«شوقى»: «عشنا فى المكان وهو صحرا وخضرناها بإيدينا وما بقناش نحتاج حاجة من بره نشتريها»
شوقى
بابتسامة عريضة تعلو وجهه الأبيض، يحمل على كتفه جوالاً من الفلفل الأخضر، إنتاج ما زرعه «شوقى» فى أرضه التى يمتلكها بقرية الأمل، فبلكنته الريفية ينادى على أصدقائه لجمع محصوله فرحاً: «تعالوا اجمعوا معايا الفلفل والخيار من الأرض، دى البطاطس طالعة من الأرض قشطة»، خلف تلك الابتسامة واللكنة، شاب ثلاثينى قدم من المنصورة قبل عامين إلى قرية الأمل بالقنطرة شرق التابعة لمحافظة الإسماعيلية، بعد حصوله على منزل و5 أفدنة داخل القرية المخصصة لشباب الخريجين وصغار المزارعين، ضمن مشروع استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان: «إحنا أخدنا الأرض صحرا، وعشنا فى القرية وهى كانت جبال من الرمل، كل اللى كان موجود فيها البيوت وعلى الطوب الأحمر لسه، تسلمنا الأفدنة بعد تجريف الأرض وتسويتها وبدأنا نزرع فيها، وكل أهل القرية هنا بنتعامل على إننا واحد وأرضنا واحدة، وبقينا نزرع كل حاجة ومانحتجش نشترى أى حاجة من بره».
«مش مصدق لحد دلوقتى إن ربنا كرمنى ببيت أعيش فيه وكمان 5 فدادين يبقوا ملكى أزرع فيهم»
يمر الوقت عليه ولا يشعر به، وفى بعض الأحيان ينسى «شوقى محمد» حياته ولا يعلم بالوقت الذى فات داخل أرضه، التى اعتاد النزول إليها منذ الصباح الباكر وحتى آخر خيط للشمس: «بصراحة مش مصدق لحد دلوقتى إن ربنا كرمنى ببيت أعيش فيه وكمان 5 فدادين يبقوا ملكى أزرع فيهم اللى أنا عايزه، هنا محدش بيتحكم فينا ولا فى اللى بنزرعه، ولا بيشاركونا اللى بنكسبه، بقينا عايشين فى مكان نضيف وزرعنا حوالينا وبنكسب منه كويس الحمد لله».
عانى كثيراً «شوقى»، الذى تخرج فى كلية الزراعة بجامعة المنصورة، من البحث عن فرصة عمل، لكن تبدل حاله للأفضل بعد أن قرر المشاركة بتقديم الأوراق المطلوبة فى مشروع المليون ونصف المليون فدان، أملاً فى الحصول على منزل خاص لأسرته المكونة من 4 أفراد، زوجة و3 أبناء: «الحمد لله ربنا كرمنى وجالى الموافقة، دفعت مقدم بسيط وسديته ووقف عليا البيت والـ5 فدادين بـ275 ألف جنيه، والحمد لله أحسن من غيرى ومستورة، باطلع من الصبح فى الأرض أزرع، وآخر النهار أروّح البيت لعيالى، وزرعت فى أرضى البطاطس والخيار والفلفل وشجر مانجة وبابيع محصولى بمعرفتى وبقيت أكسب كويس وحالنا أحسن من غيرنا، وباب الأمل اتفتح لينا من بعد ما جينا قرية الأمل».
قبعة زرقاء اللون، ميزت «شوقى» بين سكان قرية الأمل، يطلقون عليه لقب «أبوضحكة جنان»، نظراً لابتسامته التى لا تفارق وجهه، فيرد ضاحكاً: «الناس الحمد لله هنا بتحبنى، وأنا طول عمرى عايش على ابتسامتى مهما بامُر بظروف صعبة وربنا بيكرمنى، والناس هنا كلها بتحب بعض، وشايفين إننا فى مكان كويس وأفضل من اللى كنا بنحلم بيه كشباب، بقى عندنا بيت وشغل وعايشين فى مكان نضيف وهواه حلو وعيالنا بيتعلموا فى مدارس نضيفة»، ضحكاته العالية يسمعها كل من حوله، يضحك «شوقى» ويلقى النكات على جيرانه، مهمته إسعاد من حوله: «محدش واخد منها حاجة».
يحلم «شوقى» بأن لا تتوقف أيادى الشباب عن العمل، بحسب قوله: «لحد ما تيجى فرصة حلوة زى اللى جات لينا، وفكرة إن اللى يتخرج يقدم فى مشروع المليون ونص المليون فدان دى حاجة حلوة جداً، حتى لو معهوش فلوس لتمن البيت فيه تسهيلات كتير وربنا بيقدر، المهم مانسكتش ونفضل قاعدين نستنى الشغل يجيلنا، أو نخاف إننا نروح مكان جديد إحنا اللى نعمره، لأننا لازم نتحرك عشان نلاقى الفرصة».