«الفكة».. أزمة يومية فى تعاملات المصريين.. ورئيس «سك العملة»: نستهدف ضخ 80 مليوناً
جرجس فوزى يشكو من نقص الفكة
لا تخلو تعاملات المصريين اليومية من مشاجرات متكررة، بسبب «أزمة الفكة»، ليس بسبب «الربع» أو النصف جنيه «الباقى» فحسب، لكن بسبب باقى العملات الكبيرة بدءاً من 10 حتى 200 جنيه. تفاقم الأزمة تزامن مع قرار البنك المركزى بضخ عملات ورقية فئة «نصف جنيه»، و«جنيه» فى الأسواق.
صاحب «محل عصير»: «نشترى الفكة من المتسولين وندفع 5 جنيهات على كل 100 عشان نمشّى شغلنا».. و«السبكى»: طرحنا عملات معدنية بـ28 مليون جنيه العام المالى السابق
«الوطن» تستعرض مظاهر الأزمة مع أصحاب محلات بقالة ومطاعم وسائقى ميكروباص، وفى محطات الوقود، وتستطلع رأى خبراء الاقتصاد وموقف مصلحة «سك العملة» من الأزمة وسبل علاجها.
يقول جرجس فوزى، صاحب سوبر ماركت: «أحصل على الفكة من أى بنزينة فى الأماكن الشعبية، والأزمة موجودة من كذا شهر، ولما نزلت الجنيهات الورق تانى برضه الأزمة موجودة». وأضاف: «أكتر وقت بحتاج فيه فكه بيكون الصبح عشان كده لازم أكون عامل حسابى عشان أعرف أمشّى شغلى بقية اليوم»، متابعاً: «ساعات بضطر أجيب الفكة وبدفع عليها نسبة، يعنى مثلاً ممكن أدفع على الألف جنيه، 50 جنيه وأوقات 30».
ويقول أسامة عبدالناصر، صاحب محل عصير: «الفلوس الصحيحة بقت أكتر من الفكة بكتير، وده عامل لى أزمة من قبل العيد لحد دلوقتى، كل شوية واحد يدينى 100 جنيه علشان يحاسب على كوباية عصير ولا 2 وعايز الباقى»، واستدرك قائلاً: «بقعد ألف على فكة لحد ما تطلع عينى، حتى محلات الصرافة اللى كنا ممكن نفك منها فلوس دلوقتى ما بقاش فيها فكة».
وأضاف «عبدالناصر»: «إحنا بقينا نلجأ للمتسولين، هما دول اللى بنلاقى معاهم فكة، وبدل ما كانوا هما اللى بيجوا عشان يجمدوا الفلوس اللى معاهم بقينا إحنا اللى ندور عليهم دلوقتى، وساعات بندفعلهم 5 جنيه على الـ100 عشان يفكولنا، ومش بعيد إن هما اللى عاملين الأزمة أصلاً»، وأكمل: «الجنيه والنص جنيه الورق لسا ما انتشروش أوى عشان كده لسه الأزمة ما اتحلتش، ده غير إن الزبون ما بيرضاش ياخدها دلوقتى عشان مش مقتنع بها».
ويقول سامح عبدالستار، سائق ميكروباص: «أكتر المشاكل اللى بتقابلنى إن الزباين ما بيكونش معاهم فكة خاصة ساعة الظهر، هما كده كده الصبح كل واحد بيكون نازل بالجنيه الفكة عشان ما يتعطلش، إنما الأزمة الحقيقية بتكون آخر النهار، حتى اللى معاه فكة بيكون محتفظ بيها لنفسه عشان يعرف يشتغل بها بقية اليوم».
وأضاف: «بقينا نضطر نعمل احتياطى من الفكة 20 أو 30 جنيه على جنب علشان نعرف نشتغل بهم بعد الظهر»، واستدرك: «أسمع إن فيه ناس بتبيع الفكة وبتاخد نسبة على الـ100، بس ده مينفعش معانا إحنا لأننا لو عملنا كده مش هيطلعلنا حاجة آخر اليوم». ويقول خالد صلاح، مدير بنزينة بالدقى: «أزمة الفكة بتبقى موجودة فى المواسم زى العيد مثلاً، غير كده الوضع عندنا طبيعى فى باقى أيام السنة». وأضاف: «أصحاب المحلات متعودين دايماً يفكوا فلوسهم من عندنا بحكم إن البنزينة بيجيلها فكة كتير من سواقين الميكروباصات وغيرهم».
ويؤكد محمد السبكى، رئيس مصلحة «سك العملة». إنه لا يعرف السر وراء ما يثار عن نقص العملات المعدنية «الفكة» فى الأسواق. وأوضح أن وزارة المالية ممثلة فى مصلحة سك العملة طرحت فى السوق خلال العام المالى الماضى 2015/2016 أكثر من 28 مليون قطعة معدنية 5 ملايين قطعة من فئة 50 قرشاً بنسبة زيادة بلغت نحو 10% عن العام المالى السابق له.
وأشار إلى أن مصلحة سك العملة فى إطار خطتها لزيادة المعروض من العملات المعدنية فى الأسواق طرحت مناقصة جديدة لتوفير احتياجات السوق خلال العام المالى 2016/2017 لاستيراد 200 مليون قرص معدنى فئة الجنيه و100 مليون من القرص المعدنى فئة 50 قرشاً، إضافة إلى 100 مليون أخرى لفئة 25 قرشاً، ومن المقرر طرح مناقصة لشراء ماكينة سك عملة جديدة لزيادة احتياجات السوق من الجنيه ونصف الجنيه بنحو 3.5 مليون قطعة شهرياً قريباً، إضافة إلى مقترح تقدمت به المصلحة لوزارة المالية لشراء ماكينة أخرى، ما يؤدى لزيادة كمية الجنيهات من 27 مليوناً خلال العام المالى 2015/2016 لتصل إلى نحو 80 مليوناً خلال العام المالى الجديد.
وأكد أنه بدخول ماكينتى سك العملة الجديدتين سيمكن لوزارة المالية تحقيق خطتها المستهدفة خلال الفترة المقبلة لإقامة مركز لإنتاج القطع المعدنية فى مصر بدلاً من استيرادها إضافة لتوفير احتياجات الدول العربية المجاورة من العملات المعدنية التى يريدونها.
وقال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة إن «اختفاء الفكة رغم خطوات البنك المركزى بطبع بنكنوت ورق بديلاً للعملات المعدنية أمر لافت للانتباه، لكن لا توجد معلومة مؤكدة عن سبب الأزمة الحقيقى»، وتابع: «مفيش شك إن عدم وجود الفكة فى السوق أمر فى غاية السوء، لأن الفكة بتسهل عملية التعاملات والمبادلات بين الناس وبعضها».
وأضاف: «الطلب على الفكة زاد فى الفترة الأخيرة، كما زاد حجم التعاملات فى الأسواق، خاصة فى شهر رمضان نشأ عنه زيادة الطلب على الفكة، ومن أسباب الأزمة طرق تسعير السلع بالأسواق الكبيرة التى يمكن أن تضغط على الفكة، فبدلاً من أن يكون سعر السلعة مثلاً 25 جنيهاً يتم التسعيرة بـ24 جنيهاً و75 قرشاً، ومن هنا يزيد الطلب على الفكة وهكذا».
وتابع «إبراهيم»: «ما فيش أى توجه من البنك المركزى بسحب العملات المعدنية فى السوق، لأنه عندما طُبعت عملات ورقية كانت عاملاً مساعداً فى حل أزمة الفكة، غير أن حجم العملات الورقية التى طبعها البنك المركزى ليس كافياً لحل أزمة الفكة فى السوق، وبالتالى فكرة سحب العملات المعدنية غير مقبولة، ما يؤكد أن نوعى العملة هيكونوا موجودين فى الأسواق».
وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية: «أزمة الفكة والعجز الشديد فى الأسواق مؤخراً، أثّرت فعلياً على المواطن بشكل كبير، يعنى مثلاً أجرة الركوب المقدرة بـ75 قرشاً، يدفعها الراكب جنيهاً فى أغلب الأحيان بسبب عدم وجود فكة، وهو ما كان أحد الأسباب للتفكير مرة تانية فى العملات الورقية واللى إحنا بنسميها عملات مساعدة تعمل على تيسير الحركة التجارية فى التعاملات اليومية».
وعن أسباب الأزمة، أضاف «رشاد»: «فى إشاعة بتقول إن الإخوان هما اللى بيجمعوا العملة من السوق، وهذا غير صحيح وغير مقبول، ولازم نبطل ندور فى كل أزمة على شماعة نعلقها عليها»، متابعاً: «فيه إشاعة تانية بتقول إن كمية المعدن اللى فى العملة أكبر من قيمة الجنيه وإن فيه مسابك بدأت تلم العملة وتصهرها وده برضه مش معقول أوى، لكن إذا افترضنا أن هذا السبب حقيقى، فلا بد أن يترتب عليه تراجع العملات المعدنية فى السوق، والأزمة ستظل تتزايد، وهنا يأتى دور البنك المركزى الذى إذا شعر فعلاً بأن نسبة التراجع عالية لا بد يضخ كميات أكبر من العملات الورقية لسد العجز».
واستدرك: «من الأمور التى فاقمت الأزمة إن المحافظ أجّل خطوة طرح العملات الورقية، ليكتب اسمه عليها بحجة إن فيه مخزون من المطبوع القديم للعملات فى المخازن، لكن عموماً لازم نعترف إن أزمة الفكة مش جديدة علينا، والأزمة فى طريقها للحل».