"تعاونيات البساتين".. هنا "منطقة الدمار الشامل"
"تعاونيات البساتين".. هنا "منطقة الدمار الشامل"
صورة ارشيفية
الاستيقاظ يوميا على صوت "تليين" مولدات الكهرباء، ورائحة الشحم التى تزكم الأنوف، وأصوات المحركات التي تكتظ بها الشوارع المحيطة، وأدخنتها السامة التي تهدد الحياة، مشهد يتكرر بانتظام، يتأذى منه أهالى مساكن التعاونيات بالبساتين، يحاولون الهرب بفتح النوافذ لاستنشاق هواء نقي، هكذا يتمنون، لكن الأمر يزداد سوءا فتتداخل روائح البالوعات مع الشحم وأدخنة المحركات، فيحاول فريق آخر الهرب إلى رحاب الشوارع، فتتبعهم أعمدة إنارة "مكهربة" أو فتحات بالوعات دون غطاء.
في حال يرثى لها، يعيش عمر علاء الدين، وجدته التسعينية، التي تفزع كل صباح على أصوات المحركات الضخمة، فلا يملك من أمره شيئا إلا أن يطمئنها بعد أن أصبحت لا ترى إلا ببصيص من النظر، يتناول إفطاره، ثم يذهب إلى عمله مرددا "ادعيلى يا حاجة"، تطأ قدماه الشارع بحرص، ناصحا الأطفال بالسير في هدوء حتى لا يسقط أحدهم فى بالوعة مفتوحة "مفيش بلاعة عليها غطا، يا إما مقفولين بالزبالة، أو مليانين ميه والعيل اللى يقع فيها يبقى راح لموته، ده غير كبار السن اللي بيكونوا مرعوبين وهما ماشيين جنب بلاعة مفتوحة"، قالها الشاب العشرينى، موضحا أن عمليات إصلاح البالوعات ومواسير الصرف تجرى بشكل دوري، لكنها "مجرد شكليات" حسب وصفه: "كل يوم نبلغ وييجى عامل يسلك، ما يمرش ساعة وتضرب تانى، ويوم ما نشتكى يقولوا دى شبكة عامة بقالها 25 سنة محتاجة تتغير، إحنا اللى هنصلحها ولا الحى؟.. وأهو عايشين مع صرف طافح وبالوعات مفتوحة".
المنطقة تعاني نسبة كبيرة من العشوائية والإهمال والتجاهل، بالرغم من المستوى العلمي والتعليمي المرتفع لبعض سكانها، أحدهم الدكتور أحمد عبدالعزيز، أستاذ علم الاجتماع السياسي: "قدمت 200 شكوى بنفسي ولا حد سأل فينا"، الرجل الخمسيني أشار إلى أن كثيرا من السكان أصيبوا بالتهابات رئوية وسرطانات بسبب الأدخنة السامة التي تنبعث من الأدوات الميكانيكية التي افترشت الشوارع وأمام الورش والمحال.
"المنطقة المعدومة" التي يحاصرها الموت، اعتبر ناصر رمضان، رئيس حي البساتين، أن مشكلاتها تقع على كاهل بعض الأهالي الذين يصرون على المخالفة، في حين أن الجهات المسؤولة تقوم بدورها حسب قوله "الورش الموجودة بداخل المناطق السكنية اتعملها قطع للمرافق، وبعض المحلات بيتم تشميعها، لكن الناس مصرة على المخالفة، وبيدفعوا غرامات ويرجعوا تانى يقدموا على مرافق، ويشتغلوا مرة تانية"، وحول مشكلات الصرف الصحي وبالوعات الموت التي يعاني منها الأهالي، قال "موصلنيش شكاوى من الصرف، وهتابع مع المسئولين والأهالي لمعاينة الأمر على أرض الواقع".