من جديد خرج علينا أراجوز «المظاهرات الفئوية» ليقدم لنا عرضاً من عروضه التى «طفحناها» عبر الأشهر الماضية. أكيد تفتكر صوت هذا «الأراجوز» الذى خرج علينا بعد النجاح فى الإطاحة بالطاغية وخلعه من الحكم فى فبراير 2011، حين أخذ يغنى لنا أغنية «يا صاحب المطالب الفئوية بزيادة وبكفاياك.. خلعت ريسك ارجع تانى حط وشك مكان قفاك»، فما أكثر ما شنفنا المسئولون خلال المرحلة الانتقالية الأولى -حتى انتخاب الرئيس- بموال الصبر، وضرورة التوقف عن المظاهرات التى تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، لأنها سوف تزيد الطين «بلولة»، بسبب توقف عجلة الإنتاج وضرب السياحة و«خرشمة» البورصة و«شلضمة» الاستثمارات الخارجية!.
عاد «الأراجوز» يغنى من جديد ذات الأغنية مع مشرق المرحلة الانتقالية الثانية التى بدأت بانتخاب الدكتور مرسى رئيساً للجمهورية، فـ«ليه وليه» إن بعض الفئات خرجت تطالب بزيادة المرتبات أو الحصول على سكن أو رصف طرق أو توفير فرص عمل وخلافه؟
كلام «الأرجزة» أصبح غير مقنع للشعب الذى يعلم أن نية المسئولين لا تتعدى محاولة تنويمه لكى ينسى أنه جوعان، تماماً مثلما تفعل الأم الفقيرة التى تهدهد ابنها الجائع وتقول له «نام يا حبيبى نام.. وأدبحلك جوزين حمام» حتى يغلبه النعاس ليحلم الجوعان الغلبان بـ«سوق العيش». فالمسئولون المطالبون بالإقلاع عن المطالب الفئوية دون أن يحددوا فترة زمنية واضحة لحل هذه المشكلات لا يختلفون عن هذه الأم التى لا تحدد لابنها موعداً لحل مشكلة جوعه. ثم كيف يصبر المواطن على المسئولين وهو يراهم يهرولون لحل المشكلات الفئوية التى يتوقع أن يعانى منها رئيس الجمهورية، فقد سارعوا إلى رصف الشوارع المحيطة بـ «داره»، وزودوا المنطقة الكائن بها بمولد كهربائى جديد، وجددوا مواسير مياه الشرب لحل مشكلة انقطاع المياه، ويا بخت مين كان الرئيس جاره، بشرط ألا يكون من سكان «العشوائيات»!
فى ظل عدم تحديد موعد لحل المشكلات الفئوية للمواطن وقيام «الجنى أبوعين إزاز» بحل مشاكل القيادة كيف للمواطن أن يبتلع كلام «الأراجوز» حول ضرورة الصبر والانتظار وأن الله تعالى خلق الدنيا فى ستة أيام، وكان بمقدوره أن يخلقها فى لحظة، إلا أنه أراد أن يعلمنا الصبر؟ لقد طلبت الداخلية من الرئيس إطلاق يدها لتأديب من يحاصرون قصره بالمطالب الفئوية، انطلاقاً من القول العربى المأثور «العبد يقرع بالعصا.. والحر تكفيه الإشارة» ومن المؤكد أن الرئيس سوف يرفض معاملة شعبه بهذه الطريقة. والأفضل من ذلك أن يقوم أى «كورال» موسيقى بتسجيل أنشودة تبث للشعب المصرى كل ليلة عبر وسائل الإعلام عشان يسكت و«يتخمد».. تقول كلماتها: «نامى جياع الشعب نامى.. حرستك آلهة الطعام»!