شيماء عادل تكتب: أن تكون.. مدرسة
شيماء عادل
قبل ست سنوات كنت فى مستشفى الهلال أتلقى علاجاً لقدمى المصابة بتمزق فى الأربطة نتيجة إصابة عمل أثناء تغطية الحرب السورية لجريدة «المصرى اليوم» عندما هاتفنى الصديق أسامة خالد يسألنى عن رأيى فى الانضمام إلى جريدة «الوطن»، ورغم أن القرار كان صعباً بترك جريدة بحجم «المصرى اليوم» والانضمام إلى جريدة لا يعلم أحد مصيرها، فإن الرد جاء بالموافقة، فكان اللقاء مع الأستاذ مجدى الجلاد الذى استقبلنى فى مكتبه بابتسامته المعهودة طالباً منى الانضمام للجريدة على أن يكون هو رئيسى المباشر فى العمل وأكون أنا فى المقابل مراسلاً حربياً أهتم بتغطية ما يدور حولنا فى العالم من حروب وثورات ونزاعات مسلحة.
فى «الوطن» كان كل شىء متاحاً للأفكار غير التقليدية والجريئة، الأبواب كانت مفتوحة على مصراعيها لكل ما هو جديد، فكان متاحاً لى السفر إلى سوريا لاستعراض ما يدور داخل حلب الجريحة 2012، وكانت هناك ليبيا ولقاءات حصرية مع رئيس حكومة طرابلس وضلع من أضلاع فجر ليبيا 2015، وفى غزة كان لنا لقاء مع إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطينى فى قطاع غزة ووزير داخليته فتحى حماد بعد توجيه إشارة الاتهام إليهما فى ذبح الجنود المصريين فى سيناء فترة حكم الإخوان، وانفردنا بعقود المنطقة الحرة بين مصر وغزة ونقلتها عنا جميع وسائل الإعلام المصرية، وتحقيق متكامل عن حركة الأنفاق المقننة من الجانب الفلسطينى.
فى «الوطن» كان لنا وطن من أصدقاء وزملاء يقفون سنداً وعضداً، لا أنسى عندما ذهبت فى مهمة إلى السودان لتغطية احتجاجات السودانيين ضد حكومة البشير، وأثناء عملى تم إلقاء القبض علىّ، لا لشىء سوى لأننا نقلنا ما يدور فى الداخل، فكان جزاء العمل هو الاعتقال لمدة 14 يوماً، قابلته مظاهرات واعتصامات شارك فيها الزملاء أكثرهم لا تربطنى بهم صداقة مباشرة، ورغم ذلك كانوا سنداً وحتى اليوم يفاجئنى الكثير منهم بحكايات جديدة عن الاعتصام.
مرت «الوطن» بفترات انتقالية كثيرة كما مر بها الوطن الأم «مصر»، وتركنا المؤسس «مجدى الجلاد» ليبحث عن شغفه فى تجربة جديدة، ويتولى الزمام المُعلم والمعَلم «محمود مسلم»، أجد كلامى مجروحاً فى شهادة ربما يتم وضعها فى إطار «التملق» لكن الحق يجب أن يحق، فربما لا يشعر المُعلم أنه بطريقة غير مباشرة علمنى درساً دون أن يدرى وهو أن المرء لا يمكن أن يكبر على التعلم، ظهر ذلك عندما طلب منى «مسلم» ضم جميع الزملاء الذين سيغطون فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب وأغلبهم من المتدربين فى جروب على «الواتس أب» وقد كان، ليتابع كل صغيرة وكبيرة ويلقى بنصائحه للزملاء الذين يقعون فى أخطاء سواء على مستوى الصياغة أو معالجة الموضوعات، كل هذا أمر عادى، لكن أن يخصص رئيس التحرير وقتاً لكى يقابل متدربة فى مكتبه ويشرح لها كيفية الكتابة الصحيحة وكيف تعمل على تطوير كتابتها، كان أمراً بالنسبة لى غير عادى.
يعلم الكثير من العاملين فى مجالنا الصحفى أن هذا الأمر لم يعد موجوداً، أن يهتم رئيس تحرير مؤسسة صحفية بدعوة متدرب إلى مكتبه لكى يمده بنصائح صحفية، هنا أدركت أن «الوطن» تمشى على الدرب الصحيح، وأن هناك الكثير لكى نتعلمه، وجاءت الإجابة عن سبب ثبات «الوطن» رغم توقعات الكثير لها بالأفول، فـ«الوطن» ستظل وطناً طالما «قوته فى ناسه».