رحلة حجاج العراق من ساعات الرعب إلى الأمان التام
حجاج العراق
كانت رحلة الحج لأهل العراق احتفالا دينيا مبهجا يجتمع فيه الأهل لتوديع ذويهم، وتستمر مراسم الوداع حتى يخرج الحاج من بيته في طريق لا تعيقه أي عقبات متجها نحو مطار مدينته، يقضي نحو ساعتين فقط بالطائرة، حتى يصل إلى أرض المملكة العربية السعودية سالما دون أي معاناة.
تبدلت خريطة الرحلة السابقة تماما لسكان المدن العراقية التي سقطت تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، وباتت رحلة الحج لسكان الموصل منذ تاريخ العاشر من يونيو عام 2014، مغامرة خطيرة مع عناصر التنظيم الإرهابي، إما النجاة منها والفوز بزيارة بيت الله، وإما السقوط في معتقلات التنظيم الذي أعدم العديد منهم عند نقاط التفتيش الممتدة على طول الطريق.
جغرافية طريق الموصل الصعبة، ساعدت عناصر التنظيم الإرهابي على تحويله إلى ثكنات عسكرية خاصة بهم، يتعرض كل المارة عليها إلى التفتيش المهين، وحسب قول الحاج "باسم قاسم" الذي أدى فريضة الحج عام 2014: "لم يسلم الحجاج من مضايقات داعش طوال الطريق قبل الوصول إلى مطار بغداد".
حجاج العراق.. تفتيش واعتقالات على الطريق من عناصر داعش
"الحاج في بلدنا كان بيخرج من بيته روحه في كفه، وما بيعرف إذا كان راجع ولا لا".. بصوت مرتعش تذكر فيه الحاج باسم، مرارة ساعات الرعب والخوف التي عاشها خلال رحلته إلى الحج، إبان فترة سيطرة داعش على مدينته، رأي خلالها عند نقاط للتفتيش تابعة للتنظيم الإرهابي، عدد من الحجاج المعتقلين بتهمة الاشتباه بهم، وآخرين سمعوا أخبار إعدامهم على الطريق، ولكن حسب قوله: "اللهفة لرؤية بيت الله، كانت أقوى من الخوف من إرهاب داعش".
عقب 3 أيام متواصلة قضاها الحاج الموصلي داخل السيارة في طريق ترابي غير ممهد برفقة عدد من الحجاج والمشرف المسؤول عنهم، وصل إلى العاصمة بغداد التي نجت من قبضة التنظيم، وظلت تحت حكم السلطة العراقية، آنذاك، وعلى أعتاب المدينة خرج الحجاج من السيارة يتنفسون الصعداء حتى افترقوا منهم من اختار إكمال الطريق إلى الأراضي المباركة جوا عبر مطار بغداد ومنهم من اختار أن يدخل في مغامرة جديدة في الطريق البري مع إرهاب داعش عبر منفذ"عرعر" الحدودي مع السعودية، كلُ حسب استطاعته المادية.
خلال عامي 2015 و2016، حُرم سكان الأماكن التي وقعت تحت قبضة داعش في العراق من أداء فريضة الحج، بعد أن فُرض عليهم الحصار الكامل، حتى جاء العام 2017 يحمل بشرى الخلاص من ظلام إرهاب التنظيم، وانطلقت فيه قافلات الحجاج بحلول موسم الحج إلى بيت الله الحرام، وعادت الحياة لطبيعتها، ولكن لا يزالون يعانون من غلق العديد من المطارات ما يضطرهم إلى السفر برا إلى أحد المطارات الجوية بإحدى المدن القريبة.
"هالعام الطرق أكثر أمان، ومو كل الرحلات طلعت بري، في زخم أكبر بالمطارات".. هكذا بدأ حسن ريكان، أحد أبناء مدينة السماوة بجنوب العراق ويستعد لأداء فريضة الحج هذا العام، حديثه، عن رحلة الحج في عدد كبير من المدن العراقية للسنة الحالية بعد تحرير غالبية الأماكن من قبضة التنظيم.
ريكان، الذي يمتلك والده شركة سياحة دينية، ويعمل في هذا المجال، أكد أن الحياة بدأت تعود تدريجيا لعدد كبير من المطارات، وحسب حديثه لـ"الوطن"، فإن غالبية رحلات الطيران، انطلقت من مطار البصرة، وسط تأمينات شديدة من الأمن العراقي، وتم تسيير عشرات الرحلات منذ بداية الموسم الحالي جوا دون الحاجة إلى قطع طرق غير آمنة وغير ممهدة.