جلس النائب العام الجديد المستشار «طلعت عبدالله» مع مجموعة من أسر شهداء الثورة وأفادهم بأن النيابة العامة لا تملك أدلة جديدة حتى الآن فى قضايا قتل المتظاهرين، كى تتم إعادة محاكمة المتهمين فيها، وبصراحة -فيها كل الراحة- قال النائب العام لأسر الشهداء: «هاتوا أنتم الأدلة وأنا أفتح تحقيقات فيها»!. هل رأيت خيالاً ألذ وأطعم من ذلك؟. أهالى الشهداء مسئولون عن جمع أدلة جديدة، حتى تتم إعادة التحقيق فى قضايا قتل أبنائهم، إما لأن السلطة المسئولة «مشغولة جداً»، أو لأنها لا ترى أن من اختصاصها أن تخاطب «الداخلية» وتكلفها بإجراء تحريات وجمع أدلة حول مثل هذه القضايا. المسئولية تقع على عاتق الأهالى، المطلوب منهم الآن أن يحضروا دورات تدريبية فى «عمل المخبرين» ليقوموا بالتحريات وجمع الأدلة المطلوبة، وعلى من لا يجد فى نفسه الكفاءة أن يستعين بصديق، مثل «المفتش كرومبو»!.
فقانون حماية الثورة الذى أتحفنا به الرئيس مرسى ينص على ظهور أدلة جديدة لفتح التحقيق من جديد فى قضايا قتل المتظاهرين، يعنى كله جديد فى جديد!. وبذلك تكون فرحة أهالى الشهداء بالقرار «الثورى جداً جداً» الذى اتخذه الرئيس قد طارت مع «الغراب»، ولم يبقَ من الإعلان الدستورى سوى هم الاستبداد، وغم الديكتاتورية، وكربها العظيم، وقد أكد المتحدث الرسمى للرئاسة أمس الأول على موضوع ظهور أدلة جديدة تستوجب إعادة المحاكمة، وكأنه أراد أن يطمئن قتلة الثوار أن الموضوع «فكسان» من أوله لآخره!.
من الحمق أن تتوقع من شخص ارتعش عندما نشرت إحدى الصحف خبراً عن منع المشير طنطاوى والفريق عنان من السفر على ذمة التحقيق معهما فى قضايا كسب غير مشروع وقتل المتظاهرين فى ماسبيرو ومحمد محمود أن يفتح التحقيق من جديد فى قضايا قتل المتظاهرين، من السذاجة أن تتوقع أن يبادر إلى محاكمة القتلة من كان الشباب تسفك دماؤهم فى الثورة، بينما كان جالساً مع عمر سليمان ورجال نظام «المخلوع» يتفاوض معهم على نصيب الإخوان من الكعكة التى كان ثمنها دم الثوار.
هذا الشعب ليس ساذجاً كما يتصور الدكتور مرسى وجماعته، قد يوهم من يحكمه أنه قد نسى وفقد الذاكرة، لكن سرعان ما يستدعى -إذا غضب- كل الدفاتر القديمة ليحاسب أصحاب «السوابق» معه حساباً عسيراً. يخطئ كل الخطأ من يظن أنه يستطيع أن يستغفل هذا الشعب إلى الأبد، ذلك هو «التغفيل» الحقيقى. نصيحة أقولها لمن يحاول أن «يتناصح» على هذا الشعب: انتبه إلى أن المصريين «أنصح من النصاحة». وقمة التغفيل أن يحاول شخص بيع «الميّه فى حارة السقايين». فسوف تكون النتيجة أنه سيطفح «كذبه» قطرة قطرة، بنفس الطريقة التى سيخلع بها إعلانه حتة حتة!.