سامى عبدالراضى يكتب عن أقدم سجين فى مصر: دخل السجن عام 1973 وقضى 45 عاماً بين الجدران وعاصر 30 مأموراً ورئيس مباحث
سامي عبدالراضي
كمال ثابت عبدالمجيد، هو أقدم سجين فى مصر.. أفرجت عنه وزارة الداخلية منذ يومين.. «كمال» جاوز الستين بسنوات قليلة.. قضى 45 عاماً داخل السجون.. ودخل السجن قبل شهرين من نصر أكتوبر.. عندما اشتبك فى مشاجرة بقريته «الديابات» قرب الجبل الشرقى بمدينة أخميم فى سوهاج.. كان ابن 19 عاماً عندما قتل 2 وتم القبض عليه بعد هروب استمر أسابيع وعاقبته المحكمة بالسجن المؤبد وقتها.. وفى السجن وقبل أن يتم عامه الأول ارتكب جريمة قتل جديدة.. وقعت بينه وبين أحد أفراد العائلة الثانية مشاجرة فى السجن وقتله.. وتم التحقيق معه وأحالته النيابة إلى محكمة الجنايات.. وعقب انتهاء العقوبة فى قضيته الأولى.. وقف أمام المحكمة من جديد.. محكمة غير التى وقف أمامها عام 1973.. وقف أمام هيئة أخرى وداخل قفص آخر.. وعاقبه القاضى بعقوبة مماثلة للتى خرج منها.. عاقبه بالمؤبد.
«كمال» هو أشهر سجين فى صعيد مصر.. ضابط برتبة مقدم فى المنيا قال: «السجين كمال قضى نحو 45 عاماً داخل السجن.. وهذا معناه أنه التقى ما لا يقل عن 15 مأمور سجن و15 رئيس مباحث سجن.. تداولوا المنصب فى تلك المدة.. وكذلك التقى عدداً كبيراً من السجانين والمساجين.. وسجله حافل بالصداقات والمشاجرات داخل السجن.. واستسلم الرجل لسنوات سجنه الأولى والثانية.. وبقى شاربه علامة مميزة له يختلف بها عن كثير من المساجين الذين دخلوا وخرجوا وكمال هناك».
«كمال» التقى عدداً كبيراً من السجانين والمساجين.. وسجله حافل بالصداقات والمشاجرات داخل السجن.. واستسلم لسنوات سجنه الأولى والثانية.. وبقى شاربه علامة مميزة له يختلف بها عن كثير من المساجين الذين دخلوا وخرجوا وكمال لا يغادر سجنه
فى صعيد مصر.. وتحديداً فى قرية الديابات بأخميم.. ارتكب كمال جريمته الأولى.. أيامها كان عدد سكان قريته لا يتجاوز الـ4 آلاف نسمة.. أما الآن فعدد السكان يقترب من 20 ألف نسمة.. (م. ا) واحد من أقارب «كمال» تواصلت معه «الوطن» وروى بعض التفاصيل عن قريته وعن نسب «كمال» قال: «لا أتذكر شكل كمال.. هو من عائلتى.. من عائلة ناصر.. نحن عائلة كبيرة جداً ونحن المسيطرون على القرية ومن بيننا العمدة.. فما زالت القرية من القرى التى لها عمدة ويتواصل مع القيادات الشعبية والتنفيذية والأمنية.. وتربطه علاقات طيبة بأهل القرية جميعاً».
قريب «كمال» يواصل حديثه: «لا أذكر ملامح كمال.. فقد كنت صغيراً وقتها.. لم أتجاوز 3 سنوات عندما ارتكب جريمته وحبسوه.. حكوا لى عن قصته ونحفظها جميعاً ولكن لم أره حتى الآن.. وقريتنا الديابات هذه مختلفة عن جميع قرى الصعيد.. جدنا شخص واحد اسمه (دياب).. حضر من شبه الجزيرة العربية مهاجراً واستقر منذ مئات السنين.. وأنجب 14 ابناً.. كل عائلة الآن فى القرية تحمل اسم ابن.. دياب عند حضوره من شبه الجزيرة العربية تزوج بأميرة.. كان والدها يحكم منطقة فى الصعيد.. وعليه فكمال وأنا وباقى أبناء القرية أحفاد هذه الأميرة.. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد.. بل إن النَسَب الذى تمتلكه غالبية العائلات فى القرية يرجع بـ(دياب) إلى السيدة فاطمة ابنة الرسول.. وهو أمر معروف للجميع هنا فى سوهاج.. القرية مسالمة وطيبة وغالبية أهلها تلقوا التعليم وخصوصاً فى آخر 30 عاماً».
«كمال» ابن قرية «الديابات» فى سوهاج وجدته أميرة صعيدية ونسب جده يعود للسيدة فاطمة الزهراء
الرجل قال: «كمال لم يصل حتى الآن إلى قريتنا.. يقينى أن عقله لن يتحمل التغير الذى حدث.. حين سجنه.. كانت الشوارع ترابية والقرية دون كهرباء.. وكانت غالبية المنازل بالطين.. وكانت سوهاج محافظة صغيرة.. وشوارعها صغيرة.. وكان القطار يقطع رحلته من القاهرة إلينا فى 24 ساعة.. والآن فى 6 ساعات.. هل يتحمل عقله؟.. منازل جديدة ووجوه جديدة وهواتف محمولة.. وتطور العلاقات الإنسانية بين الأهالى.. وإيقاع الحياة السريع.. ربما السنوات التى تحملها داخل غرفة واحدة فى سجنه وعلى مدار 45 سنة ستكون كفيلة بأن يتحمل سنوات عمره الباقية.. فالسجن أعطاه قوة وقدرة على الصبر والتكيف مع الظروف.. ولكن لا أعرف حتى الآن.. هل سيعود إلى هنا.. أم يبحث عن مكان بعيد يقضى فيه ما تبقى من العمر.. فهو لا إخوة له.. ولا أبناء.. لم يكن قد تزوج حين القبض عليه.. إن عاد للقرية.. سنرحب به.. ويكفى سنوات عمره التى ضاعت.. وإن اختار مكاناً بعيداً وتاه عن العيون ومات بعيداً.. فسيكون صاحب الاختيار.. وإنا لمنتظرون».