رفع أسعار الصحف يجدد الصراع بين "ولاء القارئ" والمواقع الإلكترونية
الصحافة الورقية تنتظر رفع أسعارها أول سبتمبر
أثار قرار زيادة أسعار الصحف المرتقب بدءا من سبتمبر المقبل ردود فعل متباينة ما بين مؤيد ومعارض، فالجانب المؤيد يقلل من مخاطر زيادة سعر الصحيفة معتمدًا على أن ولاء القارئ لصحيفته قد يهتز في بعض الأحيان، لكنه سيستمر مهما زاد السعر بشرط وجود أفكار إبداعية تلبي احتياجاته، بينما يرى الجانب الآخر أن هذا القرار يعد المسمار الأخير في نعش الصحافة الورقية في ظل التراجع الحاد في نسبة التوزيع حاليًا، فضلاً عن انصراف الكثير من القراء خاصة الأجيال الجديدة إلى المواقع الإلكترونية.
وعقدت الهيئة الوطنية للصحافة، أمس، اجتماعًا تشاوريًا برئاسة كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، مع ورؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف القومية والخاصة، انتهى بإصدار 4 توصيات تقضي بتشكيل لجنة من المؤسسات الثلاث لإعادة سياسية التوزيع للصحف، ودراسة رفع أسعار الصحف بدءًا من 1 سبتمبر، وأخري لدعم الورق، ودراسة جدوى لإنشاء مصنع ورق.
علم الدين: الابتكار يحفظ للصحف قرائها.. وعبد الرحيم: رفع الأسعار مسمار أخير في نعش "الورقية".. وعبد العزيز: المستقبل لـ"الإلكترونية"
يقول الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، إن القارئ سيظل على ولاءه للصحيفة مهما زاد سعرها إذا وجد الصحيفة تلبي احتياجاته عبر استراتيجيات إبداعية جديدة ومبتكرة يعمل عليها المحترفون في الصحافة المصرية، لافتًا إلى أن رفع الأسعار للصحف أمر حتمي ولا يمكن التراجع عليه نظرًا لارتفاع متوقع في أسعار ورق الصحف بنسبة 45%.
وأوضح علم الدين في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن ارتفاع سعر الصحف قد يؤدي إلى المزيد من تناقص التوزيع لكن ذلك لن يحدث بصفة دائمة لأن ولاء القارئ لصحيفته قد يتردد فترة في الاستمرار لكنه سيعود إذا وجد الخدمة الصحفية مستمرة ومتكاملة بما يعني "أننا نحتاج وأنت تزيد" وعلى ذلك يجب أن تتخذ المؤسسات مجموعة من السياسات الجديدة والإجراءات أولها تطوير المحتوى الصحفي بحيث يتلاءم مع أذواق القراء المتغيرة ويصبح قادر على منافسة الوسائل الرقمية والصحف الأخرى.
وتابع رئيس لجنة التدريب بالهيئة الوطنية للصحافة قائلا: يتطلب ذلك أن نبدأ التعرف على الاحتياجات الرئيسية للقارئ بشكل علمي ومنهجي بمعني اللجوء إلى دراسات بحوث قراء الصحف بشكل منتظم للتعرف على استخدامات القراء للصحف ووسائل الاتصال الأخرى والاشباعات والتفضيلات وما يريدون وجوده بالفعل، وتقييمهم للأداء الحالي ورؤيتهم واقتراحاتهم وهذا شيء مطبق في العالم أجمع ويعتمد عليه في تقييم الأداء التحريري.
وأشار إلى أننا نحتاج أيضا إلى مزيد من الإفادة من النسخ الرقمية والمواقع والبوابات الإلكترونية للصحف المطبوعة بمعني ـن يكون هناك تناغم بين الإصدار الورقي والرقمي من نفس الجريدة بحيث لا يحدث نوع من التصارع ولكن تكامل بينهم من خلال توظيف تقنيات كثيرة جدًا تتيح الربط بين الاثنين كتقنية الاستجابة السريعة مثل شاهد الفيديو على موقع الجريدة، واستغلال البوابات الإلكترونية بعد وجود قيمة مضافة لها كمصدر للدخل، فمن الممكن للصحف أن تستفيد من التواجد الرقمي في تقديم خدمات ‘ضافية مقابل رسوم بمعنى يمكن أن تقدم تغطيات أكثر عمقًا ومقالات للكتاب.
وقال علم الدين، نحتاج لاستثمار المواقع الإلكترونية بحيث لا يكون المنشور عليها مجانا لتحقيق مصدر دخل، أيضا ضرورة وجود سياسات للتوزيع جديدة يجب اتباعها والبحث عن منافذ جديدة للتوزيع كإطلاق حملات وبرامج لإعادة القراءة للمطبوع إلى مكانته، فضلاً عن دراسة أساليب التوزيع الحالية ومنافذها وأدواتها بحيث يمكن الدخول للمولات والنوادي، أيضا جهود شركات التوزيع الكبرى في مصر لابد من إحداث تكامل بينها وهي الأهرام ودار التحرير وأخبار اليوم لتغطية مصر بشبكة توزيعية جديدة لأن الشبكة الحالية تعكس واقعا تجاوزناه من سنوات عديدة.
من جانبه، يقول جمال عبد الرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن القرار المرتقب برفع سعر الصحف "غريب" لأنه يصدر بدون دراسة لأن الصحافة الورقية في حالة انهيار تام في السنوات الأخيرة باعتراف رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر عندما قال غن توزيع جميع الصحف المصرية لا يتعدى 300 ألف نسخة في اليوم منذ شهور قليلة، على حد قوله.
وتابع عبد الرحيم كان يجب من البداية تطوير المادة التحريرية لأن الصحافة المصرية الورقية لم تواكب التطور الذي حدث في التقدم الإلكتروني والإنترنت والمواقع الخبرية لأن الخبر ما زال هو الأساس في الصحافة الورقية والمادة الخبرية لم يعد لها قيمة حتي يقتنع بالزيادة لكنها ستؤثر سلبًا بشكل كبير جدًا على التوزيع، وبالتالي فإن "القرار يعد المسمار الأخير في نعش الصحافة الورقية".
وأوضح رئيس تحرير الجمهورية الأسبق أنه منذ أن نشأت الصحافة الورقية وتعلمنا في الجامعة أن المطبوع يتكلف أكثر من ثمنه عدة أضعاف وتعلمنا أيضًا أن الإعلانات هي التي تغطي الفارق في التكلفة، فالمشكلة الحالية أن الإعلانات غير موجودة بسبب فشل إدارة المؤسسات، والهيئة الوطنية للصحافة ماذا فعلت منذ تولت المسؤولية؟ هل قامت بتطوير المؤسسات والمادة التحريرية؟
بينما قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن الصحافة المطبوعة في مصر في طريقها إلى وجود محدود ورمزي ولا ينصح ببناء استراتيجيات على الصحافة المطبوعة لان نمط التعرض والتلقي في مصر يتجه بسرعة في مصر نحو الصحافة الإلكترونية لذلك فهذا استثمار في الماضي وليس في المستقبل.
وأشار عبد العزيز إلى أن الصحافة المطبوعة ستواصل التراجع بغض النظر عن السعر وطريقة التناول لأن الأجيال الجديدة والأصغر سنًا يعتمدون على التعرض الإلكتروني.
وتابع قائلا: الأرقام تظهر التراجع الحاد في توزيع النسخ المطبوعة بشكل مطرد سنة بعد سنة، فارتفاع السعر لن يحل المشكلة لكن على العكس فمن الممكن أن يقلل عدد من يشترونها فزيادة السعر تفاقم الأزمة والحل هو الاستثمار في المستقبل متمثلا في الصحافة الإلكترونية.