هناك كتاب شهير للكاتب جون جراي باسم "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة".
الكتاب يتناول فكرة عبقرية وهي أن الرجل والمرأة ليسا جنسين لنوع واحد أو لفصيل واحد من الكائنات الحية بل كل منهما هو فصيل مختلف، ووضح هذه الفكرة في كتابه بتصور أن النساء كائنات كانت تعيش على كوكب الزهرة والرجال كائنات أخرى تمامًا كانت تعيش على كوكب المريخ، لكل منهما صفاته وحياته وطريقة تفكيره المختلفة ونتيجة ظروف ما اجتمعا على كوكب الأرض وعاشا سويًا مع احتفاظ كل منهما بصفاته التي جاء بها من كوكبه. ونتيجة الاختلافات بينهما فعادةً ما يحدث خلافات كثيرة نتيجة اختلاف تصورهما وطريقة تعاملهما مع المشاكل والأحداث الحياتية.
الكتاب فعلًا يطرح في فصله الأول فكرة عبقرية كلنا نؤمن بها ولكن بعد ذلك .......لا شيء.
باقي الفصول هي عبارة عن تفصيل للمشاكل وأسباب حدوثها. أين الحل؟ للأسف غير موجود.
الحقيقة أن فكرة أن الرجل والمرأة نوعان مختلفان أو ربما رتبتان أو فصيلتان أو شعبتان أيًا كان مسمى التصنيف هي فكرة تفسر الكثير من الظواهر التي تدل على الاختلافات الكثيرة بينهما، فرغم بعض التشابه في الشكل والتركيب إلا أن المقارنة بينهما أصلًا لا تجوز، كأنك تقارن بين الباكتيريا الخضراء المزرقة و نجم البحر الهش، أو بين كسبرة البئر وحيوان خلد الماء.
خذ عندك مثلًا، نفترض أن مشكلة كبيرة قد حدثت، دعنا نرى تأثيرها على الرجل والمرأة، بعد مرحلة الصدمة الأولى والتي يختلف رد الفعل فيها حسب الشخصية لكن بعد ذلك ورغم إحساس الرجل بفداحة المشكلة فإن ذلك لا يمنعه من أن يتذكر أنه لم يأكل طوال اليوم أيضًا لا ينسيه أن هناك مباراة كرة قدم هامة ستذاع في نفس اليوم أو موعد الفيلم الذي ينتظره منذ أسبوع هذا ليس نقص إحساس ولا قلة تقدير للمسئولية ولكن الحياة لابد أن تسير ولن تحل المشكلة ولن يستفيد أحد من بقائه جائعًا.
أما رد فعل المرأة فمختلف تمامًا، إنها قادرة على إيقاف وظائفها الحيوية تمامًا حدادًا على المشكلة التي حدثت، بل إن بعضهن قادرات على عدم التنفس أيضًا وتؤكد بعضهن أن الكرة الأرضية تتوقف في مسارها حول الشمس حتى تجد هي حلًا للمشكلة الطارئة.
لذا لا تتوقع أن ترى النساء في رد فعل الرجال أية إحساس بالمسئولية أو تقدير للموقف، كذلك لن يرى الرجال في موقف النساء أدنى درجة من العقلانية، فكيف نتوقع تقريب وجهات النظر وسط هذه الهوة العميقة من الاختلاف.
يقول الكتاب أن المرأة عندما تحكي مشكلتها للرجل فإنها تحكيها فقط وليست تعرضها عليه لأخذ رأيه وعرض الحلول المقترحة، بينما يبدأ الرجل فور سماع المشكلة في محاولة إيجاد الحلول وطرح المقترحات، مما يغضب المرأة، وتبدأ الغدة فوق النكدية في إفراز هرموناتها بكثافة.
في المرة التالية يأخذ الرجل حذره فلا يقترح حلولًا إنما يحاول إبداء تعاطفه ومحاولة التخفيف عنها، وهنا تغضب المرأة مرة أخرى، ماذا يقصد الرجل بقوله "هوّني عليكِ، وكان من الممكن أن تكون الأمور أسوأ من ذلك" ، كيف أهون على نفسي؟ هل أحكي له كي يقول لي أن الأمور كان من الممكن أن تكون أسوأ؟ هل كان يجب أن تكون أسوأ حتى يشعر هو بحجم المشكلة؟
في المرة التالية يقرر الرجل أن يسمع فقط ويلجم لسانه ولا يرد، ولكن لا فائدة، فترى المرأة أنه غير مهتم بمعاناتها ويتركها تتكلم دون أن يكترث بها.
إذن ما الحل؟
عزيزي الرجل، على حد علمي لايوجد حل، عندما تأتيك العاصفة فاعلم أنك مدان لا محالة، أي مقاومة أو محاولة للدفاع عن نفسك وتبرير موقفك فقط ستزيد الطين بلة، عليك إرتداء البدلة الحمراء الخاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام والاستسلام لمصيرك.