من «الشهبانو» إلى «الحسين بن طلال».. ميدان «تريومف» يتحدى الحكومة
قلب خافق، لا يتوقف فيه النبض على مدار ساعات الليل والنهار، بنايات متراصة بإحكام تقبع على جنباته، تتكامل مع بعضها البعض لإظهار الشكل الدائرى للميدان، بين ثنياتها تتدفق السيارات بأنواعها الفارهة وألوانها الزاهية فى الشوارع المتفرعة من ميدان تريومف كشرايين يملؤها المارة بسياراتهم، إذا توقفت سيارة تصيب الشارع بالشلل، ليعود التدفق إلى طبيعته من جديد بإزالة العائق، بعدها تنساب السيارات من وإلى الميدان عبر هذه الشرايين حسب اتجاهاتها المختلفة التى تنظمها إشارات الميدان المصفوفة على طرقاته، وعلى خط سكة حديد، يأتى مترو مصر الجديدة برتابته المعهودة شاقاً الميدان إلى شطرين لدقائق معدودة، متمكناً من العبور، ليعيد الميدان مرة ثانية كتلة واحدة.
تحت سفح إحدى العمارات العريقة القابعة على ناصية شارع النزهة، يقف أحمد حسن ذو الـ60 عاماً بجلبابه البلدى، خلف عربه كارو يتناثر عليها كميات ليست كثيرة من قرون الفول الأخضر «الحراتى»، صاحب الجلباب البلدى هو البائع الجائل الوحيد فى الميدان، يعبر عن حبه للميدان الذى يعتبره بيته الأول، قائلاً: «بقعد هنا أكتر ما بقعد فى بيتى»، حيث يبدأ مواعيد عمله فى الحادية عشرة صباحاً، وتمتد إلى الواحدة صباحاً على حد قوله، يرى أن هدوء الميدان، أهم ما يميز المكان، معتبراً أن المشكلة التى يعانى منها الميدان «المظاهرات اللى بتعدى من الميدان فى الفترة الأخيرة»، التى وصفها بأنها «تقطع أكل عيشه»، مضيفاً أن الهدوء الذى كان يميز الميدان قبل الثورة، لم يعد موجوداً الآن، وينعكس ذلك على وجوده بالميدان.
«تريومف» يأبى أن يتزحزح عن الميدان، ذلك الاسم الذى أُطلق عليه بعد تغيير اسمه الذى كان يطلق عليه «الشهبانو» وهو لقب زوجة شاه إيران، إلى ميدان «الملك حسين بن طلال» قبل الثورة ووضعت فيه بعض الأعمدة الرومانية الأردنية وأعيد تجميله بمعرفة السفارة الأردنية، إلا أن قاطنى مصر الجديدة وروادها لا يعترفون بهذه الأسماء الجديدة ويطلقون عليه ميدان تريومف.
وهو ما عبر عنه البائع المتجول الوحيد بالميدان بدهشة قائلاً: «الميدان اسمه «تريومف» وكل سكان المنطقة عارفين كده، ولم أسمع اسماً آخر يطلق على الميدان اللى بقف كل يوم فيه غير كده»، وعن سكان الميدان، يصفهم عم أحمد بأهل الكرم، حيث يقومون بالشراء منه دون فصال، وأحياناً ما يقومون بالشراء منه، كنوع من المساعدة له فى تربية أبنائه الأربعة. لا يهتم «حسن» فى كثير أو قليل بمن يجلس على كرسى الحكم فى مصر، فعلى حد تعبيره قائلاً: «أنا باهتم بأكل عيشى وبس».
أخبار متعلقة:
«مصر» التى كانت «جديدة»
عمارات الحي الهادئ "علي كل لون"..هندي ومغربي وأوروبي
بيت «جمال عبدالناصر»في منشية البكري.. حلم المتحف الذى لم يكتمل
الكوربة.. واحة على الطراز البلجيكى
مترو مصر الجديدة.. «زقزوقة» لأصحاب المزاج وطلبة المدارس
الثورة فى زيارة خاصة لـ«مصر الجديدة» والفضل لـ«مرسى»
"اللي بني الحي كان في الأصل بارون"
فى رسالة ماجستير عن «الضاحية البعيدة»: سكانها يركبون العجل ويتنزهون فى «جروبى» و«أمفتريون»
حديقة «الميرلاند» التى تحولت لأطلال تحتضن العشاق