«القابوطى».. «غرز» المخدرات حول السور.. والطلبة والمدرسون يتعرضون للبلطجة
أكوام القمامة أمام مدارس «القابوطى»
تلال متراكمة من القمامة، وصرف صحى يتسرب بين البنايات ليحاصر الأسوار، وحيوانات بعضها نافق وبعضها حى، «غرز» لتجارة المخدرات بجانب الأبواب، وأسوار قصيرة متهالكة يتخطاها الطلاب من الفصول للهروب نحو الخارج على مرأى من الجميع، ودورات مياه غير آدمية، هذه هى الحالة التى عليها مدارس حى القابوطى، جنوب غرب محافظة بورسعيد، تعانى من الإهمال والتردى وتبحث عن من ينقذها هى وطلابها من الضياع. يعيش أهالى منطقة القابوطى داخل عشش وأكواخ تحاصرها مياه الصرف الصحى والقمامة من كل جانب، وما يزيد الطين بلة أن أولادهم يتلقون تعليماً فى مدارس لا يختلف حالها عن الحال الذى يعيشون فيه، فالأماكن غير آدمية ورغم الكثير من وعود المسئولين بتطوير المنطقة بأكملها إلا أن التحركات بطيئة وغير مجدية.. «الوطن» فى الحى لرصد الأوضاع المتردية التى تعانى منها مدارس المنطقة.
«لبنى»: لا يوجد أخصائى اجتماعى بالمدرسة لتوعية الطلاب
المشهد العام عبارة عن لوحة عبثية رسمها الإهمال.. مياه متدفقة من بالوعات الصرف الصحى تحاصر الأسوار من كل جانب، وطالب بزيه الأزرق يعتلى سور المدرسة ويقفز نحو الشارع وسط بركة من مياه الصرف، وإلى جانبه لوحة مكتوب عليها مدرسة الشهيد عاطف السادات الابتدائية بحى الضواحى ببورسعيد.
«والله عيب لما يسيبوا مدرسة بيتعلم فيها عيال صغيرة على الوضع ده، يرضى مين ده يا رب!» هكذا بدأ محمد فرج أحد الأهالى حديثه بلهجة صعيدية متوجهاً بالدعاء إلى الله على كل المسئولين المقصرين فى حق المنطقة التى تعانى من إهمال وفقر مدقع.
محمد أبوالخير، يتحرك مسرعاً كى يصل لمدرسة نجله الصغير قبل بدء الانصراف، يضع منديلاً على أنفه ليقى نفسه شر الرائحة الكريهة المنبعثة من مياه الصرف الصحى الراكدة أمام بوابة المدرسة، وبادرنا بالقول: «تخيل دى الريحة إلى إحنا بنشمها وإحنا يادوب معديين فى الشارع، أُمال الطفل الصغير إلى جوه المدرسة يعمل إيه؟».
«فرج»: «والله عيب لما يسيبوا مدرسة على الوضع ده».. و«أبوأحمد»: «حى الضواحى فى غيبوبة ومفيش تفتيش.. والفصول فاضية»
وتقول فاطمة عيد إن أبناءها فى مدرسة عاطف السادات الابتدائية يتعرضون لمخاطر الإصابة والكسور بسبب الطريق غير الممهد أمام المدرسة الملىء بالطين، خاصة فى الشتاء، وانتشار القمامة التى تصيبهم بالأمراض.
«سعيد أبوأحمد» يقف أمام محله المواجه لسور المدرسة، ويقول «الحى غير مهتم بالمنطقة كلها وليس المدرسة فحسب، حى الضواحى مش مهتم بالناس الغلابة ولا عنده فكرة عنهم»، يقطع الحديث مشهد متكرر اعتاد عليه بشكل يومى لطالب يقفز من فوق السور، ويتابع: «ده كل يوم بيحصل من الساعة 9 صباحاً ويبدأوا يهربوا من المدرسة، وعلى الساعة 10 أو 11 بالكتير تلاقى الفصول بقت فاضية».
يتحرك «أبوأحمد» نحو سور المدرسة وتظهر النوافذ وخلفها المقاعد وقد فرغت من التلاميذ: «ده منظر المدرسة كل يوم ومابيختلفش إلا لو فى لجنة ولا تفتيش.. فصول فاضية ومجارى وزبالة وبلا أزرق»، يخرج الرجل هاتفه من جيبه ليطلعنا على فيديو صوره بنفسه لعشرات الطلاب وهم يعبرون من فوق السور.
تلتقط منه لبنى على صديق، ربة منزل، طرف الحديث، قائلة إن لديها أطفالاً يتعلمون فى المدرسة التى تعانى من الفوضى فى التعليم، فالمدرسون متغيبون باستمرار ولا يوجد أخصائى اجتماعى أو نفسى لتوعية الأطفال.
بضعة أمتار وتظهر لافتة مدرسة القابوطى الإعدادية، فهى لا تبعد كثيراً ولا يختلف حالها عن حال مدرسة عاطف السادات.. القمامة فى كل مكان، الطلاب يسرعون للهروب من فوق السور، وأولياء الأمور لا حول لهم ولا قوة.
أحمد عشرى بلحيته الكثة وملابسه الرثة، يقول إن سلالم المدرسة مكسرة، ولا تصلح لمدرسة آدمية «يتعلم فيها أولادنا»، ويستطرد: «الطلاب نفسهم بيكسروا الشبابيك والتخت والأبواب ويرموها من فوق سور المدرسة».
ويتابع «عشرى» أن هذه ليست الأزمة الوحيدة، فهناك حالات تحرش من جانب البلطجية المنتشرين بالمنطقة بالطلاب لسرقتهم، كما أنهم يتعدون على المدرسين ويسرقون مستلزمات المدرسة، ولا أحد يستطيع أن يتعرض لهم.
فى نهاية سور المدرسة يظهر مقهى صغير «غرزة» يتخذ من عشة مسقوفة بالأخشاب مقراً له، ويقول أولياء أمور رفضوا ذكر اسمائهم خوفاً من أصحاب المقهى، إن هذه العشة القريبة من الباب الرئيسى للمدرسة يتم داخلها تناول المخدرات، ما يدفع بعض الطلاب للجلوس فى هذه المقاهى، ومشاركة المتعاطين شرب المخدرات.