«هاشم» بيعدى المصرف على ماسورة بموتوسيكل.. يا قلبك يا «هاشم»
«هاشم» بيعدى المصرف على ماسورة بموتوسيكل.. يا قلبك يا «هاشم»
«هاشم» مستقلاً دراجته البخارية فوق ماسورة الصرف
ينطق الشهادة وما تيسر له من أدعية بعد أن يودع بيته وأسرته فى الثانية صباحاً، ثم يأخذ نفساً عميقاً ويبدأ فى العبور بدراجته البخارية على مواسير الصرف الصحى التى تقطع مصرف الدشودى، فإذا نجحت مهمته وصل إلى البر الثانى، بحثاً عن الرزق، وإن فشل كتبت له النهاية فى مصرف يبلغ عمقه 50 متراً.
مسافة تبدو بسيطة، لكنها لـ«هاشم سعد»، الصياد البسيط قد تستغرق نصف ساعة كاملة، يستجمع فيها قواه، ويحافظ على توازنه فوق الموتوسيكل، وتوازن الموتوسيكل نفسه فوق مواسير الصرف، حيث يخشى فى كل مرة حوادث القضاء والقدر، لكن «العمر واحد والرب واحد»، والسعى وراء الرزق هو ما أجبره على هذا الحل، بعد تجاهل مسئولى قرية «نجع عون» إقامة كوبرى مشاة يرحم الأهالى من معاناة عبور المصرف.
داخل منزله الذى لا تعرف طريقه الكهرباء أو المياه «النظيفة» فى «القرية اليتيمة» بحسب وصف سكان القرية، يجلس الصياد المغلوب على أمره بين أسرة مكونة من ثلاث بنات وابن لم يتخط ثمانى سنوات، وإلى جواره زوجته ووالدته.
يعول الرجل الخمسينى كل هؤلاء بمصدر دخل لا يزيد على جنيهات، يجنيها من رحلة صيد خطرة يخرج إليها يومياً صوب باب العابيد التابعة للإسكندرية: «غصب عنى، أكل العيش صعب وأنا بصرف على عيالى، وأمى العيانة وزوجات أخواتى الإتنين بعد وفاتهم.. لو نمت يوم يجوعوا.. وحياتى مش هتبقى أغلى عندى منهم».
ساعة قد تزيد قليلاً يقضيها الرجل يومياً فى تجهيز أدواته، وهى عبارة عن شبكة وطعم وأدوات شد، وكل ما يلزم الصياد فى رحلته، ثم يبدأ طقوسه فى العبور اليومى للمصرف عبر السير على مواسيره، الأمر الذى اعتاد عليه منذ 4 سنوات، وكلما حذره شخص من مغبة فعله، ضحك قائلاً: «الجيش قالك اتصرف، ولو استنيت الحكومة تحل هقعد فى البيت من غير شغل ولا أكل وهنموت من الجوع».
لا يحلم «هاشم سعد» وعشرات غيره من أبناء القرية اليتيمة بأمور خيالية، إنما ينتظرون فقط نظرة من المسئولين، أو جولة يقودها رئيس الوزراء، ربما تعود عليهم بالخير الذى ينتظرونه لسنوات طويلة، ويتمثل فى الكهرباء والمياه وكوبرى المشاة.