بعد عودتها.. خبراء يضعون معايير نجاح حملات تنظيم الأسرة
صورة أرشيفية
إحياءً لمبادرة النجمة الذهبية التي أطلقت في تسعينات القرن الماضي، تعود وزارة الصحة والسكان لتطلق حملة جديدة تستهدف تنظيم الأسرة والتوعية بمدى خطورة زيادة السكان والحفاظ على صحة الأم والأبناء، وهي حملة تستخدم قنوات الاتصال الجديدة ممثلة في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و "فيس بوك" بالإضافة إلى القنوات التقليدية وهي الراديو والتليفزيون.
تعتمد الحملة أيضا على استخدام قوالب كوميدية تظهر فيها الفنانة شيماء سيف والفنان الكوميدي محمد ثروت وأغنية مُصورة بتقنية الرسوم المتحركة تؤديها مي كساب والمغني أوكا.
وعلقت الدكتور سحر السنباطي، رئيس قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "رأي عام"، على قناة "TEN" على حملات التوعية التي تطلقها الوزارة من أجل تنظيم الأسرة وتوعية الأسر بمدى خطورة زيادة السكان، موضحة أن التوعية تأتي للحفاظ على صحة المرأة والأطفال.
"الوطن" تواصلت مع عدد من خبراء التسويق والإعلام للوقوف على أهم العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تنفيذ حملة جديدة تستهدف التأثير في عادات اجتماعية وأفكار راسخة للحد من الزيادة السكانية لضمان نجاحها.
الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، يرى أن الاستمرارية في الحملات هي العامل الأهم لنجاحها وتأثيرها، حيث كان يتم تفعيلها فقط عند توافر التمويل وإيقافها بعد انتهاءه، ولا يجب الاكتفاء بحملات عامة دون استخدام قنوات اتصالية تساعد في الوصول للجمهور المستهدف في أماكن تواجده مثل المحاضرات والمنشورات الدعائية في المراكز الصحية والاتصال الشخصي face to face communication.
وأضاف العالم لـ"الوطن"، أنه يجب مراعاة أننا نتعامل الآن مع جيل جديد من السيدات يحتاج نوع جديد من التوعية التي تفرضها متطلبات الوعي المتغيرة.
وأوضح أستاذ الإعلام، أنه يجب توفير وسائل التنظيم في المراكز الصحية وتوعية الممرضات والرائدات الريفيات حتى يمكنهم شرح مفهوم المباعدة بين أوقات الإنجاب للجمهور الذي يختلف مستواه العقلي من فرد وآخر.
ومن جانبها، قالت الدكتورة كاريمان فريد، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الحملات القديمة والتي كان آخرها الحملة المعروفة باسم "حسنين ومحمدين" كانت تقوم بدعم من هيئة المعونة الأمريكية ويسبقها أبحاث ميدانية وتسويقية للتعرف على طبيعة الجمهور المستهدف ومن يؤثر على قرار الإنجاب وقنوات الاتصال المناسبة وكذلك قادة الرأي الذين يمكن أن يؤدوا الرسالة الإعلانية ما جعل بعض هذه الحملات تؤتي ثمارها بشكل جيد وعلينا الاقتداء بها.
وأضافت فريد لـ"الوطن"، أنه يجب الإعلاء من إجراء البحوث الميدانية كخطوة أولية قبل البدء في تخطيط وتنفيذ وانتاج كل حملة، حيث تختلف الظروف المجتمعية والاقتصادية من مكان لآخر، ما يعمل على تغيير خريطة السوق الذي تُقدَّم فيه الحملة، وبالتالي تتغير المرتكزات ودوافع الأسرة في اتخاذ قرار الإنجاب.
وأوضحت أستاذ التسويق، أنه كان يتم عمل حملات موجهة للزوجة من قبل ولكن بعد عمل أبحاث ميدانية تبين أن المؤثر في اتخاذ قرار الإنجاب هو الزوج ثم والدته "الحماة" ثم الزوجة لذلك وجب في هذه الحالة أن يتم عمل رسائل إعلانية تتناسب مع متخذي القرار.
"مراعاة ضوابط سحب العينة من المجتمع"، عنصر آخر من عناصر نجاح حملات تنظيم الأسرة شددت عليه فريد، بحيث يكون التمثيل صادقًا لأفراده من الريف والحضر ومن الذكور والإناث ومن فئات التعليم المختلفة والمستويات الاقتصادية وذلك للوصول للدوافع التي تتحكم في القرار.
وضربت فريد المثل بحملة الجفاف التي أدت الفنانة كريمة مختار دور قائد رأي فيها، ليتم تدريس هذه الحملة في اليونسكو كمثل يُحتذى به في الدول النامية بعد أن انخفضت نسبة الوفاة بسبب جفاف الأطفال إلى 30%.
"واحدة ساكنة في الريف مش معاها فلوس تركب وتروح المركز للوصول لوسائل تنظيم الأسرة"، وفقًا لفريد فإنه من خلال الأبحاث والتسويق، يُدرك القائم على الحملة وجود مثل هذه المشكلة ليقوم بحلها من خلال تحديد سياسات تضع حلول لمشكلات الجمهور المستهدف عند تنفيذ حملة تقوم على إشراك المجتمع في وضع السياسات.
وتتابع فريد حديثها لـ"الوطن"، بأن تنظيم الأسرة قضية شائكة تتعلق بمفاهيم وعادات وتقاليد ونواحي دينية واجتماعية يجب وضعها في الاعتبار عند اختيار استراتيجية الإعلان، ويجب وضع سياسة تسويقية متكاملة تعتمد على مزيج تسويقي وليست فقط حملة ترويجية، فالتسويق المتكامل يشمل التخطيط لسعر الخدمة وتوزيعها بطريقة مناسبة للفئة المستهدفة وفي حالة تنظيم الإنجاب هي أدوات تنظيم الأسرة التي يجب توفيرها بالمجان بل وتوصيلها بالمجان، حسب تعبيرها.
ويشمل المزيج التسويقي المتكامل أيضا منافذ تقديم الخدمة ومقدميها وهم الأطباء والتمريض والرائدات الريفيات في الوحدات والمراكز الطبية المتخصصة، وفقا لرأي فريد.