الأهالى: «التمريض» يتفانى فى خدمة المرضى.. و«إهمال البعض» يشوِّه صورة الجميع
شكاوى كثيرة من المرضى بسبب سوء خدمة ومعاملة التمريض «صورة أرشيفية»
العناية بالمرضى والسهر على راحتهم هى المهمة الأساسية لأفراد طاقم التمريض بأى مستشفى، «الوطن» تجولت بين عدة مستشفيات منها أبوالريش الجامعى التخصصى للأطفال وقصر العينى التعليمى والمطرية التعليمى والمعهد القومى للكلى والمسالك البولية، وسألت المرضى وذويهم عن آرائهم فى تعاملات أطقم التمريض معهم، وفى الوقت الذى أثنى فيه البعض على الخدمة التى يقدمها الممرضون والممرضات للمرضى، اشتكى كثيرون من حالات الإهمال التى واجهوها أثناء تعاملهم معهم داخل المستشفى.
على بعد خطوات من حجرة الرعاية المركزة لقسم المخ والأعصاب بمستشفى قصر العينى توجد مجموعة من الوسائد والبطاطين المتراصة فوق بعضها تجلس عليها صباح أحمد، سيدة فى الخمسينات من عمرها، تتشح بالسواد حزناً على حفيدها «محمد» الذى لم يكمل أربعة أعوام، وقضى 35 يوماً بغرفة العناية المركزة نتيجة إصابته بنزيف فى المخ بعد سقوطه من الطابق الثالث: «حفيدى فى أوضة الرعاية المركزة وأبوه بينام هنا من ساعتها عشان لما يحتاجوا له علاج يجيبه»، وتضيف أن حفيدها خضع لثلاث عمليات جراحية هى عملية وقف النزيف الداخلى وعملية الشق الحنجرى وعملية تركيب صمام، قاطع والد الطفل الحديث قائلاً: «التمريض مالوش لازمة، وبعد العملية نسيوا يغيروا له على الجرح وأنا اللى فكرتهم، وبيسيبوا الدوا جنبه بالأيام من غير ما يدوه له، ومرة ابنى سخن والممرضة ما اتحركتش إلا لما زعقت»، ويكمل بنبرة غاضبة: «ابنى متركب له قسطرة بول والممرضة كانت فكّاها وسايباه يعملها على روحه عشان ماتتعبش نفسها»، لافتاً إلى أنه حاول كثيراً نقل طفله لمستشفى «أبوالريش التخصصى» لكن الطبيب المعالج له وإدارة المستشفى رفضوا تسليمه تقريراً بتحويله.
«عبير»: زوجى فى العناية المركزة والممرضات بيسيبوه يتبول فى ملابسه عشان مايتعبوش نفسهم.. و«سعاد»: التمريض يوفر لنا كل ما نحتاجه لعلاج أمى فى معهد الكبد منذ 6 شهور
تقف «عبير. م»، 60 عاماً، أمام غرفة العناية المركزة لقسم المخ والأعصاب مع ابنتها وحفيدتها وتبكى وهى مرتدية ملابس سوداء متوقعة خبر وفاة زوجها، 66 عاماً، الذى دخل حجرة الرعاية المركزة نتيجة إصابته بجلطات ونزيف فى المخ مرات عديدة: «جوزى هنا بقاله مدة كبيرة وهو بيصارع الموت لأن كل شوية نعمل له عملية عشان النزيف، ده غير الجلطات»، وتضيف أن الممرضات بالمستشفى لا يقُمن بدور فعلى تجاه المرضى، وتستكمل قائلة: «بيسيبوه يعمل حمام على نفسه، بنتى هى اللى بتدخله الحمام وتغير له».
وعلى بعد أمتار منها تجلس هالة نصر، شابة ثلاثينية، بجوار باب حجرة العمليات الجراحية وتلتفت بنظرها للوافدين عليها مرتقبة خروج زوجها سيد فارس، 52 عاماً، الذى دخلها منذ نحو نصف ساعة لتصحيح عملية تركيب شرائح فى قدمه، قام طبيب من المستشفى بإجرائها له خطأ منذ نحو 7 أشهر: «جوزى حصلت له حادثة عربية من 7 شهور وحصل له كسر فى الحوض ورجله اليمين وعمل عمليتين تركيب شرايح فى الحوض وفى رجله وطلع فيه خطأ فى عملية رجله لأنها مالحمتش»، وتضيف: «التمريض محدش بيسأل فى حد، والأسبوع اللى فات كان فيه طفل صغير محجوز فى عنبر 9 عظام وسخونيته ما بتنزلش وكان بيصرخ بصوت عالى والتمريض ما عبرهوش والناس اللى فى العنبر همّا اللى جابوهم بالعافية»، وتتابع: «أنا عندى خبرة قليلة بالتمريض عشان كنت بتابع والدى المريض عشان كده مبقتش أتحايل على ممرضة تيجى وأنا اللى باخد بالى من جوزى»، لافتة إلى أنها كانت تعلق له المحاليل وتعطيه الدواء فى مواعيده، بالإضافة إلى مساعدتها لبعض المرضى الموجودين معه بالعنبر طوال الشهر الذى مكثته مع زوجها بالمستشفى بعد العملية الأولى: «محدش من الممرضات بيمر فى العنبر، ومرة كان جوزى احتاج تركيب جبيرة والممرضات قالوا لى مش تخصصنا، وعامل النظافة هو اللى هيركبها، ولما جه يركبها لقيته بيعملها غلط قمت أخدتها منه وعملتها له أنا».
أمام البوابة الرئيسية للمعهد القومى للكلى والمسالك البولية بشارع الحرية من ميدان المطرية تنزل نادية عبدالحليم، 56 عاماً، ربة منزل، من «التوك توك» مقبلة من شبرا الخيمة مع ابنتها منى، متجهة لبوابة الاستقبال لتحصل على علاجها الشهرى ومتابعة وظائف الكلى لديها، تقول «نادية» إنها تعالَج فى المعهد منذ نحو عام واحتجزت به لمدة أسبوع بعد خضوعها لعملية تركيب دعامات للكلى منذ 7 أشهر، وتشكو الشابة العشرينية من تعامل طاقم التمريض معها: «لما كنت محجوزة تعبت وكنت بتألم جداً وقعدت أنده على التمريض وهما سامعين ومش بيردوا عليّا وفى الآخر قالوا لى لو مسكتيش هنطردك بره انتى وأمك».
أما عيد فهمى، فخرج من باب المعهد ويبدو عليه الإرهاق متكئاً على كتف ابنته «أميرة»، 20 عاماً، وذلك بعد خضوعه لعملية إزالة حصوات من على الكلى: «باتعالج هنا من 3 شهور والتمريض معاملتهم معايا كانت وحشة جداً، أنا تعبت مرة بعد العملية وكنت بتلوّى من الألم وكان معايا ابنى الصغير فضل يجرى ويلف المعهد كله على ممرضة ومالقاش حد ينجدنى»، ويستكمل: «جالى ساعتها نزيف وكنت هموت والممرضة ماعرفتش تسعفنى لحد ما جه الدكتور بعدها بربع ساعة، ده غير إن عدد الممرضين بالمعهد قليل، فبيريحوا دماغهم».
بينما اختلفت معه سعاد عدلى، 35 عاماً، حيث تقول إن والدتها «صفية»، 55 عاماً، تعالَج بالمعهد منذ نحو 6 أشهر حيث تقوم بمتابعة وظائف الكلى التى اكتشفت أنها لا تعمل بكفاءة بعدما أجرت عملية إزالة حصوة من الكلى: «مستشفى تانية حولت والدتى على المعهد وعملوا لها دعامة فى شهر نوفمبر اللى فات، والنهارده أنا جاية أحجز لها كشف»، مضيفة أن أفراد طاقم التمريض يستجيبون لها ويوفرون لها الدواء: «لما محلول الجلوكوز اللى معلقينه لماما بيخلص بنادى على الممرضات وبييجوا يعلقوا لها غيره وبرضه لما بسألهم على مواعيد علاجها بيدوها»، لافتة إلى أن أعداد المرضى بالمعهد كبيرة وبالتالى لا يستطيع أفراد طاقم التمريض مراعاتهم جميعاً: «العيانين كتير قوى والممرضين هيشوفوا مين ولّا مين، لكنهم بيعملوا اللى يقدروا عليه وبيراعوا ربنا، ومش كلهم وحشين».
وعلى بعد خطوات قليلة من المعهد، تقع بوابة الاستقبال والطوارئ لمستشفى المطرية التعليمى التى تجلس أمامها تقية سالم، 40 عاماً، وتحمل طفلتها الرضيعة بين يديها منتظرة خروج زوجها جمال إبراهيم، 53 عاماً، بعد خضوعه لعملية بتر: «جوزى عربية خبطته وهو بيعدى الشارع وعنده كسر فى رجله ووترين اتقطعوا فى إيده فعملنا له عملية من يومين وخارج النهارده»، وبالنسبة للتمريض تقول «تقية» إنهم لا يفعلون أى شىء لزوجها دون توجيه منها فهى عادة تذكرهم بمواعيد الدواء وعندما تفرغ زجاجة المحلول تخبرهم بإحضار أخرى: «الممرضين مش بيعملوا حاجة من نفسهم وأنا لازم أتابع وأحركهم، همّا هيعملوا لمين ولا مين»، لافتة إلى أنها لا ترى أياً من طاقم التمريض سوى مرة واحدة بالنهار فقط ولا تجدهم فى المساء.
«99% من التمريض سيئ ويعاملنا بطريقة ليست جيدة، ولما بسأل عن حاجة تخص والدتى ما بيردوش عليا ولا بيعبرونى، همّا كل شغلتهم يتكلموا فى التليفونات وبس»، هكذا وصف أحمد السيد، تعامل الممرضات معه ومع والدته «نعيمة»، التى ترقد بغرفة العناية المركزة منذ أسبوعين بعد أن خضعت لعملية إيقاف للنزيف الداخلى، لافتاً إلى أنه يبقى فى المستشفى كمرافق مع والدته ويسمع فى الليل أصوات ضحك الممرضات دون مراعاة حالات المرضى أو أهاليهم: «التمريض مش بيتعاطف مع المرضى، ومن يومين مريضة اتوفت والأهالى بيصوتوا والممرضين كانوا بيضحكوا مع بعض عادى».
بينما تقف جيهان إبراهيم، موظفة، على بعد خطوات من المستشفى ذاته منتظرة عودة ابنها بعربته ليقلها من أمام بوابة المستشفى بعد أن خضعت لعملية إزالة ورم من ثديها واحتُجزت بالمستشفى لمدة أسبوع لحين شفائها بالكامل: «كنت بتعالج فى الاقتصادى والممرضات تعبت معايا الصراحة لأنهم كانوا رايحين جايين عليا ويجيبوا لى كل اللى أحتاجه»، وتتابع: «كنت بحاول أدى الممرضات فلوس على تعبهم معايا لكن عينيهم مليانة وبيرفضوا دايماً».