الفيديو الذى بثه تنظيم «داعش» مصر، وأكد فيه وقوع مهندس البترول الكرواتى والذى تم اختطافه من مدينة 6 أكتوبر بين يديه، وهدد بذبحه، يتضمن اعترافاً صريحاً من جانب التنظيم بأنه يعمل لحساب «الإخوان»، فقد طالب المتحدث فى الفيديو بإطلاق سراح من سماهن «النساء المعتقلات فى سجون مصر». إذا صح أن هناك نساء مقبوضاً عليهن فى مصر، فمن الأرجح أنهن ينتمين إلى جماعة الإخوان. وهو أمر -بين قوسين- يستحق المراجعة من جانب السلطات المعنية، إذا كان قائماً، خصوصاً من تم القبض عليه منهن بالشبهات، ودون ثبوت واضح لمسألة تورطهن فى عنف. الأخطر فى هذا الفيديو أنه كشف بوضوح، وبلا أدنى مواربة، أن «داعش» هو الذراع العسكرية الحقيقية للإخوان، ليس فى مصر وحدها، بل ربما انطبق هذا الأمر على المنطقة كلها.
ربما تكون قرأت ما تداوله العديد من التقارير الإعلامية من وجود جذور إخوانية لـ«أبوبكر البغدادى» زعيم «داعش»، كما أن الانتشار الإقليمى للتنظيم داخل دول عديدة، هو جزء من طبيعة وسمات تنظيم الإخوان الذى يعمل تحت مظلة دولية هى التنظيم الدولى للجماعة، ولعلك لاحظت أيضاً الأسلوب الهين الذى يدير به التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة حربه ضد داعش، ولا يخفى عليك وجود نوع من الانحياز الغربى للإخوان، وإصرار العديد من دوله على الوصول إلى نوع من المصالحة بين الإخوان والسلطة الحالية. إذا وضعت هذه النقاط إلى جوار بعضها بعضاً، فربما خرجت بالنتيجة التى تقول إن ثمة علاقة بنيوية بين كل من تنظيم «داعش» وتنظيم الإخوان. وأظن أن من السذاجة أن يحتج البعض بالتصريحات والفيديوهات التى هاجم فيها «داعش» جماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسى، فالأمر لا يتجاوز عتبة «الحركنة التنظيمية» إذا صح التعبير.
عديدة هى العوامل التى تجمعت وهيأت للإخوان خلال السنتين الأخيرتين تبنى فكرة «الدعوشة»، وليس من المتوقع أن تنحسر هذه الظاهرة فى المستقبل القريب، بل قد تشهد المزيد من التمدد والتوسع خلال الأيام المقبلة، ففى ظل الملاحقات الأمنية المتواصلة، وحالة النفور التى أصابت الشعب من الجماعة، ويأسها من أن تجد لنفسها ظهيراً جماهيرياً -كما تعودت فيما سبق- يساندها فى خوض الصراع على السلطة، فإن «الدعوشة» هى النتيجة الطبيعية، التى يمكن أن تؤول إليها الجماعة، وفى تقديرى أن الإدارة الحكيمة لهذا التحول تقتضى من السلطة حسن التفرقة بين من يحمل السلاح، وبين المحتجين بالكلام، خصوصاً إذا كن فتيات وسيدات. فمسألة التحريض المطلق على الجميع أصبحت بحاجة إلى إعادة نظر، لأن المواجهة الواعية يجب ألا تكون بالسلاح وفقط، بل لا بد أن تتلمس أدوات أخرى مع من لا يحمل السلاح. لقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أن هذا الوطن يمكن أن يسع الجميع، بشرط عدم السعى إلى هدمه أو حمل السلاح ضد أبنائه، قليل من الحكمة قد يصلح الأمر، أما الفكر التحريضى الذى يضع الكل فى سلة واحدة، فليس له من نتيجة سوى وضع الجميع فى «سلة الدعوشة»!.