«رأس البر».. مصيف «الصفوة» الذى تحول إلى قِبلة لـ«الغلابة»
شواطئ رأس البر.. وجهة الباحثين عن المتعة والهاربين من ارتفاع أسعار المصايف
«شماسى» متراصة تفصل بينها بضعة أمتار، بعضها مصنوع من القماش، والبعض الآخر من البوص، بجوارها كراسى بلاستيكية وأخرى من القماش، تتوسط كل كرسيين طاولة ليضع عليها الجالس أمتعته وطعامه، أمواج كثيرة تتسابق وراء بعضها البعض، تصطدم بالصخور، الموجودة فى وسط البحر. هكذا بدت ملامح شواطئ رأس البر، حيث جلس المصيفون على الكراسى، بملابس تليق بنزول البحر، واستقر آخرون على رمال الشاطئ، أطفال هنا وهناك، يرتدون العوامات، ويحفرون فى الرمال.
نسمات الهواء تداعب الجالسين على الشاطئ، وتطير ملابسهم، تشعرهم بالنسيم، أصوات الباعة الجائلين تعلو أمام الشواطئ، فمنهم بائعو الحلويات، ومنهم بائعو الملابس، على كل شاطئ، يوجد أكثر من منقذ، يقف على «برج للمراقبة» من الحديد المطلى باللون الأصفر والأزرق، لمراقبة العائمين، معلقاً «صفارة» فى رقبته يستخدمها حين دخول أحد العائمين إلى مكان «الغريق»، كما يطلقون عليه. «شورت وتى شيرت ونظارة شمس»، ارتداها عبدالرحمن رجب، 50 عاماً، محامٍ، أثناء سيره على أحد الشواطئ الموجودة برأس البر، إذ إنه من سكان المدينة: «من زمان وأنا موجود فى رأس البر، لأن أجدادى كانوا عايشين هنا»، قالها «رجب» فى بداية حديثه عن علاقته بالمدينة، وأشار إلى أنه لم يستقر فى رأس البر طوال الوقت، بل إنه يقضى بها فترة الصيف، وفى الأغلب يكون مسافراً بالخارج، أو مقيماً فى دمياط نفسها: «مش ببقى موجود دايماً فى رأس البر، لأن طبيعة شغلى بتخلينى دايماً أتحرك من مكان لمكان».
«رجب»: 85% من المصيفين من خارج دمياط ونعانى بسبب الباعة الجائلين.. و«أحمد»: «كل يوم جمعة آخد مراتى وعيالى ونقضى اليوم كله على الشاطئ»
يرى «رجب» أن رأس البر اختلفت حالياً كثيراً عن قديم الزمن، وذلك من حيث عدة أشياء، من بينها سلوك المواطنين، وطراز المبانى، الذى شهد طفرة معمارية كبيرة، وذلك على حد قوله: «زمان رأس البر كانت أرقى بكتير عن دلوقتى، والمبانى كانت دورين حد أقصى، لكن دلوقتى صرحوا بالدور الثالث».
وبالرغم من ارتفاع أسعار الشواطئ والشقق فى رأس البر، لم يؤثر ذلك على عدد المصيفين المتوافدين إلى المدينة، وذلك حسب كلام «رجب»: «الأسعار هنا بقى مبالغ فيها، ممكن العشة هنا يوصل سعرها لـ15 مليون جنيه، واليوم ممكن يوصل لـ200 جنيه، لكن برضه فيه أعداد كبيرة بتصيف هنا».
«رأس البر معروفة إنها مصيف شعبى، لقربها من محافظات الدقهلية، والغربية، لكنها مش مصيف للغلابة، زمان كانت مصيف للصفوة»، قالها «رجب» عند حديثه عن رأس البر كمصيف أطلق عليه قديماً أنه مصيف «الغلابة». «85% من سكان دمياط مش دمايطة».. قالها «رجب» عند حديثه عن نوعية سكان دمياط، حيث أصبح عدد الغرباء أكثر من أهل المحافظة. وعن المشاكل التى تواجه رأس البر، قال: «المدينة بتعانى من وجود الباعة الجائلين، والشحاتين اللى موجودين على الشواطئ والشوارع، الشحاتة هنا بقت مهنة للتربح، وعربيات حمص الشام، ده كله حصل بعد الثورة». وانتهى «رجب» من كلامه قائلاً: «مفروض يكون فيه وجود أمنى على الشواطئ أكتر من كده، عشان أوقات بيحصل مشادات بين المنقذين والمصيفين».
على أحد الشواطئ، جلس «أحمد» بجوار زوجته وولديه، ليقضى يوم إجازتهم الأسبوعية، إذ اعتاد اصطحاب أسرته يوم الجمعة من كل أسبوع، ليقضوا وقتاً جميلاً على الشاطئ، وسط منظر البحر الخلاب، والهواء الطلق، يقول: «متعودين كل جمعة نجيب الغدا بتاعنا ونييجى نتغدى مع بعض على الشاطئ، وننزل البحر شوية، ونغير من جو البيت والشغل».
«أحمد» ابن دمياط، لديه ولدان، أكبرهما فى الصف الثالث الإعدادى، وأصغرهما فى الصف الخامس الابتدائى: «عيالى بيحبوا يقضوا يوم إجازتهم هنا فى البحر، بننزل بعد صلاة الجمعة ونرجع بعد المغرب، نطلع نتمشى على اللسان ونتعشى بره فى مطعم، وبعدين نروح على الفجر كده».