؤكد أن بشار الأسد حكم سوريا سنوات وسنوات بالحديد والنار، وكمم الأفواه، ومنع الحريات، وصادر الثروات بعيداً عن رغبات الشعب الذى لم يكن أمامه سوى الهجرة إلى خارج البلاد بحثاً عن وسيلة حياة تُمكِّنهم من الاستمرار فى حياتهم بعيداً عن وطنهم الأم، رغم حبهم غير العادى له.
فسوريا بلادٌ وأرض لا تملك إلا أن تُحبها وتُحافظ عليها بكل ما تملك من قوة. وهكذا طُويت صفحة نظام البعث الذى حكم البلاد والشعب بالحديد والنار أكثر من 60 عاماً.
ولذلك بمجرد إعلان الفصائل السورية المسلحة دخول قواتها إلى العاصمة السورية دمشق، وإسقاط حُكم بشار الأسد غادر البلاد إلى جهة غير معلومة، ثم اتضح بعد ذلك أنه ذهب إلى روسيا، البلاد التى كنا نعرفها من قبل بالاتحاد السوفيتى.
فى حين أن زوجته أسماء فؤاد الأخرس التى كانت موجودة وقت هذه الأحداث الكبرى فى باريس، ومن موقعها هناك تلقت الأخبار المفجعة بنهاية حكم زوجها بصورة قاطعة.
الدنيا كلها اهتمت بما يجرى فى سوريا التى كنا نطلق عليها بلاد الشام. مع أنه تشترك فى تعبير «بلاد الشام» لبنان والأردن وفلسطين. وهكذا خلا القصر الجمهورى السورى الواقع على جبل قاسيون بدمشق بشكل تام ممن كانوا يعيشون فيه، وبدأ أبناء الشعب السورى يقومون بعملية هدم تامة لتماثيل بشار الأسد ووالده حافظ الأسد فى كل المدن السورية التى كانوا موجودين بها.
لم يكتفوا بالبيوت التى كان أهل الأسد يسكنون فيها، بل توجهوا إلى قبر حافظ الأسد وأشعلوا فيه النيران يوم الأربعاء الماضى، وكأنهم بذلك ينهون صفحة كاملة فى تاريخ بلادهم. وأصبح من وجهة نظرهم ليس من حق حافظ الأسد أن يكون له ولا حتى قبر فى البلاد. الشعوب هى الأبقى والأهم، وهى التى تُقرِّر مصير بلادها ومَن يحكمونها ومَن يقررون أمور البلاد.
المبعوث الأممى جير بيدرسون إلى سوريا أكد فى تصريحات للصحفيين من خلال وجوده فى العاصمة القطرية الدوحة أن الأوضاع فى سوريا ليست مرتبطة فقط بإيران وتركيا وروسيا، بل أيضاً بدولٍ عربية عِدَّة. وأشار إلى أن الوقت الحالى مناسب للبدء فى تأسيس عملية انتقالية سلسة ولا بد أن تنجح فى سوريا.
من جانبها أكدت مصر، الدولة العربية الكبرى والقائدة والرائدة، أنها تتابع باهتمام كبير التغيير الذى شهدته الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وشددت على وقوفها بجانب الشعب السورى، ودعمها سياسة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها.
مصر الدولة القائدة والرائدة والرئيسية فى الوطن العربى كله بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤسس الجمهورية الجديدة فى مصر المحروسة، دعت مصر جميع الأطراف السورية بكل توجهاتها إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية وتغليب المصلحة العُليا للبلاد. وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلى، واستعادة وضع الجمهورية السورية، سواء كان الإقليمى أو الدولى.
رئيس وزراء العدو الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أعلن انهيار اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 حول منطقة الجولان المحتلة، وأمر بالاستيلاء على المنطقة العازلة للجولان.
وتحدَّث من موقع قريب من الحدود السورية وقال: هذا يومٌ مشهود فى تاريخ الشرق الأوسط، واعتبر أن نظام الأسد كان الحلقة الأساسية فى محور الشر الإيرانى.
إن صفحة كاملة قد طُويت فى تاريخ البلاد، وبقيت الصفحة الجديدة تنتظر ماذا قد يُكتب فيها.