زوجتى.. ونصائح جدتى
محمد صلاح
منذ بدء الخليقة، كانت الجاذبية والتفاهم من أسرار السعادة بين «آدم» و«حواء»، وقد تصبح أسعد مخلوق على وجه الأرض إذا رزقك الله بزوجة صالحة، تنير لك الدرب، وترسم معك ملامح المستقبل.
فمن بلغ مرحلة النضج مثلى، كان عليه أن يحدد معايير اختياره لشريكة أحلامه وأفراحه وآلامه، فقررت أن يكون عقلى مسيطراً على أهواء ورغبات قلبى، كى لا يقع أسيراً لرقة المشاعر لدى الفتيات.
كنت حريصاً على أن أستمع إلى وصايا ونصائح والدتى التى وصلت إليها من جدتى، والتى سبق أن اكتسبتها من حكم وأمثال العرب، فقالت لى: عليك الابتعاد عن 6 أنواع من النساء، واحذر أن تجعل إحداهن شريكاً لحياتك أو أُماً لأولادك، فابتعد عن المرأة الأنانة، الحنانة، المنانة، الحداقة، البراقة، والشداقة، فأى منهن قنابل موقوتة تفجر استقرار أى أسرة، وعليك بالزوجة المتدينة، المتسامحة، الصادقة، العفيفة، الوديعة، القنوعة، والقادرة على تحمل المسئولية.
وضعت تلك الوصايا فى اعتبارى، وقبل أن يتلقى قلبى إشارات عقلى، رسمت صورة واقعية، عن شريكة حياتى، وبحثت عنها، فكان التدين والصدق والتسامح، والعفة، والقناعة أبرز سماتها، فهى خريجة كلية الصيدلة من جامعة الأزهر بامتياز مع مرتبة الشرف، وشاء القدر أن يكون أول لقاء يجمعنا هو يوم عيد ميلادها، واعتبرنا ذلك فأل خير، لبناء أسرة سعيدة، قائمة على التفاهم والمودة والرحمة.
وعلى مدار 12 عاماً، كانت زوجتى عوناً وسنداً، ودافعاً لتحقيق النجاح، كانت تعتبر نجاحى نجاحاً لها، كان تسامحها أحد مصادر الدفء والسعادة الأسرية، ووهبت نفسها لتربية أبنائنا «روان»، «ريم» و«أحمد» على التدين الصادق، وحفظ كتاب الله، وغرس مبادئ الأخلاق الحميدة، والقدوة الحسنة، وحب الخير، إضافة إلى كل ذلك التفوق الدراسى، فهى حريصة على تربية جيل قادر على مواجهة مشكلات المستقبل.
أعترف أن زوجتى كانت بارة جداً بوالدى ووالدتى، رحمهما الله، وتحترم أشقائى، وكل عائلتى صغيراً وكبيراً، ولم تبخل عليهم بأى شىء، وعندما أصيبت والدتى بكسر فى الساق اليسرى، قدمت لها الرعاية الطبية الكاملة، وكذا الحال مع والدى، وعندما لقيا وجه رب كريم، جلست ساعات طويلة قرب رأسيهما -قبل دفنهما- تقرأ لهما القرآن والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، ودائماً تحث على انتظام إخراج الصدقة الجارية على أرواحهما.
ولكل ذلك وأكثر، فأنا لست مع من يرددون أن المرأة بنصف عقل، فالمرأة هى نصف المجتمع، فهى تربى أجيالاً يصنعون المستقبل، فهى مصنع الرجال، ومنبع السعادة والبهجة.. فشكراً زوجتى العزيزة.