حجاج سوريا فرقتهم الحرب وجمعهم بيت الله بعد رحلة سفر طويلة
حجاج سوريا
لم يعد الحج فريضة دينية لدى الحجاج السوريين فحسب، فبعد أن ألقت الحرب بظلالها على سوريا، بات حاجة ملحة لأهلها، للدعاء خلاله بانتهاء المأساة التي حصدت أرواح الآلاف منهم، وهجَّرت الملايين في الداخل والخارج.
أصبحت رحلة الحج شاقة على السوريين، بسبب الصراعات التي تشهدها دولتهم، بل وتختلف معاناة حجاج الداخل، كلُ حسب المنطقة القادم منها، فكلما كانت المدينة بعيدة عن الحدود البرية وتقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة الإرهابية، كلما زادت المسافة والمعوقات.
وبحسب قول الحاج أحمد السفراني، من مدينة مارع، القريبة من حلب: "نحنا الحجاج الوافدين من مناطق الصراعات بنطلع على المعابر البرية، معبر باب السلامة وباب الهوى، ومنها بنطلع على مدينتي عنتاب والريحانية في تركيا، نركب من المطارات التركية على جدة السعودية مباشرة".
ينتظر حجاج سوريا في الطريق البري والمعابر الحدودية 14 ساعة تقريبا لإكمال الإجراءات
"ساعات يقضيها الحجاج السوريون في الانتظار بالطريق البري والمعابر الحدودية تصل إلى 14 ساعة"، وأضاف الحاج أحمد، الذي أدى الفريضة، العام الماضي، لـ"الوطن"،: "بنضطر ننتظر نهار كامل لحتى يخلصولنا ورقنا وكل الإجراءات اللازمة على الحدود، مشقة كبيرة على كبار السن والنساء، لكن ما في بديل تاني لزيارة بيت ربنا،.
"قبل هيك، كنا بنطلع من مطارات بلدنا على المملكة السعودية مباشرة، ما كنا مضطرين نفوت بطريق طويل كله عصابات مسلحة وتفتيش بالنقاط التابعة لهم"، هكذا عبر الحاج السوري عن رحلة الحج في زمن الحرب التي اعتبرها أملا وحيدا للدعاء لبلده بصلاح الحال وزوال الأزمة، مؤكدا أنهم تعرضوا لمضايقات من الإرهابيين طوال الطريق.
19 ألف حاج، إجمالي عدد السوريين الذين استقبلتهم المملكة السعودية هذا العام، قادمين عبر طرق مختلفة من الداخل السوري ولبنان والأردن ومصر وتركيا والإمارات والكويت، وذلك عبر التنسيق مع مكاتب معتمدة للجنة الحج العليا السورية في كل دولة من الدول السابقة.
وحسب تصريح عبد الرحمن النحلاوي، مدير المكتب الإعلامي للجنة الحج العليا السورية، لـ"الوطن"، يسجل الحجاج السوريون أوراقهم، ويرافقهم في رحلتهم كوادر من لجنة الحج السورية من سفرهم حتى مطار جدة.
1800 دولار تكلفة رحلة الحج للسوريين وتختلف حسب كل بلد قادم منها الحجاج
على عكس ما كانت عليه في السنوات السابقة للحرب والصراعات، بلغت تكلفة رحلة الحج السورية هذا العام نحو 1.800 دولار، وهو مبلغ كبير، مقارنة بالأعوام الماضية، ويختلف حسب عملة البلد التي يأتي عن طريقها حجاج سوريا، بحسب قول النحلاوي.
نازحو سوريا الذين اتخذوا مخيمات لبنان ملاذا آمنا لهم، كان لهم نصيبا من الرحلات التي استقبلتها مكة هذا العام، فخرج العشرات منهم، كل له قصته ومعاناته التي لا يمحوها الوقت ولا الأيام، وقفوا إلى جانب أهاليهم القادمين من الداخل السوري، فرقتهم الحرب وجمعهم بيت الله، يتضرعون أمامه من أجل سلام اشتاقت إليه أنفسهم بعد طول معاناة.
من مخيمات عرسال للاجئين في لبنان، خرج نحو 20 سوريا فقط، عبر حافلة تتجه صوب مطار بيروت، استعدادا لنقلهم إلى السعودية، بعد تسجيل أسمائهم عبر مكاتب رسمية للحج، وتولى المشرفون بالمكاتب إتمام الإجراءات اللازمة، حسب قول خالد رعد، رئيس لجنة مخيمات "عرسال".
وأضاف رعد لـ"الوطن"، أن النازحين الذين يذهبون إلى الحج من مخيمات عرسال، يحصلون على الأموال من الدعم المادي الذي يصل إليهم من أقاربهم في دول الخليج أو الدول الأوروبية، مشيرا إلى أنه ومع انحسار تواجد قوات جبهة النصرة وداعش، زالت المعوقات التي كانت تواجه الحجاج، وأصبح الأمن مستقرا، ويكفي أن يحمل الحاج بطاقة هوية تفيد بحصوله على إقامة بلبنان، لتجنب التعرض لأي تحقيق من جانب أحد أفراد الجماعات الإرهابية.