ردًا على السلفيين.. كيف احتفل المصريون بشم النسيم في الدولة الإسلامية؟
صورة أرشيفية
تنطلق احتفالات المصريين بعيد "شم النسيم"، وسط استعدادات مكثفة من أجهزة الدولة المختلفة، استمرارًا للموروث الثقافي والاجتماعي الذي ورثه المصريون عن الدولة الفرعونية مرورًا بعهود الدولة الإسلامية، وسط تحريم الدعوة السلفية الاحتفالات، رغم إباحة دار الإفتاء المصرية وقيادات الأزهر الاحتفال به.
فتاوى كثيرة تطلقها القيادات السلفية لتحريم المسلمين، المشاركة في بعض الاحتفالات والمناسبات المختلفة، سواء احتفالات يوم اليتيم أو شم النسيم وغيرها، وكانت أبرزها فتوى ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، حين قال فيها: "شم النسيم عيد موروث عن الفراعنة، ولا يجوز للمسلمين اتخاذه عيدًا، ولاسيما أنه يعقب يوم عيد النصارى، المسمى بعيد القيامة"، إضافة إلى فتوى أبوإسحاق الحويني، القيادي السلفي، التي جاءت "شم النسيم من الأعياد الوثنية البدعية، ويجب تحذير الناس من الابتداع في دين الله".
يعد العصر الفاطمي من أكثر العصور التي شهدت احتفالات شم النسيم، حسب حديث الباحث سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، وتحولت الأعياد والمناسبات القبطية إلى مناسبات قومية، يشارك فيها جميع الطوائف المختلفة، سواء المسلمين أو الأقباط.
احتفالات شم النسيم عند الفاطميين اختلفت كثيرًا عن ما نشهده الآن، وفقًا لـ"الزهار" خلال حديثه لـ"الوطن"، حيت كان المسؤول عن الاحتفالات القصر السلطاني الذي ينظم تلك الأعياد بأمر من السلطان، ويشارك المسلمين والأقباط في مسيرات تجوب شوارع القاهرة الفاطمية وصولا بكورنيش النيل، يكون في مقدمتها "الخليفة" بنفسه، أو مندوبين عنه.
شراب "الليمون"، هو أبرز المشروبات والعصائر الي كانت توزع على المحتفلين بـ"شم النسيم"، حسبما ذكر الباحث سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية، موضحًا أن القصر السلطاني يكلف أحد مساعدي الأمراء بتولي مهمة توزيع المشروبات على المشاركين في الاحتفالات.
لا يوجد دليل واضح عن أهم الأكلات التي تناولها الفاطميين أثناء احتفالتهم بـ"شم النسيم"، وفقًا لـ"الزهار"، ولكن يتوقع المؤرخون أنهم تناولوا الأكلات التي يتناولها المصريون الآن وتناولها قبلهم الفراعنة، لأن إذا لم يتناولها فكانت قد انقطعت ولم تصلنا الآن.
اختلفت احتفالات "شم النسيم" خلال العصر الأيوبي عن العصر الفاطمي، حسبما أوضح الباحث سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية، حيث شهدت تراجعًا كبيرًا نتيجة خوض الأيوبين عددًا من المعارك المؤثرة على المشاكل الاقتصادية، حيث أن موارد الدولة كانت جميعها لصالح التسليح.
وتحولت الاحتفالات من "قومية" رسمية إلى شعبية في العصر الأيوبي، حسب قول "الزهار"، حيث كانت الاحتفالات عبارة تجمع المصريين على كورنيش النيل واستقلال المراكب النيلية وتبادل التهاني مع تناول الفسيخ والأسماك المملحة وغيرها من الأكلات التي ظهرت منذ الفراعنة.
عصور المماليك والعثمانيين والعصر الحديث "مصر الخدوية"، كان الاحتفال في هذه العصور متشابًا كثيرًا، حسبما ذكر الباحث سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية، حيث كانت عبارة عن احتفالات رسمية تمتزح بالاحتفالات الشعبية، للحفاظ على الموروث الثقافي والاجتماعي الذين ورثوه عن مصر الفرعونية.
الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي، اتفق مع سابقه بشأن الاحتفالات بـ"شم النسيم" في العصر الفاطمي، مؤكدًا أن عيد شم النسيم عند الفاطميين كان يسمى بعيد "النوروز"، أي عيد الربيع، لافتًا إلى أن التسمية يتم اتخاذها من "الفرس" رغم أن العيد يرجع أساسًا إلى مصر الفرعونية.
ولا توجد مصادر تاريخية تذكر شكل احتفالات "شم النسيم" في عهد عمرو بن العاص، إلا أن "فؤاد" أوضح خلال حديثه لـ"الوطن"، أن الاحتفالات كانت عبارة عن تجمع أهل البلد للاحتفال مع بعضهم البعض وتناول الأكلات المعروفة في احتفال "شم النسيم".