«سوق قطع غيار السيارات».. من هنا يبدأ حلم «عبد الغفور البرعى»
شارع بولاق الجديد، الشارع المواجه لمسجد السلطان أبوالعلا، بمنطقة بولاق أبوالعلا، فى قلب القاهرة، عند مدخل الشارع يفترش العشرات من الباعة الأرض على الصفيين ليعرضوا بضائعهم من الملابس الجاهزة، فى الفتحة الأولى على يسار الشارع يظهر ممر ضيق، داخله العديد من المحلات على الجانبين، يوجد على الأرض قطع غيار للسيارات، حركة العمال فى كل مكان، ينقلون البضائع من مكان إلى آخر، هنا فى منطقة وكالة البلح، تنشط التجارة الرائجة لبيع قطع غيار السيارات.
داخل محل صغير تجد الحاج سيد عبدالحليم الرجل ذا البشرة القمحاوية والشعر الأبيض، مرتدياً نظارة طبية يجلس على كرسى خشبى، والشيشة فى يده، يخرج كلمات من على لسانه يتذكر بها تاريخه مع المكان «يااااه أنا بقالى هنا كتير أوى، 64 سنة كدة، وعيلتى هنا من أكثر من 150 سنة».
«أنا ورثت المهنة دى عن أبويا وجدى، وإخواتى كمان زيى كده»، يروى حكايته مع «وكالة البلح» وبيع قطع غيار السيارات، أنه ورث هذه المهنة عن أبيه وجده، وأنه من أهل بولاق أبوالعلا، وجذور عائلته جميعاً تعيش فى بولاق، حتى إنه يقول إن لعائلته منزلاً يرجع عمره إلى 150 عاماً مضت.
يحكى عن حال «وكالة البلح»، الذى تدهور كثيراً خلال السنوات الماضية، خاصة عقب قيام الثورة، فتراجع الجنيه أمام الدولار، تسبب فى توقف الاستيراد من الخارج، يقول الحاج سيد «إحنا شغلنا كله فى الاستيراد، دلوقتى مابقناش عارفين نستورد خالص، بسبب ارتفاع سعر الدولار، والحال بقى سيئ».
يعتمد فى عمله على الاستيراد، نتيجة أنه لا يوجد فى مصر صناعة محلية للسيارت، فجميع البضاعة التى يعمل فيها تكون استيراداً من الخارج، مثل ألمانيا وفرنسا، كأحد البلاد المشهورة بصناعة السيارات.
على خطى الحاج سيد سار ابنه «حازم»، بالرغم من دراسته للحقوق، إلا أنه لم يترك أباه، ظل يعيش فى جلبابه، يروى الشاب الثلاثينى الذى أكمل تعليمه الجامعى، ولكنه طوال عمره يعمل مع أبيه فى الوكالة، حتى عندما حصل على ليسانس الحقوق، لم يعمل محامياً، ولكن ظل فى التجارة مع أبيه، فيقول حازم «دى مهنة أبويا وجدى، وطول عمرى شغال هنا معاه».
حلم «عبدالغفور البرعى» بائع الخردة السريح الذى يتحول فى خلال أعوام قليلة إلى واحد من أكبر تجار قطع الغيار فى وكالة البلح، والذى جسده الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس فى رواية منحها اسم «لن أعيش فى جلباب أبى» -تحولت فيما بعد لعمل درامى- يقول عنه الحاج سيد «مسلسل لن أعيش فى جلباب أبى ده تمثيل، وكالة البلح مالهاش علاقة بالخردة، هو ده كلام يا عم».
هناك نماذج صعدت مثل عبدالغفور البرعى، وتحولت من عمال فى محلات إلى أصحاب محلات وتجارة خاصة بهم، يقول حازم «إحنا كان معانا هنا ناس بتشتغل معانا، ربنا فتح عليها ودلوقتى عندها محلات بتاعتها».
يتحدث الحاج سيد عن الشارع، الذى لم يفرغ دقائق من تكدس الناس فيه، وكان هناك حركة بيع وشراء لا تنتهى على مدار اليوم، وكان الحال أفضل من ذلك بكثير، قائلاً «هى فين وكالة البلح النهاردة، شايف الشارع عامل إزاى، الشارع ده كان عامل زى البقالين، مش بيخلص من الناس. كنت كل 5 دقايق تبيع بضاعة، دلوقتى بتبيع البضاعة بأقل من سعرها علشان الحال يمشى».
هذا هو حال «وكالة البلح»، حلم عبدالغفور البرعى، الذى تحول إلى كساد فى التجارة، لا يستطيع أصحابها الوقوف أمام الصعود الكاسح للدولار، ولا أمام الوضع الاقتصادى المتردى، كل منهم يحاول الحفاظ عن لقمة العيش، حتى ولو كان بخسارة قريبة، أفضل من مكسب لم يأتِ بعد.
أخبار متعلقة:
بولاق «السلطان» أبوالعلا
«ماسبيرو».. من هنا انطلقت الثورة ..وتوابعها
"من بره هالله هالله": المبانى الراقية.. حزام يخنق أهالى بولاق
كوبرى أبوالعلا .. "تفكيك" بعد 80 سنة "خدمة"
عشوائيات وأنقاض ومبان متهالكة وحكومة لا تتحرك أبداً .. المنطقة كلها آيلة للسقوط
سينما الحى الشعبى.. 3 أفلام فى بروجرام واحد.. و20 مشاهداً فى حفلة بعد الظهر
سيدى أحمد أبوالعلا .. سلطان المتصوفين وحامى حمى بولاق
«إسطبل الملك» .."متحف للمركبات الملكية" بـ"فرمان الخديو"
للفقير في مصر رب يحميه.. ووكالة البلح تكسيه
مثلث "ماسبيرو" :النيل أمامكم ..والأبراج خلفكم.. والسكان تحت أقدامكم