جريمة القرن | «إسلام بكير».. 5 رصاصات لقتل الحالم بالعدالة
آخر كلماته لوالدته «قولى لبابا إنه خلّف رجالة»، وهتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» آخر ما نطق به قبل استشهاده، وضحكاته العالية آخر ما يتذكره أصدقاؤه، إنه الشهيد إسلام عبدالقادر بكير، الذى عاش من أجل ثلاثة أمور: أسرته التى ودعها تليفونياً قبل النيل منه بساعات، وإسقاط نظام حَرَمه من حقه فى العمل دون وساطة أو محسوبية، وأصدقاء رافقوه طوال حياته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بين أيديهم.
22 سنة عاشها «إسلام»، لم يفكر خلالها فى السياسة إلا من متابعة بعض المواقع الإلكترونية، وتخرج فى كلية الآداب قسم الحضارة الأوروبية، ليجد نفسه بلا عمل ولا إمكانيات تساعده على الوفاء بوعده لخطيبته: «هنتجوّز مجرد ما اشتغل وأكون نفسى». مرّت شهور على تخرجه ولم يخطُ خطوة واحدة فى طريق الوصول لحلمه بالزواج من حبيبته، طرق كل الأبواب بحثاً عن عمل، إلى أن حالفه الحظ واتصلت به إحدى شركات السياحة، سرعان ما ذهب إلى أسرة الخطيبة ليخبرهم «أن نصر الله قريب»، وفى لحظات تحول حلمه إلى سراب، فهناك من تقدم لتلك الوظيفة ودفع مبلغاً كبيراً للحصول عليها، ونالها رغم أنف الجميع.
وهنا بدأ التركيز فى حقوقه كمواطن مصرى لم يحصل على فرص متكافئة مع غيره، غابت ضحكته أياماً، حتى سمع بمظاهرات 25 يناير، وقتها تحولت ملامح وجهه، فإذا به يرسم ابتسامة لم تفارقه، يحكى عنها أصدقاؤه، وهم فى طريقهم إلى الميدان سألوه: «بتضحك أوى ومبسوط ليه»، فرد عليهم والشمس تخترق أسنانه اللامعة بابتسامة عريضة: «احنا هناخد حقنا، أخيراً هنقول لا للظلم، أو نموت ونبقى فداء للعدل».
نال «إسلام» نصيبه من الرصاص المطاطى يوم 25 يناير، وسالت الدماء لتروى أشجار مجمع التحرير، فظن أصدقاؤه أن دوره انتهى عند هذا الحد، أصيب وعليه الراحة، ولكنه رأى راحته فيما هو أبعد من البقاء بمنزله، ملاذه فى الشهادة جعله يترك آلام قدمه جانباً ويستند إلى رفقاء دربه وينضم إلى متظاهرى «التحرير» فى جمعة الغضب، ولكن الوصول من مسكنه بـ«الخانكة» إلى «الميدان» كان أصعب هذه المرة، فبعد أن تشبعت رئتاه بالقنابل المسيلة للدموع التى اخترقت منافذ مترو الأنفاق، واصل خطواته وظل يهتف بإسقاط النظام، وبحلول الليل ذهب إلى أقرب هاتف أرضى ليودع والدته وخطيبته، وما إن عاد إلى صفوف المتظاهرين، حتى تلقى 5 رصاصات ما بين الظهر والرأس ليسقط بين يدى أصدقائه شهيداً بحث عن عدالة الأرض، فنال عدالة السماء.
أخبار متعلقة:
جريمة القرن.. الفاعل «مجهول» والمعلوم «شهداء»
جريمة القرن | رجال القانون: الشرطة لم تقبض على الفاعل الأصلى.. والنيابة لم تثبت وجوده على مسرح الجريمة
جريمة القرن| مصطفى الصاوى.. الميلاد والموت فى يوم واحد
جريمة القرن | محمود الخضيرى: النائب العام برىء من ضعف الأدلة.. ولا عذر للمحكمة
جريمة القرن |شاهد الإثبات العاشر اللواء حسن عبد الحميد: حضرت اجتماع «فض المظاهرات بالقوة» والمحكمة استبعدت شهادتى
جريمة القرن | قضاة: كيف يدان محرض ويبرَّأ فاعل أصلى؟!
جريمة القرن | أحمد إيهاب.. دماء عريس الثورة تسيل على كوبرى قصر النيل
جريمة القرن | أحمد بسيونى.. علَّم طفله الهتاف للحرية فأصابه «القناصة» فى رأسه
جريمة القرن | «سرى للغاية».. صفحات من دفتر أوامر «الداخلية» بين يومى 24 و28 يناير
جريمة القرن | شاهد الإثبات الثامن: مساعدو «العادلى» أصحاب قرار مواجهة الثوار بالقوة
جريمة القرن| نصر الله: شهادة العيسوى متناقضة.. ووجدى حاول حماية العادلى ومساعديه
جريمة القرن | الشهيد محمد على عيد.. الطلقة تسبق هتاف الحرية
جريمة القرن | كريم بنونة.. وزع «خبز الثورة» على المتظاهرين ورحل وهو يهتف: «سلمية سلمية»
جريمة القرن | المحظورات والخطايا فى محاكمة القرن
جريمة القرن | محمود قطب.. الشهيد ينتصر بعد معركة الأشهر الستة
جريمة القرن | نبيل سالم: شهادة المشير طنطاوي غير حاسمة .. ورفض المحكمة توجيه الأسئلة له لا يخالف القانون
جريمة القرن | المستشار زكريا شلش: «عبارة بالخطأ» فى شهادة سليمان أثبتت إدانة مبارك والعادلى
جريمة القرن | اللواء «الهلالى»: الحكم غامض.. والمحرض والفاعل شريكان فى الجريمة
جريمة القرن | الشهيد «المجهول».. رأى جنته فأغمض عينيه وابتسم