مدير المركز: العمل مع «التوحد» أصعب من الإعاقة.. وعدد الأماكن لا يكفى للعلاج
محمد فتحي مدير مركز التوحد بالمطرية
قال محمد فتحى، مدير مركز التوحد بالمطرية، إن مريض التوحد لن يُشفى منه، والمراكز تكون تأهيلية فقط لمساعدة الطفل على الاندماج فى المجتمع، مع الفئات البسيطة والمتوسطة، وأقصى أمل يصل له ولى الأمر هو اعتماد الطفل على نفسه فى الأكل والشرب. وأضاف «فتحى»، فى حواره لـ«الوطن»، أنه يتم عمل خطط تأهيلية كل 3 شهور، وتقييم الخطة بعدها، على حسب قدرات الطفل.. وإلى نص الحوار.
«فتحى»: مريضنا لا يُشفى.. وأقصى أمل أن يعتمد على نفسه فى المأكل والمشرب.. والدولة تدعمنا بـ250 ألف جنيه سنوياً
ما سبب الإصابة بالتوحد، وما الهدف من إنشاء مركز متخصص فى علاج مصابى هذا المرض تحديداً؟- التوحد مرتبط بالجينات، وعلمياً لا يوجد سبب واضح له، ولا رقم الكروموسوم المسئول عن الاضطراب، والمركز يخدم أطفال التوحد بالتحديد، فسابقاً كان مصابو التوحد فئة ضمن المعاقين ذهنياً، ومعظم المراكز الموجودة حالياً تعالج مصابى التوحد فى مراكز المعاقين ذهنياً، وتم افتتاح المركز منذ 9 أشهر، على مساحة 1000 متر، ويُعد أول مركز متخصص حكومى لأطفال التوحد، والمراكز الحكومية الموجودة جميعها خاصة بالأطفال المصابين بالإعاقة الذهنية، والتوحد بدأ يصنف كحالة منفصلة عن الإعاقة الذهنية منذ التسعينات.
لدينا قائمة انتظار طويلة.. وتكلفة خدمة التوحد أعلى من الإعاقة الذهنية لدى الأطفال.. و90% من المرضى لديهم مشكلة فى العملية الحسية
هل هناك سن محددة للأطفال الذين يتم استقبالهم فى المركز؟- نستقبل من سنتين حتى 10 سنوات، والتوحد يبدأ من عمر 3 سنوات، فى المرحلة العمرية الأولى، ومعظم أولياء الأمور يلاحظون علاماته على أبنائهم المصابين به، مثل عدم اندماج الطفل معهم، وعدم معرفته بالمحيطين به مثل أمه وإخوته ووالده وأقاربه، ولديه لازمة حركية مثل المشى على أطراف الأصابع، أو حركات تكرارية مثل الرفرفة وتحريك يديه فى كل اتجاه، وعندما تناديه لا يستجيب رغم أن سمعه جيد إلا أنه غير منتبه، لديه أيضاً مشكلة فى الانتباه والتركيز، كما أن لديه فرط حركة، إلى جانب الصراخ الدائم والعناد، وانفعالاته ليس لها علاقة بالمواقف، فالموقف لا يستدعى الانفعال المفاجئ، ولديه مشكلة فى التواصل اللفظى وغير اللفظى، ولا يستخدم إشارات وليس لديه أى مقاطع صوتية، وحتى الحالات المصابة بالتوحد وتتكلم تردد الكلام، فمثلاً لو قلت للطفل «اسمك أحمد» يقول «اسمك أحمد»، كما أنه يتحدث دائماً بصفة الغائب، شخص منعزل، والأصوات التى يصدرها مبهمة ليس لها معنى ولديه مشاكل حسية، لا يتحمل وضع يدك عليه أو على شعره، ويكون مصاباً ببطء الحركة أو فرطها.
كيف يتم تدريب الطفل وتنمية مهاراته؟- يتم تقييم الطفل فى البداية، وكل أخصائى يبدأ التعامل مع الطفل بناء على التقييم الذى تم للطفل، فهناك جلسات للقدرات العقلية للطفل، وأخرى للسلوك التكيفى، والتخاطب، القدرات الحركية والتأهيل بالفن، العلاج الوظائفى، ومريض التوحد لن يُشفى منه، والمركز للتأهيل وليس للعلاج، لمساعدة الطفل على الاندماج فى المجتمع، مع الفئات البسيطة والمتوسطة، وأقصى أمل يصل له ولى الأمر هو اعتماد الطفل على نفسه فى الأكل والشرب، ويتم عمل خطط تأهيلية كل 3 شهور، ويتم تقييم الخطة بعدها، على حسب قدرات الطفل، وهناك حالات يظهر التحسن عليها بعد 3 أشهر، وحالات أخرى تستغرق وقتاً أطول، والتحسن عند مصابى التوحد بطىء، ويبدأ بأن يخرج الطفل صوتاً فقط ومن الممكن أن يتسغرق وقتاً كبيراً جداً لنطق حرف «الباء» الذى يدل على كلمة «بابا»، وبدأ الاهتمام بالتوحد فى مصر، وتم إنشاء كلية العلوم لذوى الاحتياجات الخاصة فى بنى سويف والزقازيق، تخرّج طلبة لديهم الفهم والقدرة على التعامل مع مصابى التوحد، وخريجيها يكون متمرساً.
هل هناك خطط لتطوير المركز؟- تم إنشاء غرفة البيئة الحسية متعددة الحواس، أو غرفة التكامل الحسى، وغرفة السيكوموتور لأطفال التوحد والشلل الدماغى، فكرة الغرفة أن هؤلاء الأطفال لديهم مشاكل فى الحواس نتيجة إصابتهم بالتوحد واضطراب فى الوظيفة الحسية، فالمخ لديهم ليس قادراً على فهم المعلومات بشكل صحيح، والفكرة من الغرفة إعادة تنظيم المدخلات الحسية، وإعادة البرمجة العصبية للمخ حتى يكون قادراً على فهم المعلومة، والأدوات جميعها مصنّعة فى مصر، غرفة الحواس بها طفل أو طفلان على الأكثر وعبارة عن أجهزة سمعية وضوئية وأجهزة خاصة بـ7 حواس مثل الشم واللمس والنظر والتذوق والسمع والإحساس بالاتزان والحركة والوضع بالمكان، 90% من مرضى التوحد لديهم مشكلة فى العملية الحسية، واضطراب الحس، وهناك أطفال من الشلل الدماغى وأطفال داون وأطفال لديهم صعوبات تعلم، هناك أطفال لديهم عسر فى القراءة والكتابة ونكتشف أن لديهم مشكلة بالعملية الحسية، والغرفة بها 35 مكوناً لها علاقة بالبصر والسمع والشم، أصوات تهدئهم وأصوات تجعلهم أكثر نشاطاً، وهى عبارة عن موسيقى معينة، أصوات عصافير، صوت بحر، على حسب كل حالة، وهى أكبر غرفة موجودة فى مصر، وتكلف إنشاء الغرفتين 100 ألف جنيه، وتأهيل الأطفال بهذه الغرف سيكون مجانياً، تبرعت به إحدى الجهات.
ما أبرز الشكاوى التى تلقيتها من أولياء الأمور؟- معظم شكاوى أولياء الأمور كانت مع المراكز الخاصة، ومصاريفها المرتفعة جداً، والتى قد تصل إلى 10 آلاف جنيه شهرياً، والمراكز الخاصة تعمل بنظام الجلسة، على عكس نظام اليوم الكامل، فالجلسة فى المركز الخاص بـ100 جنيه، والمراكز غير كافية لعلاج مرضى التوحد فى مصر، وعدد حالات التوحد فى الإناث أقل من الذكور بمعدل 1/4، والإعاقات الذهنية بشكل عام 14%، ولدينا قائمة انتظار، ويأتى للمركز أعداد كثيرة، والدولة تدعم المركز بـ250 ألف جنيه سنوياً، ودخل المركز لا يمثل شيئاً، لدينا أجهزة للمهارات الحركية والتوازن والتدليك، وأدوات بازل، وفى التخاطب المرايات، لتدريب الطفل على النطق من خلال التقليد. وهناك قسم نفسى، وخطتنا عبارة عن أنشطة، علاج بالفن، علاج وظائفى، والعمل مع التوحد أصعب من الإعاقة الذهنية، وتكلفة خدمة التوحد أعلى من الإعاقة الذهنية، لدينا 25 أخصائياً نفسياً، منهم حمَلة ماجستير، وخريجو تربية خاصة، وكل أخصائى مسئول عن طفل، عدد الأولاد 60 ولداً مقابل 20 بنتاً.
محمد فتحي يتحدث إلي " الوطن"