«عالمة نابغة».. رباب هلال عاشقة علوم الشمس: الفرص الأكبر فى مجالنا يقتنصها الرجال
رباب هلال
منذ صغرها كانت من عشاق الفيزياء، جنيهان من محافظ المنيا، كانا جائزتها الأولى لتفوقها فى الشهادة الإعدادية، اختارت كلية العلوم بجامعة القاهرة بمحض إرادتها لتدرس بقسم الفيزياء رغم رغبة والدها فى التحاقها بكلية الطب.
الصدفة قادتها للتقديم فى مسابقة لشغل وظائف بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بعد التخرج، لتنجح وتحظى بالتعيين، كانت تود لو التحقت بقسم الفيزياء بالمركز القومى للبحوث، لكنها أقنعت نفسها بالارتباط الوثيق بين الفلك والفيزياء، لتصبح رائدة فى علوم الشمس والفضاء على مدار 45 عاماً قضتها بين جدران المعهد.
ثالث امرأة تعين فى الأقسام العلمية بالمعهد القومى للبحوث الفلكية
الدكتورة رباب هلال، أستاذ علوم الشمس والفضاء بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، وثالث امرأة تعين فى الأقسام العلمية بالمعهد، أكملت بعد ذلك دراسات الماجستير والدكتوراه فى تخصص الطاقة الشمسية، لم تثنها ضآلة نسبة وجود المرأة فى هذا المجال: «الفرص الأكبر فى مجالنا يقتنصها الرجال، لأنه يرتبط بالأماكن النائية، معظم المهمات يستوجب أداؤها من خارج المنزل، وكثيراً ما يتطلب الأمر الإقامة لعدة أيام فى معسكرات خارجية».
رغم صعوبة طبيعة العمل، تعتز بانضمامها إليه، وتسرد بفخر أبرز مجالات عملها: «نقوم بدراسة فيزياء الشمس ونشاطها وتطورها وتأثيراتها المختلفة على الأرض وتوزيعاتها فى أنحاء الجمهورية، وتنقيح التقاويم الفلكية وتحديثاتها، بالإضافة إلى رصد وتتبع الأقمار الصناعية، والمراقبة المستمرة للنشاط الزلزالى محلياً وإقليمياً ودولياً، وإجراء البحوث للتعرف على أسباب حدوث الزلازل والعمل على تقليل الأخطار الناجمة عن وقوعها، وتكثيف دراسات التنقيب عن الآثار».
لا أحصل على إجازات لتقليل الفجوة بينى وبين زملائى الرجال.. وعملى يستوجب السفر للأماكن النائية
دافعت عن مستوى مصر فى العلوم الفلكية، تتذكر مشهداً من إعارتها إلى السعودية: «فى ظل وجود معاهد لتدريس الفلك توفد أساتذتها للدول الشقيقة، لم يكن فى السعودية قسم للفلك»، تستشهد بذلك على ريادة مصر فى ذلك العلم منذ قديم الأزل، بالإضافة لغنى مصر بمصدر الطاقة المتجددة المولدة من الشمس: «عندنا 300 يوم مشمس فى السنة، فرصتنا هائلة فى توفير بديل نظيف للطاقة المتجددة من الشمس إذا توافرت لدينا التكلفة المطلوبة والمعدات اللازمة».
على مكتبها ترقد عدة ملفات متناثرة، يعلوها كشف يحتوى على تواريخ ثلاثة كسوفات شمسية كلية فى مصر خلال القرن الحالى، أفضت إليها الأبحاث، بخلاف الكسوف الأول الحادث عام 2006 وقد تم رصده من السلوم، ويهتم المجتمع الفلكى بكافة أفراده بهذه الكشوفات: «سيحدث أولها فى الثانى من أغسطس عام 2027 فى وادى الملوك بالأقصر، ثم يليه الآخر فى الثالث من مارس عام 2034 بالبحر الأحمر، وأخيراً فى الثلاثين من أبريل لعام 2060 بالسلوم، وترجع أهمية هذه الكسوفات إلى ما تكشفه من معلومات عن طبقة الكورونا، التى تصل حرارتها إلى ملايين الدرجات».
قلة فرص التوظيف للخريجين تعد عاملاً فارقاً لعزوف الكثيرين عن الالتحاق بهذا القسم: «كافة تخصصات كليات العلوم تواجه مشكلات فى شغل الوظائف، بيضطر غالبية الخريجين لتحويل مسارهم إلى التدريس».
وصفت مرحلة ما قبل حصولها على الأستاذية بالعصيبة: «تعرضت لمضايقات عند ترقيتها كرئيس قسم لكونها سيدة»، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فهى أول سيدة ترأس قسم الشمس والفضاء بالمعهد فى عام 2010، بالإضافة لكونها القائم بأعمال رئيس قسم الفلك أيضاً. ترفع دوماً شعار أن السيدات لا ينقصهن أى شىء ليرتقين أية مناصب: «أرى أن السيدة العاملة أكثر إبداعاً وتنظيماً بين عملها وبيتها، لأنها تحرص دوماً على التفانى فى كليهما، وفى حال تعارضهما لا بأس من الاهتمام برعاية الأولاد فى المقام الأول ثم استئناف مسيرتها المهنية، وذلك لا يعيبها فى شىء». تعزف «رباب» عن الإجازات: «لم أطلب إجازة رعاية طفل سوى مرة واحدة فقط، لتقليل الفارق بين أدائى وزملائى الرجال إلى أقل ما يمكن».