قمة جديدة بين قادة مصر واليونان وقبرص هي العاشرة منذ تأسيس آلية التعاون الثلاثى، والتي بدأت بعقد أول قمة ثلاثية في القاهرة عام 2014 وتوالت بعدها القمم في عواصم الدول الثلاث، لدعم آلية التعاون وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كثيرون يسألون: وما الفائدة من التعاون مع الدولتين؟ ويبدو السؤال بعدة أوجه فيه عدم الوعي لا بأسس السياسة الخارجية المصرية التي تسعى لفتح أبواب التعاون في كل اتجاه مهما كان حجمها.. كما أنها تسعى لتنوع حركة تلك السياسة حتى لا تقتصر على الدوائر الثلاث القديمة العربية والإفريقية والإسلامية، خاصة مع ظهور البحر المتوسط كمنطقة مصالح مصرية شديدة الأهمية سواء في مجال الثروات وأهمها الطاقة، بل أيضا في مجال المصالح الاستراتيجية والأمن!
البعض سيقول: لكن اليونان وقبرص علاقاتهما جيدة مع إسرائيل؟ ونقول وهذا أولى لإقامة علاقات معهما حتى تتم مراعاة مصالح البلدين مع مصر عند تعاملهما مع إسرائيل بما يضع حدودا لعلاقاتهما معها.. كما أن السياسة الخارجية كلها تحددها المصالح.. فكما أن لهما علاقات مع إسرائيل فمصر لها علاقات مع تركيا خصمها اللدود.. ويمكن أيضا قول المعادلة السابقة بالعكس، إذ فكما لنا علاقات مع تركيا فلنا علاقات أيضا مع اليونان.. وهكذا في التوازن الحاصل في البحر المتوسط.. خاصة أن أي نظرة شاملة ستكشف علاقات مصر الجيدة بدول القارة الأوروبية كلها، لكنها تتميز مع دول القارة على حوض البحر الأبيض، وهكذا هي مع دول إيطاليا وفرنسا وإسبانيا مثلا.. وهكذا!
ورغم أن هذه القضايا السابقة هي تاريخيا «تقليدية» بالنسبة لدول المتوسط التي تتعاون دائما فيما بينها وهناك «التعاون من أجل المتوسط» ومن بين أهدافها حماية شواطئ دول الحوض من التغيرات المناخية.
ومع ذلك، فإن الفترة الأخيرة أثبتت أهمية التعاون بعد أزمة العدوان على غزة التي تطل على المتوسط وتتصل بشكل أو بآخر بالدولتين، بل كادت قبرص أن تكون طرفا فيما يجري بعد امتداد نيران العدوان إلى لبنان، وما أشيع من تدخل قبرصي في الأمر، وهو ما نفته قبرص تماما وبما يؤكد أن التعاون يوفر الكثير من التفاهم الذي له أهمية كبرى!
وأخيرا تطورت الأحداث في سوريا بشكل دراماتيكي وضعها على قمة جدول أعمال البحر المتوسط كله والدول الثلاث في المقدمة لتضاف سوريا إلى ملفات كل من ليبيا وغزة ولبنان، وقبلها الحدود البحرية والطاقة والأمن!
التعاون التجاري مع اليونان وقبرص تجاوز المليار دولار، كما أنهما مدخل للتبادل الكهربي مع أوروبا، وكذلك في تأمين خطوط الاتصالات الدولية وأولها كابلات الإنترنت وكذلك حركة التجارة مع دول أخرى، وأيضا في مواجهة الهجرة غير المشروعة!
كثيرة هي أوجه التعاون.. وكثيرة هي الجهود لتأمين هذه العلاقات وتطويرها ومن مظاهرها القمم المنتظمة، ومنها أيضا المناورات البحرية الدورية، ومنها اللجان المشتركة والزيارات التي لا تتوقف!