السفير الليبي: الثورة نجحت.. ومن كانوا يحملون أفكار البناء "ماتوا"
السفير الليبي: الثورة نجحت.. ومن كانوا يحملون أفكار البناء "ماتوا"
الثورة الليبية
قال السفير الليبى فى القاهرة، محمد فائز جبريل، إن دور مصر فى ليبيا «فاعل ومهم» وعلاقات التعاون العسكرى بين البلدين قائمة، مضيفاً فى حوار لـ«الوطن» أن تيار «الإسلام السياسى» بدعة ضربت المنطقة العربية. وإلى نص الحوار:
■ الجيش المصرى أحبط عملية إرهابية على الحدود مع ليبيا، فكيف ترى دوره فى مساعدتكم لضبط الحدود؟
- أنا ممتن للدور المصرى وأشيد بقوة بهذا الدور فى ضبط وحماية الحدود، وهو دور ملموس وفاعل ونتمنى من دول الجوار أن تحذو حذو مصر فى حماية الحدود، لمنع وصول السلاح والإرهابيين، فقد أصبح «داعش» بمثابة «بندقية مأجورة» تتحرك لمن يدفع لها ويمدها بالسلاح، والواجب الآن على الأقل هو قطع هذه الإمدادات.
■ قبل عام وعدة شهور أجرينا معكم حواراً تحدثت فيه عن أن الأوضاع فى ليبيا عادية فى ضوء ما شهدته من أحداث منذ اندلاع ثورتها، فما توصيفكم للحالة الليبية حالياً؟
- خارطة الطريق كان ملخصها هو المجلس الوطنى الانتقالى فى البداية، ثم المؤتمر الوطنى، ثم الانتقال للمرحلة النهائية بعد كتابة الدستور، وتنتقل ليبيا من حالة الثورة إلى حالة الدولة، وكانت رؤيتنا أنه رغم ما نعانيه من انتشار وكثرة السلاح وعدم وجود مؤسسات للدولة بمفهومها الصحيح، وتحدثنا أكثر من مرة عن أن فكرة الدولة كقواعد ونظم وإجراءات دُمرت فى الذهنية الليبية، باعتبار أنه خلال 42 سنة من حكم القذافى كانت هناك سلطة وليست بالضرورة دولة، وبالتالى المواطن لم يحظ بدولة حقيقية، بل إن صاحب السلطة الذى كان يحكم لم يكن يؤمن بالدولة، وعمل على تفكيك فكرة الدولة بشكل منهجى، بداية من ضرب الترقى الوظيفى القائم على المعرفة والخبرة، وأصبح من الممكن بالثورية أن يصل أى شخص إلى أعلى سدة فى الحكم بالتصعيد، خاصة بعد أن مارس «القذافى» نظام تجهيل ديكتاتورى بشع يسجن فيه المثقف ويحرق فيه الكتاب ويعدم فيه الطالب.
■ وهل نجحت الثورة الليبية؟
- نجحت الثورة.. هى نجحت فى إزاحة الطاغية، أما بناء البديل ورد الاعتبار للأفكار التى أهدرت فقد وجدنا أن من كان يحمل تلك الأفكار ماتوا، وبقى جيل تعلم كيف يغضب وعرف كيف يثور، ولكنه لا يعرف كيف يبنى، وهذه هى معضلتنا حتى الآن، والتخبط الذى نراه يحدث لأنه لا يوجد أحد فى المواقع التى تراها مؤهل، وكل من جاءوا فى تلك المواقع ليس لديهم خبرة، وكل من فى هذه المناصب القيادية المهمة الحساسة جاءوا دون خبرات.
■ كيف تصف المشهد الحالى بصورة دقيقة؟
- هو مشهد صعب ومؤلم، ولو كان مقتصراً علينا نحن لكان أخف من ذلك، لكن المشكلة أننا أصابنا ما أصاب القوم، وهو تيار الإسلام السياسى الذى يعد البدعة الثانية التى ضربت المنطقة بالإضافة للقومية. والوطنيات العربية التى نشأت بعد تفكك الإمبراطوريات لم تستقر، رغم أن بعضاً منها كان أصيلاً، وبعضاً منها كان له تجربة فى الكفاح ضد المستعمر، وتم اغتيال تلك الوطنيات بالانقلابات العسكرية والسيطرة على مسارها وغيرها، والحالة الحالية فى ليبيا أصفها بأنها حالة ما بعد الثورات فى الدول التى ليس لديها خبرة، وحالة من السيولة، والصراع ليس معقداً وليس صراعاً طائفياً أو عرقياً أو جهوياً، وليست لها ثنائيات حادة أو جامدة. وفى ظل حالة السيولة هذه ما عقّد المشهد هو الإرهاب؛ لأن «مفيش دولة»، والدولة أصبحت ملاذاً للجريمة المنظمة، التى اختلطت بالإرهاب وسيطر عليها كمصدر للأموال، والفساد موجود وهو أحد أخطر الأمور التى تهدد ليبيا، والإرهاب والفساد هما أكثر ما يهددان ليبيا، والفساد أخطر لأن الإرهاب ليس لديه ظهير شعبى، بينما الفساد يجمع مصالح الناس ويشارك الجميع فيه على قدر حاجته.
■ ماذا عن تنظيم داعش فى ليبيا؟
- الإرهاب غير واضحة معالمه، وليس له مشروع، وهو فكرة خبيثة ومجرمة وأداة للتدمير، ولذلك ليس له ظهير شعبى أو حاضنة، وأسوأ ما فى الإسلام السياسى، وما يتماشى مع أشكال أخرى من العنف، هو «داعش»، وكيف جاءنا هذا التنظيم؟ ومن أين جاء؟ وهل مصادفة وجوده فى العراق وسوريا وليبيا؟ وهل هو بقايا أنظمة أم ماذا؟
■ ماذا تقصد ببقايا الأنظمة؟ هل تقصد أن الحالة الليبية تتشابه مع ما هو فى العراق من سيطرة البعثيين وبقايا نظام صدام على تنظيم «داعش»؟ وهل هذا يعنى وجود بقايا لنظام القذافى بين «داعش ليبيا»؟
- هذا تحليل صحيح، وهناك شواهد على ذلك، وأسبابها كثيرة، لأن البداية كانت من الأنظمة عندما شعرت أنها تآكلت وأصبحت مكروهة ومنبوذة، ومن كان يدعمها من الغرب لم يعد يدعمها، وفكرة دعم الأنظمة التى تعتمد على طائفة معينة لم تعد صحيحة، ولذلك أستطيع القول إن هناك شواهد كثيرة على أن بقايا نظام القذافى هم من المنتمين لتنظيم «داعش» فى ليبيا، لأن عناصر كثيرة لم تعد تحارب تحت الراية الخضراء، بل تحارب تحت الراية الأخرى، وهذا كان واضحاً فى تحول أشخاص بعينهم معروفين منهم، وبالإضافة لذلك هناك مشروع الدولة الفاطمية التى تحدث عنها «القذافى» باعتبارها حركة تضم الأقليات الدينية المضطهدة، وتحدث عن فكرة القبائل فيها، وتحدث عن الجهادية السلفية بشكل واضح، وسيف القذافى دفع فدية 25 مليون دولار للقيادى السلفى الجهادى مختار بلمختار زعيم تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب، الذى اغتالته غارة أمريكية فى ليبيا مؤخراً، وأعطاه الفدية تحت ستار أن ليبيا تحاول تحسين صورتها لدى الغرب، ولكنه أعطاه هذه الأموال لأنه أراد أن يعطى دعماً له ومكافأة، كما أن نظام القذافى دعم إسلاميين فى دول عديدة، ولذلك فنظامه لديه خبرة فى زعزعة الاستقرار، ومن يريد زعزعة الاستقرار يبحث عن أى قوة يتحالف معها.
■ هل نلقى باللوم فقط على نظام «القذافى» فى ظهور «داعش» فى ليبيا؟ فى حين أن من ثاروا ضد القذافى كان بينهم متشددون أيضاً لم يعجبهم عدم تمكينهم بعد الثورة فأصبحوا «دواعش»؟
- بالتأكيد لا طبعاً، ليس نتاج القذافى فقط، كل هذه الظواهر نتاج أوضاعنا نحن، ونظامنا التعليمى والاجتماعى والاقتصادى وتأخر الخطاب الدينى، فكان آخر من ظهر لتجديد هذا الخطاب الدينى جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده.
■ الجماهيرية العربية الليبية الشعبية فى عهد القذافى أصبحت بعد الثورة «دولة ليبيا»، هل هو مصطلح محايد لا يحدد هوية الدولة؟
- هو ليس مصطلحاً محايداً، هو له ثقافة، ولكننا مع كل أسف لم ننشر ثقافة الدولة، ومصطلح «دولة ليبيا» هو رد اعتبار لأمرين أهدرهما نظام القذافى، وهما «الدولة» لأن هدفنا هو بناء الدولة، و«ليبيا» لأنها حلت محلها الجماهيرية وطمست الوطنية الليبية وتاريخها.
■ ما أقصده من أنه مصطلح محايد أنه لا يحدد إن كانت جمهورية أو ملكية، فهل كان ذلك رغبة فى إفساح المجال لإمكانية عودة الملكية فى ليبيا.. ومعروف أنكم من أنصار الملكية؟
- صحيح أنا من أنصار الملكية، لكن المقصود بـ«دولة ليبيا» أن أولويتنا هى إعادة الدولة أولاً، وليس الملكية أو الجمهورية.
■ الجيش المصرى أحبط عملية إرهابية على الحدود مع ليبيا، فكيف ترى دوره فى مساعدتكم لضبط الحدود؟
- أنا ممتن للدور المصرى وأشيد بقوة بهذا الدور فى ضبط وحماية الحدود، وهو دور ملموس وفاعل ونتمنى من دول الجوار أن تحذو حذو مصر فى حماية الحدود، لمنع وصول السلاح والإرهابيين، فقد أصبح «داعش» بمثابة «بندقية مأجورة» تتحرك لمن يدفع لها ويمدها بالسلاح، والواجب الآن على الأقل هو قطع هذه الإمدادات.
■ قبل عام وعدة شهور أجرينا معكم حواراً تحدثت فيه عن أن الأوضاع فى ليبيا عادية فى ضوء ما شهدته من أحداث منذ اندلاع ثورتها، فما توصيفكم للحالة الليبية حالياً؟
- خارطة الطريق كان ملخصها هو المجلس الوطنى الانتقالى فى البداية، ثم المؤتمر الوطنى، ثم الانتقال للمرحلة النهائية بعد كتابة الدستور، وتنتقل ليبيا من حالة الثورة إلى حالة الدولة، وكانت رؤيتنا أنه رغم ما نعانيه من انتشار وكثرة السلاح وعدم وجود مؤسسات للدولة بمفهومها الصحيح، وتحدثنا أكثر من مرة عن أن فكرة الدولة كقواعد ونظم وإجراءات دُمرت فى الذهنية الليبية، باعتبار أنه خلال 42 سنة من حكم القذافى كانت هناك سلطة وليست بالضرورة دولة، وبالتالى المواطن لم يحظ بدولة حقيقية، بل إن صاحب السلطة الذى كان يحكم لم يكن يؤمن بالدولة، وعمل على تفكيك فكرة الدولة بشكل منهجى، بداية من ضرب الترقى الوظيفى القائم على المعرفة والخبرة، وأصبح من الممكن بالثورية أن يصل أى شخص إلى أعلى سدة فى الحكم بالتصعيد، خاصة بعد أن مارس «القذافى» نظام تجهيل ديكتاتورى بشع يسجن فيه المثقف ويحرق فيه الكتاب ويعدم فيه الطالب.
■ وهل نجحت الثورة الليبية؟
- نجحت الثورة.. هى نجحت فى إزاحة الطاغية، أما بناء البديل ورد الاعتبار للأفكار التى أهدرت فقد وجدنا أن من كان يحمل تلك الأفكار ماتوا، وبقى جيل تعلم كيف يغضب وعرف كيف يثور، ولكنه لا يعرف كيف يبنى، وهذه هى معضلتنا حتى الآن، والتخبط الذى نراه يحدث لأنه لا يوجد أحد فى المواقع التى تراها مؤهل، وكل من جاءوا فى تلك المواقع ليس لديهم خبرة، وكل من فى هذه المناصب القيادية المهمة الحساسة جاءوا دون خبرات.
■ كيف تصف المشهد الحالى بصورة دقيقة؟
- هو مشهد صعب ومؤلم، ولو كان مقتصراً علينا نحن لكان أخف من ذلك، لكن المشكلة أننا أصابنا ما أصاب القوم، وهو تيار الإسلام السياسى الذى يعد البدعة الثانية التى ضربت المنطقة بالإضافة للقومية. والوطنيات العربية التى نشأت بعد تفكك الإمبراطوريات لم تستقر، رغم أن بعضاً منها كان أصيلاً، وبعضاً منها كان له تجربة فى الكفاح ضد المستعمر، وتم اغتيال تلك الوطنيات بالانقلابات العسكرية والسيطرة على مسارها وغيرها، والحالة الحالية فى ليبيا أصفها بأنها حالة ما بعد الثورات فى الدول التى ليس لديها خبرة، وحالة من السيولة، والصراع ليس معقداً وليس صراعاً طائفياً أو عرقياً أو جهوياً، وليست لها ثنائيات حادة أو جامدة. وفى ظل حالة السيولة هذه ما عقّد المشهد هو الإرهاب؛ لأن «مفيش دولة»، والدولة أصبحت ملاذاً للجريمة المنظمة، التى اختلطت بالإرهاب وسيطر عليها كمصدر للأموال، والفساد موجود وهو أحد أخطر الأمور التى تهدد ليبيا، والإرهاب والفساد هما أكثر ما يهددان ليبيا، والفساد أخطر لأن الإرهاب ليس لديه ظهير شعبى، بينما الفساد يجمع مصالح الناس ويشارك الجميع فيه على قدر حاجته.
■ ماذا عن تنظيم داعش فى ليبيا؟
- الإرهاب غير واضحة معالمه، وليس له مشروع، وهو فكرة خبيثة ومجرمة وأداة للتدمير، ولذلك ليس له ظهير شعبى أو حاضنة، وأسوأ ما فى الإسلام السياسى، وما يتماشى مع أشكال أخرى من العنف، هو «داعش»، وكيف جاءنا هذا التنظيم؟ ومن أين جاء؟ وهل مصادفة وجوده فى العراق وسوريا وليبيا؟ وهل هو بقايا أنظمة أم ماذا؟
■ ماذا تقصد ببقايا الأنظمة؟ هل تقصد أن الحالة الليبية تتشابه مع ما هو فى العراق من سيطرة البعثيين وبقايا نظام صدام على تنظيم «داعش»؟ وهل هذا يعنى وجود بقايا لنظام القذافى بين «داعش ليبيا»؟
- هذا تحليل صحيح، وهناك شواهد على ذلك، وأسبابها كثيرة، لأن البداية كانت من الأنظمة عندما شعرت أنها تآكلت وأصبحت مكروهة ومنبوذة، ومن كان يدعمها من الغرب لم يعد يدعمها، وفكرة دعم الأنظمة التى تعتمد على طائفة معينة لم تعد صحيحة، ولذلك أستطيع القول إن هناك شواهد كثيرة على أن بقايا نظام القذافى هم من المنتمين لتنظيم «داعش» فى ليبيا، لأن عناصر كثيرة لم تعد تحارب تحت الراية الخضراء، بل تحارب تحت الراية الأخرى، وهذا كان واضحاً فى تحول أشخاص بعينهم معروفين منهم، وبالإضافة لذلك هناك مشروع الدولة الفاطمية التى تحدث عنها «القذافى» باعتبارها حركة تضم الأقليات الدينية المضطهدة، وتحدث عن فكرة القبائل فيها، وتحدث عن الجهادية السلفية بشكل واضح، وسيف القذافى دفع فدية 25 مليون دولار للقيادى السلفى الجهادى مختار بلمختار زعيم تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب، الذى اغتالته غارة أمريكية فى ليبيا مؤخراً، وأعطاه الفدية تحت ستار أن ليبيا تحاول تحسين صورتها لدى الغرب، ولكنه أعطاه هذه الأموال لأنه أراد أن يعطى دعماً له ومكافأة، كما أن نظام القذافى دعم إسلاميين فى دول عديدة، ولذلك فنظامه لديه خبرة فى زعزعة الاستقرار، ومن يريد زعزعة الاستقرار يبحث عن أى قوة يتحالف معها.
■ هل نلقى باللوم فقط على نظام «القذافى» فى ظهور «داعش» فى ليبيا؟ فى حين أن من ثاروا ضد القذافى كان بينهم متشددون أيضاً لم يعجبهم عدم تمكينهم بعد الثورة فأصبحوا «دواعش»؟
- بالتأكيد لا طبعاً، ليس نتاج القذافى فقط، كل هذه الظواهر نتاج أوضاعنا نحن، ونظامنا التعليمى والاجتماعى والاقتصادى وتأخر الخطاب الدينى، فكان آخر من ظهر لتجديد هذا الخطاب الدينى جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده.
■ الجماهيرية العربية الليبية الشعبية فى عهد القذافى أصبحت بعد الثورة «دولة ليبيا»، هل هو مصطلح محايد لا يحدد هوية الدولة؟
- هو ليس مصطلحاً محايداً، هو له ثقافة، ولكننا مع كل أسف لم ننشر ثقافة الدولة، ومصطلح «دولة ليبيا» هو رد اعتبار لأمرين أهدرهما نظام القذافى، وهما «الدولة» لأن هدفنا هو بناء الدولة، و«ليبيا» لأنها حلت محلها الجماهيرية وطمست الوطنية الليبية وتاريخها.
■ ما أقصده من أنه مصطلح محايد أنه لا يحدد إن كانت جمهورية أو ملكية، فهل كان ذلك رغبة فى إفساح المجال لإمكانية عودة الملكية فى ليبيا.. ومعروف أنكم من أنصار الملكية؟
- صحيح أنا من أنصار الملكية، لكن المقصود بـ«دولة ليبيا» أن أولويتنا هى إعادة الدولة أولاً، وليس الملكية أو الجمهورية.